عبدالملك سام ||
سألني (مشعل) - طبعا هذا ليس أسمه - عن الولاية، وقبل أن أجيبه راح يطلق النكات ويسخر من الأمر قبل أن أجيب! أما أنا فقد وقفت مغتاضا للحظات لأني أعتقدت أن الله هداه فجاء يسأل ليفهم! صحيح بأني كنت أشك في نواياه ومن شكله القريب من كهنة المعابد في المسلسل الشهير (يوسف الصديق)، ومن طريقة كلامه التي تجعلك تعتقد أنك أمام سائح أجنبي يتباهى بتعلمه اللغة العربية، في حين أنه يحاول أن يتشبه بهم، وقد نجح في سعيه الحثيث للتشبه باليهود حتى صار يشبههم شكلا ومضمونا لدرجة مرعبة!
لقد صار الفتى صهيونيا من الداخل والخارج، بل أنا متأكد أنه لو تمشى في شوارع "تل أبيب" فلن يشك أحد في جنسيته! لقد صار هو بحد ذاته أكبر دليل على أهمية الولاية وتأثير التولي، وما عاد يحتاج أحد ليفهمه معنى التولي. لقد كان يدافع عن اليهود تحت مبرر "التسامح الديني"، ويتكلم عن التعايش والروابط البشرية، ولكنه كان دائما يتحاشى ويتجاهل هذه المصطلحات عندما نتحدث عن تعامل اليهود مع الفلسطينيين، ولطالما شعرت أحيانا أنه بات يكن لأهل فلسطين حقدا غير مفهوم، وإن حاول ألا يظهر ذلك صراحة!
الأمريكي يقولها صراحة بأنه صهيوني لأن مصلحته مع اليهود، والسعودي عبد للأمريكي أصبح يدعو للتطبيع مع اليهود وقريبا سيعلن أنه صهيوني، وهذا الفتى يعبد السعودي الذي يعبد الأمريكي الذي يعبد الصهيوني، وهو يقف موقفهم ولو على حساب بلده وشعبه ويؤمن بأن واجبه أن يدعو للتعايش مع اليهود، إذا هو بالتبعية صهيوني؛ لأن نهاية هذه العجلة من الولاءات تصب في مصلحة الصهاينة، ولأن الله سبحانه قد قال: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، حتى ولو لم يقولها صراحة، هو صهيوني.
قضية فلسطين ما عادت تهمه، فقد كان بالأمس يتظاهر فقط، أما اليوم بعد أن صارت الأمور "وعلى عينك يا تاجر" فقد منعوه من الكلام، فسكت! ولو تجرأ ليعلن عن موقف مغاير أو ردد إحدى هرطقاته القديمة، فسيجد حذاء الضابط السعودي في فمه؛ فهؤلاء لا يؤمنون بحرية التعبير! وشيئا فشيئا بدأ (مشعل) يأخذ مواقف أكثر عدوانية تجاه الفلسطينين، ويردد عبارات التشفي إذا ما سمع عن شيء محزن حصل لهم، ويشعر بالضيق إذا ما سمع عن إنجاز حققه هؤلاء المستضعفون! فهل فكر للحظة لماذا هو ومن يتولاهم قد أصبحوا حقراء إلى هذه الدرجة؟!
نسمع تبريرات مشعل بأن النبي (ص) تعايش مع اليهود، وهذه تبريرات غير موفقة؛ ذلك أن النبي نفاهم فيما بعد من كل شبه الجزيرة العربية لأنهم نقضوا كل عهودهم ومواثيقهم معه وتآمروا ضده، وقال عنهم: "لا عهد ليهود". ثم أنه لم يصالحهم وهم يحملون السلاح ويحتلون بلدا عربيا مسلما ويقتلون أبناءه ويستحيون نساءه ويجاهرون بالعداوة للعرب والمسلمين ونبيهم وكتابهم وقبلتهم وربهم! ومشعل يعلم أنه لو سجد لهم لما رضوا عنك؛ فهم يحتقرونه ولا يبادلونه مشاعره الحمقاء نحوهم! أنه الحقد وسوء السريرة الذين جعلا مشعل ومن على شاكلته في هذا الموقف المخزي.
الولاية مبدأ خطير أيها الغر، ولذلك تستحق منا هذا الأهتمام، وهذا المبدأ هو ما جعلنا محصنين ضد مكائد وخداع اليهود، وهذا المبدأ ما جعلنا منسجمين وثابتين مع مبادئ ديننا ولا نخاف ممن يتوعدنا أو نقلق على ما سيكون. لذلك فنحن نؤمن بأننا سنقتلع إسرائيل من أرضنا ونستعيد مقدساتنا مهما طال الوقت أو قصر؛ فنحن تولينا الله ورسوله والذين آمنوا، ولذلك فنحن حزب الله الغالبون، أما مشعل ومن على شاكلتك فقد تولوا النظام السعودي الذي يتولى الأمريكي والصهيوني وهم أولياء الشيطان، ولذلك فهم حزب الشيطان الخاسرون.
سأقول لك كلاما لن يعجبك يا مشعل، ولكن أسمع: نشهد الله ورسوله والمؤمنين بأننا لن نرضى عن اليهود لو أشعلوا لنا أصابعهم كلها شمع، بل لابد أن يكونوا صاغرين لملتنا، ولابد أن ننهي شرهم عن أرضنا كلها ولو كانت شبرا، ولن نذل أو نخضع لهم ولو كان ثمن هذا أن نباد من على وجه البسيطة.. لن نشتري رضاء هؤلاء الشياطين بسخط الله، ولن نعترف لهم بباطل ونحن نقرأ كتاب الله ونعرف ما يمكن أن يكون ثمن هذا الموقف، شاء من شاء وأبى من أبى. فأرح نفسك، وصدقني أن موقفك في صف الأعداء لن يزيدني سوى طمأنينة وراحة؛ فأمثالك لا يمكن أن يكون لائقا بي أن أقف معهم في صف واحد.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha