عدنان علامه ||
كانت الأعراف القبلية في الجزيرة العربية تؤدي دوراً في عملية الضبط الاجتماعي والقيمي، وكان أفراد القبائل يستمدون استقرارهم وقوتهم ووجودهم من دساتير يتوارثونها شفاهة جيلاً بعد جيل، في أمور الشجاعة والبسالة، وحماية السابلة، وصيانة العرض والشرف، والحمية والنخوة واسترداد الحقوق، وكرامة الفرد والجماعة، وحماية الضعيف، وإكبار القوي، حتى يصل الأمر لإعطاء الحيوان والطير والزرع والشجر والحجر حقوقاً يقدرها كل رجالات القبيلة، سواءً كان خارجها أم داخلها، وكانوا يمقتون الضعف والإستكانة.
وأما في وقتنا الحاضر فأصبح من يدّعون العروبة يعتدون على بلاد أصل العرب؛ فيقتلون أهلها بالحديد والنار ويرتكبون بحقهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وما يسمى بجامعة الدول العربية أيدت العدوان وباركته ولا يزالون يدّعون بأنهم قبائل عربية؛ وتناسوا بأن رسول الله إختار أهل اليمن في كل غزواته دون غيرهم من القبائل.
فالأعراف والتقاليد توارثت من جيل إلى جيل ولا تزال متأصلة فيهم حتى يومنا هذا.
وقد اخترت مثالاً على كيفية الحفاظ على التقاليد العربية الأصيلة بالجهاد ضد الغزاة؛ ومن محاسن الصدف بأن هذه العشائر هي إيرانية الهوية وعربية التقاليد. وقد أقتبست رواية حرب المنيور من صفحة العشاير العربية على الفسيبوك مع فيديو يوثق الواقعة.
["بسم الله الرحمن الرحيم"
"حرب المنیور"
ماذا تعني لكم المنيور ؟ هكذا سألت اصحاب الشأن فكانت الأجابات كلها تقول بأنها ( الميراث البطولي ، الكيان الحقيقي أنها حرب بمعنی الجهاد حقاً) . ترحل بك الأمنيات الي سنوات لاتزال أصداؤها تعبر في خيالك سواءاً كنت في ذلك الزمن أم لم تكن ، و الی طرقات سفر شد فيها القلم مترنماً بالأهازيج الشعبية (يالهاوي الجنه اتبع عاصي ، يشهدله المنيور ابيومه ،من كارون العشمه وردت) ، بأرض الوطن الذي رغم غياب سيفه لكن لم يغب مجده..ارض و وطن تحدق بي وساوسه.تسحبني الأضواء صوب كلماتي..أری السؤال في عيني يلوي عنقي قبل أن يقذفني بسهم التعجب:لماذا المكان مهجور يضيق بالأنفاس و الاسم اصبح في النسيان..نعم إنها المنيور أي الجهاد الذي كان تلبية لفتوی علماء دين و مراجع عظام في النجف الأشرف و خوزستان.ففي صباح أليوم الثاني من شهر مارس عام1915 م و بعد مساء من صمت مريع كما قال الراوي زحفت القوات البريطانية بزعامة الجنرال روبنسن الي منطقة غدير الدعي (الدعج)،المنيور أي مقبرة الجهاد في عصرنا هذاحيث مقر قوات العشائر العربية آنذاك ..للتوغل هناك و لتعزيز سيطرتها علي تلك الاراضي و تعد تسمية المكان بمقبرة الجهاد اجلالاً لشهداء تلك الواقعة النيرة. وصدت لهم العشائر العربية في خوزستان علی رأسها قبيلة بني طرف التي كانت تمتلك الزعامة في تلك الواقعة. فقدمت العشائر العربية في خوزستان قواتها المجاهدة و رجالها البواسل بمواجهة العدو وجه لوجه حتی أصابوا العدو و استشهدوا أثناء هذه الحرب المئات من رجال العشائر تحت نيران طلقات القوات البريطانية و كانت العشائر تتصارع و تتعارض مع العدو بأشد السرعة و الشطارة و بأسلحتهم البسيطة و الساذجة كالفالة و السيف و الفاسة أو الطبر و المقوار و ألاسلحة المارتينية و قد قتلوا عدداً كبير من قوات العدو و لم تشن ساعات من الحرب و قد فتكت رجال العشائر بجنود الأنكليز و المدافع و بزعمائهم و زهقت القوات البريطانية الی الانسحاب و اغتنموا منهم تسعة مدافع و كانوا ينشدون بيزلتهم الدارجة (الطوب أحسن لو مگواري) و انتهت حرب الجهاد العادلة ضد المعتدي البريطاني بعد عشرين يوماً . فكانت بني طرف و من معهم من قبائل و طوائف أشد و أصلب ارادة و امضوا عزماً و اصراراً علی تحقيق النصر الحاسم و النهائي علی المعتدي البريطاني ، و لقد حققت حرب الجهاد الرائدة خلال العشرين يوم المنجزات الكثيرة و الانتصارات المشهودة في ساحه الوغی و هي تاج الحروب بحق و من القبائل و العشائر التي انظمت الي بني طرف و شاركت في حرب الجهاد هم : عشائر كعب و الساده آْلبو شوكه و الموالي و المشعشعيين و بيت العلوية و بيت سيد لفته و عشیره السواعد و السواري و الشرفة و الباويه و الزرگان و بني ساله و الفراطصه و المراونه و عبد الخان و آل كثير و السلامات و الحميد و خزرج و المجدم و البو غبيش و مزرعه ... يقول ويلسون الجاسوس السياسي : كنت في مدينة ألبسیتین و رأيت رجل يقود بجاموسته الی السوق للبيع ليشتري سلاح يحارب به و يقول لجاموسته سامحيني انت باب رزقي الوحيد و رغم معزتك لكن الدفاع عن الارض والوطن أهم.كما يصف ويلسون الدفاع و الشجاعة العظيمة التي رأها من العشائر العربية : (عشائر العرب كانت لديهم القدرة الرائعة و الممتازة في الحركة و هم كلما ركب فرسانهم تسابقوا من الآخرين و حتی فرساننا لم تصل اليهم و لا حتی قواتهم الرجالة كانت لديها سرعة كهربائيه و لا يقدر شخص أن يفر منهم الا و قتلوه او جرحوه و ...) و من ابطال واقعة الجهاد هم : الشيخ عاصي بن شرهان و الشيخ مطلب بن سبهان و الشيخ صدام بن زاير علي و علي بن عباس و الشيخ عوفي بن مهاوي و الشيخ خزعل بن كاظم من رؤساء بني طرف والسيد عنايه الشوكي والشيخ عنايه بن ماجد شيخ عشائر الباويه والشيخ قاسم علي شيخ عشائر الزرگان والشيخ ازباري شيخ عشيره بني ساله
من بطولات الشيخ عاصي الشرهان في الجهاد:
لقد سجل الشيخ عاصي أروع صفحات الجهاد حيث قاد عشائر بنو طرف ضد الانكليز في معارك دامية استمرت اكثر من عشرة ايام ابلى فيها بنو طرف بلاءاً حسناً حيث يذكر ولسن . أن نداءات الجهاد المذكورة لم تصادف هوى في قلوب اغلب القبائل العراقية وكان له صدى في ارجاء الحويزة يتردد فهب لها بنو طرف . ثم يضيف وامضينا الايام الثلاثة الأولى ننزل العقاب بقبيلة بنو طرف وما كان من وراء هذا العقاب طائل ولا جدوى وكانت المدفعية معنا فأخذت تصب حمم قذائفها على البيوت والاخصاص فاشتعلت فيها النار واحترقت الخيول والجواميس وكانت شواءاً حياً . ويضيف ولسن ان الشيخ عاصي لعنة الله عليه كان جباراً عتياً شقياً .
كذلك يصف ولسن احدى المعارك بقيادة الشيخ عاصي فيقول ما ان تقدمنا من دربنا ميل او بعض ميل الا شاهدت جماعة من الاعراب يتراوح عددهم بين ( 200 – 300 ) رجل جميعهم راجلين باستثناء رجلين احدهما يعتم بعمامة بيضاء والثاني على ما يبدو من لباسه ومقامه بينهم وسيره في المقدمة لا عادي ان يكون شيخا وعرفته بعد هنيهة انه الشيخ عاصي بن شرهان ( مقدم قبيلة وغطريفها النحيف الهائج الذي لا ينال ولا يصرع ومعبودها)] .
https://youtu.be/Oei49x23SsE
وبناء عليه فإن قادة السعودية والإمارات وتحالف العدوان لا ينتمون إلى القبائل العرببة الأصيلة وليس لهم أية صلة بهم لمخالفتهم أصولها وأعرافها وتقاليدها. فغدرهم وعدوانهم وإرتكابهم المجازر بحق الأبرياء يذكرنا بقطاع الطرق واللصوص أيام الجاهلية وهذا يؤكد أصولهم الوضيعة. ولا يحق لهم الإدعاء بالإنتماء للعروبة وأعرافها وتقاليدها؛ بعكس أهل اليمن الذين هبوا زرافاتٍ ووحدانا إلى نصرة فلسطين والتبرع بأموالهم وحليهم برغم الحصار والجوع وإنعدام الراتب . فنصرة المظلوم وإغاثة الملهوف والغيرة والحمية لديهم تثبت ان أهل اليمن هم أصل القبائل العربية ولهم أن يتباهوا ويفخروا بذلك.
وإن غداً لناظره قريب
https://telegram.me/buratha
