الصفحة الفكرية

ما هو عمود النار الذي سيندلع في المشرق فيتحقق فرج آل محمد صلوات الله عليهم؟


جابر الفضلي (منتظرون ٥): ما صحة هذه الرواية أو الحديث؟ لعله في كتب أهل السنة فقط

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (371) : عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم عمودا أحمر قبل المشرق في رمضان، فادخروا طعام سنتكم، فإنها سنة جوع».

الجواب: ورد محتوى هذه الرواية وإن بالفاظ مختلفة في العديد من مصادر العامة، ومع اختلافها في اللفظ غير أنها تركز على الربط بين نار في المشرق وبين سنة الجوع، ومنها رواية نُعيم بن حماد بسنده لخالد بن معدان قال إذا رأيتم عمودا من نار من قبل المشرق في شهر رمضان في السماء فأعدوا من الطعام ما استطعتم فإنها سنة جوع. (الفتن: ٢٣١ ح٦٤٩) 

وذكرها بسنده ايضا الى خالد بن معدان قال: قال إنه ستبدو آية عمودا من نار يطلع من قبل المشرق يراه أهل الأرض كلهم فمن أدرك ذلك فليعد لأهله طعام سنة. (الفتن: ٢٢٧ ح٦٣٣)

وقد يطلقون على هذه العلامة بآية الحدثان التي تحدث في شهر رمضان كما هو في حديث كثير بن مرة الحضرمي قال آية الحدثان في رمضان علامته في السماء بعدها اختلاف في الناس فإن أدركتها فأكثر من الطعام ما استطعت. (الفتن: ٢٢٧ ح٦٣٤)

وقد ذكر ابن ابي شيبة في مصنفه هذا الحدثان نقلا عن نوف البكالي. (المصنف ٨: ٦٠٦ ح٩٣).

والكلام يقع تارة في تفسير ذلك ومعرفة ما يراد به، وأخرى في معرفة مدى الاعتماد على مثل هذه الروايات.

وبادئ ذي بدء لا نمتلك طريقاً لتصحيح مرويات العامة الا ان نجد شاهدا لها في حديث اهل البيت عليهم السلام او ان نترك للواقع ان يحكم بشأنها، ولكن مع ذلك نلاحظ ان الرواية تشترك مع رواياتنا بقضية النار من قبل المشرق، ولدينا في هذا المجال روايتين أحدهما رواها الشيخ النعماني في كتابه الغيبة عن الامام الباقر صلوات الله عليه أنه قال: عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد (عليهم السلام) إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم. (غيبة النعماني: ٢٦٠ ب١٤ ح١٣).

والأخرى وردت على لسان الامام الصادق عليه السلام قال: إذا رأيتم علامة في السماء نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي، فعندها فرج الناس، وهي قدام القائم (عليه السلام) بقليل. (غيبة النعماني: ٢٧٤ ب١٤ ح٣٧)

ومن الواضح ان الاشتراك بهذا المقدار لا يعني بالضرورة توحيد قصتهما، ولكن لا دليل لدينا على المفارقة أيضاً، غاية ما هنالك ان الروايتين لا تشيران الى الجوع ولا تشيران الى توقيت ذلك بشهر رمضان، مع تأكيدهما على الارتباط بفرج آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين،

وما من شك لدي ان روايتا النعماني تتحدان في الواقعة، ومن الواضح ان المشرق بالنسبة الى جهة الامامين الصادقين  عليهما السلام هو مشرق الجزيرة العربية، من دون تحديد لموضع هذا المشرق هل هو في حدود الجزيرة او في الخليج او فيما يليه، ولكن القدر المتيقن ان هذه النار ستكون بوابة عظيمة للفرج، مما يعني انتهاء أزمة لعموم الناس، وعندئذ يمكن أن نتلمس خيطاً من الافتراق عن روايات العامة فيما يتعلق بالجوع، اذ ان الحديث عن فرج الناس من بعد النيران ربما لا ينسجم مع وجود جوع من بعدها وان كان ربما يكون الفرج في جانب من النيران والجوع في جانب آخر منها.

مما لا شك ان الحديث عن الفرج والجوع وما الى ذلك لا يدع مجالاً للشك بأن هوية النيران هوية حربية، بمعنى ان الفرج لا يأتي من مجرد حريق مهما بلغ شأنه، كما ان الجوع هو الاخر لا يأتي من خروج نار لاسباب طبيعية كما قد تخرج النار لسبب جيولوجي، ولذلك هنا نحن أمام أزمة سياسية وأمنية تنتهي باندلاع نيران بشكل حربي ويكون لهذه النيران أثراً مدوياً بحيث يتحقق الفرج من بعد اندلاعها، وهذا ما يعني ان النيران ستأكل عدو الناس والمتسبب بضر آل محمد صلوات الله عليهم، ولعلها في هذه المعطيات تلتقي مع رواية أهل المشرق المنتصرين الواردة عن الامام الباقر عليه السلام إذ قال: كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر. (غيبة النعماني: ٢٧٩-٢٨٠ ب١٤ ح٥٠) مما يكشف لنا أن النار لهم وانها ستلحق بعدوهم، وهي متحدة المضامين في شأن قربها من الظهور الشريف.

وما يبدو لي ان احتكاكاً امنياً واشتباكاً محدوداً لا حرباً شاملة هي التي ستعبر عنها هذه النيران لان الحديث عن الليالي الثلاث او السبع في اندلاع النيران لا تعبر عن حالة حرب شاملة، وانما تعبر عن اشتباك له نتائج سريعة جداً في انكسار الطرف المعادي لشيعة آل محمد عليهم السلام مما يجعله يستسلم فيتحقق النصر والفرج.

يبقى ان نتوقف لنعرف ماهية هذه النار ففي رواية عبادة بن الصامت أشار الى أنها حمراء وفي رواية الامام الباقر عليه السلام أشير الى أنها كالهردي العظيم، واعتقد انه لا تنافي في اللون لان الاحمر يستوعب لون الورس او الكركم وهو الأصفر المشوب بالحمرة، على ان التعبير بالعمود لهذه النار ما يظهر ان ثمة ضربة تستهدف مكانا واحداً هي التي توجد هذا العمود، لوضوح ان العمود لا يمكننا ان نتحدث عنه لنعبر عن عدة اماكن، وانما لا بد من ان مكانا واحداً ينتج استهدافه هذا العمود والذي يعني نيرانا هائلة، وأحسب أن إنتاج مثل هذه الصورة ليس سهلاً إلا من خلال أن يكون الهدف كبيراً وهائلاً ليحقق هذا الوصف، ولربما يغلب على الذهن ان مثل هذا الهدف والذي فيه هزيمة كاملة للعدو يتحقق إثرها فرج الناس وشيعة آل محمد عليهم السلام وتنفتح من بعده آفاق الظهور الشريف لا يمكن أن يكون أرضياً، والى هنا أنتهي الى نهاية المباح من الكلام ومن بعد ذلك لله أمر هو بالغه، والحمد لله أولاً وآخراً وصلاته وسلامه على رسوله وآله أبداً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك