إكرام المحاقري ||
تعالت الصرخات وتسارعت الهتافات وسقطت تحصينات العدو حين سماع دويها، وكأنها تلك الحرب النفسية العالمية التي جمدت العدو في مكانه، فتارة يتراجع للخلف، وتارة تنتابه نوبات التشنج حين سماع صرخات المجاهدين، ومن مران إلى جيزان إلى الحدود الفلسطينية هتف الاحرار بـالموت لأمريكا ـ والموت لإسرائيل، فسقطت العظمة الكرتونية تحت النعال، وكان الفشل حليفا لكل من مضى في سبيل الإرجاف والتخاذل، فقد قال تعالى: (وقل موتوا بغيظكم) (فبدل الذين كفروا قولا غير الذي قيل لهم)، فـ الزمان يعيد نفسه من جديد وذلك حال لسان المنافقين.
لم يكن شعار البراءة كلمات عابرة تحدث عما جال في خاطر الشهيد القائد رضوان الله عليه، بل أن لها دلالات إلهية عظيمة، ويمكننا الإجادة بقوله تعالى( وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى) ولسنا هنا في صدد الحديث عن مقام النبوة فقط، (فـ لكل قوم هاد)، وهذا ما بينه القرآن الكريم، ولم تأت الهداية ولم يشع نور البصيرة ولم تدق ساعات النصر إلا حين صرخ الصادقون (بشعار البراءة) والواقع يشهد على ذلك.
كانت تلك الصرخة آية واضحة في سورة (التوبة) حين تبرأ الله من الكافرين والمشركين يوم الحج الاكبر، وكانت تلك الثقافة هي من حفظت للحج مكانته ووجهته وهدفه الرئيسي نحو توحد الامة والتمسك بتشريعات الله والتنكر لاعداء الله، وقد تحولت الآيات القرآنية من جديد إلى آيات تتلى واقعا على أرض مواجهة الاعداء ليس فقط يوم الحج الاكبر، بل جهادا واسعا في سبيل الله ونصرة المستضعفين في الأرض، وكانت مشكاة نور احتوت كل من بحث عن الحرية ودار في فلك الولاية للإمام علي عليه السلام.
لقد ولد شعار البراءة من رحم الثقافة القرآنية التي تميز بها الشهيد القائد، فـأحيا بها أمة، وربى مجتمع، وأيقض الشعوب من سبات طال أمده تحت الوصاية الصهيونية، وكانت حبل نجاه لايقل شأنها عن سفينة نوح التي أنجت من صعد على ضهرها من الغرق، فمن ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى، فقد هوى الإصلاح وهوت معهم المكونات الأخرى، ممن اختاروا لانفسهم طريق العمالة والانبطاح، وتوسم بها الشعب اليمني الصامد نصرا مبينا حين حقق المستحيلات بتوكله على الله.. وحين تثقف بثقافة القرآن وتاصل بهويته الإيمانية اليمنية الأصيلة.
فمن جهل عظمة الشعار، فلينظر في كل ما يحدث للعدو من خزي وعار في الجبهات، وليتفكر في أثرها التي وصلت حقيقة إلى صرخة تخص الشعب اليمني وتعبر عن مواقفه التأريخية، فـ الشهيد القائد تحدث بكل ثقة أن الصرخة لن تقف في ذلك المجلس المتواضع ولن تقف عند حد معين، بل ستتحول إلى صرخة عالمية يهتف بها الاحرار في داخل الوطن العربي، وفي ارجاء العالم، فتلك التوقعات قد تحولت إلى واقع ملموس، وما تبقى هو أن نتفكر في سبب نزول سورة النصر، ومن بعدها فلتلهج السنتنا بالتسبيح والاستغفار، وعسى ربنا أن يوفقنا لنكون من عبادة المؤمنين، والعاقبة للمتقين.
https://telegram.me/buratha