اليمن

اليمن/ أيام في مصانع الرجال

2001 2022-03-05

 

عبدالملك سام ||

 

في اليوم الأول تشعر كأنك طفل تركه والداه في المدرسة في أول يوم له في المدرسة ؛ الوجوه غريبة ، والأماكن والمشاعر والقوانين غريبة . حتى الأصوات والأضواء تشعر بها مختلفة وكأنك أنتقلت إلى كوكب آخر .. تبدأ تسأل نفسك ما الذي أتى بك إلى هنا ؟! تداري خوفك وأنت تشاهد الغرباء من حولك وهم يستكشفون معك هذا العالم الجديد .. تبحث عن مكان خاص بك ، وتحفر لك سرير في التراب ، ثم تغلق عينيك لعلك تصحو لتجد نفسك في منزلك الدافئ وفراشك الوثير ، ولكن هذا لا يحدث !

في اليوم الثاني تتعلم كيف تتعايش مع الطبيعة حولك ، فقد قضيت ليلة ليلاء مع أصوات الوحوش والحشرات ، ونهضت في الصباح بعينين متورمتين من قلة النوم .. تعاني من الصداع وأنعدام التركيز ، وكل مفاصلك تؤلمك من الأرهاق . يأتي الشاي ومعه وجبة الإفطار ، وتتعلم درس اليوم : المشاركة . بعد الأفطار تتحضر لتتسلم عدتك ، وتنقسم المجموعة الى مجموعات ، وتبدأ بالتعرف إلى أفراد مجموعتك ومدربيك ، وعندما تخلو لنفسك في نهاية اليوم تسأل نفسك مرة أخرى : ما الذي أتى بي إلى هنا ؟!

مع الأيام تلاحظ أنك بدأت تألف أشياء لم تعرفها من قبل ، فتتعلم كيف تتعايش مع الطبيعة حولك ، ومكانك يغدو مريحا ، وتتعلم معنى الأخوة ، وتستسيغ العيش هناك ، وتحس صحتك باتت أفضل ، ولياقتك تحسنت ، ونظرك صار حديد ، وبأن جسمك بات كالصخر . تتعلم كيف تكون جزءا من مجموعة ، وتختلق عادات جديدة ، وتتخلص من أمراض العصر . رفاقك باتوا أهلك ، وأنت فرد من المجموعة التي بت تعتمد عليها ويعتمدون عليك . تضحك من سقاطاتك ، وتستمد من تشجيعهم القوة على الأستمرار . وعندما يأتي الليل تتعلم كيف تنام قرير العين لأن هناك من يسهر لأجلك كما تفعل أنت .

بعد مدة يأتي المدرب ليخبرك بأنك دخلت مرحلة جديدة ، تحمل عدتك وتودع المكان الذي أعتدت عليه لأيام ، وتلتحق بالرفاق في المسير . لقد تغيرت فعلا ، فما عادت الأشجار والليل وأصوات المخلوقات تخيفك ، صرت تستطيع أن تحدد موقعك ووجهتك وفي أي يوم أنت ، صرت تستطيع أن تعيش على القليل وتستحم في الهواء وتنام في أي مكان ، لقد نسيت الجوع والعطش والأرق . ومع الأيام يتغير جسمك فتتخلص من الدهون واللهاث والقلق . والأهم من هذا كله أنك بت تفكر بذهن صاف فتعرف ما المهم حقا ، وتسخر من تلك الأفكار التي كنت تراها مشاكل كالجبال !

الآن صرت محاربا أسطوريا كالذين قرأت عنهم في الكتب يوما ما ، وأصبحت تستطيع أن تتعرف على الأسلحة كأنك ولدت معها . تعرف أشياء ما خطرت ببالك يوما ، كالألغام والقذائف وعياراتها ، والأسلحة وأستخداماتها . صرت تستطيع أن ترصد الأليات وتدير الخطط كقائد محنك ، بل أنك تعلمت كيف تدوخ الأقمار الصناعية وتتفادى المسيرات . صرت تعرف كيف تتصرف في ساعات الالتحام والمواقف الجسام .. أنت الآن مستعد لمواجهة المستحيل فتقهره ، والمواقف التي ستسطرها لاحقا ستكتب في كتب التاريخ ، وستقرأ الأجيال القادمة عن رجال الله فيتعلموا منهم معنى البسالة والبطولة ، ويكفيك فخرا أنك صرت من رجال الله .

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك