ملخص ملتقى براثا الفكري - العواطف والانحراف في عشية الظهور الشريف/ سماحة الشيخ جلال الدين الصغير
2017-01-07
* غير خفي على من يتابع الروايات الشريفة المتعلقة بعصر ما قبل الظهور الشريف انها تحدثت عن انحرافات كثيرة وتحدثت عن مظاهر ممهدة للانحراف فضلاً عن الانحراف نفسه وصولاً الى انحرافٍ يُقاتَل به الامام ص، وحري بالانسان المؤمن ما بين الفينة والاخرى ان يتلمس اقدامه اذا صح التعبير ليكتشف إن ما كان قريباً من هذا الانحراف او انه بعيد عن ذلك، وكما انه ليس فينا معصوم اذن لا نستغرب ان نُطالَب بان نكون مستَفَزّين دائماً لمعرفة حقيقة ثباتنا وطبيعة مواقفنا وانتماءاتنا الجدية، تجربة التاريخ تعطينا وضوحاً ان الذين كانوا يطمئنون لمواقفهم غرقوا وان الذين كانوا يشعرون بانهم ثابتون انزلقوا و ما عادوا من اهل هذا الطريق فما بالك لو اننا حُدِّثنا من قِبَل ائمتنا ص عن ان الانسان يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، و مع الحاله التي ننظر فيها الى الواقفة نجد ان الذين سقطوا امام المال، و مع الحالة التي نجدها عند الشلمغاني وامثاله نجد انهم امام حب الدنيا والجاه و حب التزعم سقطوا وسرعان ما لحقتهم لعنة الامام ص، ومع حالةٍ كالزبير و التاريخ الناصع الذي كان يتمتع به لكنه سقط امام العاطفة وأُبتلي بان خرج على امام زمانه، هذه الحالات ليست استثنائية في التاريخ بل مسار التاريخ يتحدث عن شيء كثير من هذه الاحوال وبالتالي لا يوجد فينا من يستطيع أن يقول اني بمنأى عن المنزلقات إن لم يحصن نفسه ، لذلك بالنسبة للمنتظِر لا يوجد مجال للمغامرة.
* حديث اليوم يتعلق بطبيعة تاثيرات العواطف على قرارات الانحراف، وبنفس النسبة يمكن ان نقول ان العواطف يمكن ان تؤدي الى الهدى لكن لا نريد ان نبحث في هذا الجانب وانما نريد تسليط الضوء على ما يمكن للعواطف ان تؤثر علينا فتخرجنا من الطريق، تحدثت الروايات عن فتن كثيرة وتحدثت عن ان العلاقات الاجتماعية في عشية الظهور ستكون سيئة للغاية بالاضافة الى كثرة ادعياء الضلال ودور الرويبضة في مجتمع ما قبل الظهور وهم التوافه الذين يتصدون للمسؤولية بلا اي استحقاق ولامنطق، لو جمعنا هذه الامور ووضعناها امام حالةٍ أُشير اليها في الروايات والتي سيُبتلى بها المؤمن بانه قد تتداخله حيرة في تحديد الموقف المطلوب امام خيارات متعددة، في حديث الامام الصادق ص من ان الفتن سوف تاخذ حتى الذي يشق الشعرة بشعرتين انما يشير الى حيرة امام الخيارات التي ستعرض، لو وضعنا كل هذه الحالات امامنا وعرضنا انفسنا امام هذه المنزلقات، وحسب مقتضى الروايات الساحة حينما يكون فيها حراك شديد لابد من ان تفضي بنا الى القول بان ثمة خطوط كثيرة، ما بين اناس يُنَصِّبون انفسهم للقيادة وبين المجاميع العامة للناس من منتظريبن وغيرهم والمنتظِر هو في اتون ذلك، لذلك لو جئنا بكل هذه الحالات ووضعناها امام اعيننا ما الذي يمكن لنا ان نتوقعه؟، لاشك ان الموقف سيكون معقداً والقرار لن يكون سهلاً فعوامل الاغراء والبغضاء الاجتماعي موجودة وعوامل العزل والهجران والتحلل الاجتماعي موجودة وعدم وجود الاخلاقيات وعدم وجود المعايير، فكيف سيكون وضع الانسان المتدين؟ وكيف سيستدل من بين كل هذه الخطوط على المسار الذي يوصله للهدف والنتيجة التي يتوخاها وهي حسن العاقبة ؟، البوصلة لن تكون دائماً قابلة للرؤيا فقد جربنا مع عواصف اجتماعية متعددة غياب الرؤية واشتباك الامور على الناس، فاذا كان هنالك تازم اجتماعي او سياسي او اخلاقي فبسبب حالة الهياج الذي افقد البوصلة وجعل الناس يتقحمون كيفما اتفق، لذلك السؤال ما الذي يؤدي بالناس الى الانحراف وهم ضمن مجتمعات المنتظرين ؟.
* لا شك ان الحديث هنا ليس عن المعتقدات فانها لا تتغير في لحظة او يوم اوسنة وانما يحتاج الانسان الى الكثير من المباحث حتى يصل الى أن يغير عقيدته، لكن هذا التغير الفجائي من المساء الى الصباح كما يرد في الروايات ينتج نتيجة اتخاذ موقف، وبالنتيجة هذا الموقف يجعله في الصف المعارض والسبب هو كمية العواطف التي تتداخل في اتخاذ مثل هذا الموقف، وعلى سبيل المثال نحب زعيماً وحينما يتخذ هذا الزعيم موقفاً خاطئاً، إن عملنا بمبدأ الحب لهذا الزعيم سنتابعه فيما اخطأ، وإن كان حبنا بشرط هو اننا نحب الرجال ماداموا على الحق عندها سيغادر هو ونبقى في طريق الحق، واذا كان هذا الشرط مشروط بشرائط اخرى بمعنى نحب هذا الرجل ولكن مصالحنا بيده هنا القضية اكثر تعقيداً من الحالة الاولى وبالنتيجة سيكون هنالك تذبذب بين المصالح وبين الحق الذي كنا نتحدث عنه، المصالح في بعض الأحيان تكون ضيقة الخناق جداً بحيث تُمَكِّن الشيطان في ان يوسوس للمؤمن بان يذهب اليها، لذلك في خضم وفي اتون احتدام العواطف وضغوطها على عقل الانسان وبصيرته كيف سيكون اتخاذ القرار؟، حينما نتحدث عن الصراعات الحزبية الموجودة الان نجد ان الكثير من الحق يتضح ولكن العواطف تجتذب الانسان وتقعده عن الحق وإن كانت القضية ليست بمصيرية، نجد هنا الولاءات للولائج هي الاعلى وهي المؤثرة في القرارات،
سبق ان قلنا ان الرواية التي تتحدث بانه لا يكون هذا الامر حتى تسقط كل بطانة ووليجة هذه البطانة والوليجة هي علاقات الحب والانتماء التي تكون بلا شرط، من ينتمي الى جماعة او منطقة او عشيرة او بلد او حزب وما الى ذلك كل هذه بطانات بل حتى الانتماء الى المذهب هو بطانة ايضاً لان الانتماء المطلوب والوحيد هو للامام ص كون عبر الامام ص تشخص طبيعة المذهب، المشكلة ليست في البطائن والولائج ولكن المشكلة ان لا نكون قادرين على تخطي هذه الولائج حينما ياتي قرار الايمان وقرار الهدى، لذلك المنطق الطبيعي هو كلما حررنا انفسنا من الولاءات التي لا تفضي الى حسن العاقبة كلما تمكنا من ان ندرك حسن العاقبة بيسر، نعم ربما من لديهم ولائج يتمكنون بطريقة او باخرى ان يتحرروا منها ولكن لايجدر بالانسان ان يغامر في اللحظة الاخيرة، فدائرة الانحراف تضيق كلما اقتربنا من الوقت المبارك، والسؤال ما هو العمل؟ الكل لديه عواطف واحاسيس وقيل لنا ان التوافه سيسيطرون على المجتمع والعقل سيُغيَّب وبالنتيجة هذه كلها ضغوط، لذلك لا يوجد خيار الا ان يكون المؤمن اقوى من العواطف وهذه القوة لا تنشأ بقرار وانما تحتاج الى مران وتحتاج الى عمل من شأنه ان يقلل ضغوط العواطف، نحن نعتقد بان الحاجة هي احد طرق الاذلال وهي احد طرق لوي الارادة واذلالها وهي احد سبل الانحراف، لذلك ينبغي استخدام سياسة عدم الارتباط باي حاجة والمقصود منها الحاجات التي تمسك بالارادة، ولو لم نحتج الحاجات التي بموجبها يُصنع حب زائف وخوف وهلع مزيف عند ذلك سوف لن يكون هناك من يستطيع التاثير علينا وقرارنا سيكون بايدينا وبالنتيجة مع تربية النفس نستطيع التخلص من جميع الولائج، تبتدئ القضايا بالاشياء الصغيرة وتنتهي بالاشياء الكبيرة عندها المال لن يؤثر وجاه الاخرين وسلطتهم لن تؤثر وما الى ذلك من الامور لن تُسقط الانسان.
* لا نريد التفصيل في طبيعة الهياج الذي حصل في مسالة غلق باب السيد السيستاني دام ظله قبل ايام، لكن لو راقبنا ردود الافعال سنجد ان العواطف هي التي حسمت المواقف والعقل غُيّب تماماً والعاطفة هي التي كانت تتكلم ومن ورائها الرويبضة تحرك الكلام وتترصد الناس، والا لا يحتاج الامر الى كل هذا الضجيج والاستنفارات الكبيرة التي أُتخذت في الساحة، هذا مثال بسيط جداً ويومي نلاحظه دوماً وهو مثال ليس استثنائي بوجود مندسين يحركون الامور لمصالح معينة، اليوم جميع الاحزاب وخصوصاً حينما تهتم بكسب الناس يكون اختراقها بكل سهولة ومع فقدان المعايير او تحولها الى معايير الولاء الشخصي وليس الولاء الديني للهدى او للحق في ذلك الوقت يكون امكان الغش والتسلق والتزلف والوصول سهل جداً، لذلك حذاري من الاندفاع باتجاه العواطف والمغالاة بها حباً او بغضاً في حين ان المؤمن يفترض ان يكون ارق من ان يحمل غيضاً على احد ولو عاش المؤمن هم الانتظار يفترض عدم وجود قيمة لبقية الهموم، عليه يجب ان ننتبه لعواطفنا خلال هذه الفترة وذكرنا سابقاً بان سنة ٢٠١٧ وسنة ٢٠١٨ ستكون صعبة جداً المهم هو كيف سنتعامل مع هذه الازمات؟، فاذا لم يكن لدينا بصيرة ونحب ونبغض كيفما اتفق كيف سنواجه هذه الازمات؟، وفي قضية صراع الاحزاب من اجل الحكم يجب ان نتذكر قول الامام ص " ان لا يبقى احد يقول لو حكمت لعدلت" الجميع سيحكمون لكن النتيجة هي الفشل، نعم الحكم من اجل تحقيق العدالة مطلوب ولا ينبغي الياس ولكن لا يوجد هناك مجال الى ان نتخذ لانفسنا اصناماً نقاتل من اجلها، فالكرسي والزعامة والجاه والرئاسة وما الى ذلك اصنام يمكن ان تُعبد من دون الله، رضوان الله تعالى على روح الامام الخميني كان يعتبر عمق السياسة يتجلى في الرواية التي تقول حب الدنيا راس كل خطيئة، حب الدنيا هو الذي يؤسس لكل هذه العواطف المزيفة و الاحاسيس الخداعة وهو الذي يصنع لنا الولائج، لذلك يجب علينا الصبر وعدم التقحم في الفتن وتربية النفس بعدم الحاجة لاحد في ذلك الوقت ياتي توفيق الله سبحانه وتعالى .
https://telegram.me/buratha