عبدالملك سام ||
صباح الخير عزيزي المواطن اليمني الطيب، طبعا أنت الآن تتناول فنجان قهوتك الصباحية، بمعنى أنك واحد من 2.25 مليار شخص يتناولون فنجانهم يوميا حول العالم (أي حوالي ثلث سكان العالم)، وبالتأكيد أنت تشعر بالفخر وأنت تتذكر تلك الأيام التي كان فيها ميناء المخا (او موكا كما يسميه الغرب) هو الميناء الأهم عالميا لتصدير القهوة العربية، أما اليوم فنحن ننتج 21 طن سنويا فقط، بينما حبوب البن اليمني المهاجرة تنمو وتزدهر في قارات أخرى كأمريكا اللاتينية وشرق أفريقيا وبعض الدول الأسيوية، وتوفر دخلا معقولا لحوالي 5 ملايين شخص حول العالم.
اليوم - وأرجو ألا أفسد عليك متعة تناول فنجانك - فبلدنا يحتل المركز السادس والعشرون عالميا، بينما بلد جار لنا كأثيوبيا تحتل المركز الخامس رغم أنها تزرع "القات" أيضا! وهذا يشير أن المشكلة تكمن في التخطيط الزراعي؛ فشجرة البن تعتبر من الأشجار صديقة البيئة لأنه يمكن زراعتها بالقرب من الغابات، وتوفر ملجأ للطيور والكثير من الكائنات والطيور. واليوم - ايضا - أصبح ميناء هامبورغ الألماني أكبر ميناء لنقل البن عالميا؛ فصحيح أن معظم منتجي البن هي من الدول النامية، ولكن تعتبر الدول الصناعية الكبرى أكبر مستوردي هذا المحصول، فالبن ثاني أهم منتج عالميا بعد النفط، ولهذا دخلت الولايات المتحدة في الخط!
تقوم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بدعم زراعة البن في أمريكا اللاتينية بمبلغ 80 مليون دولار سنويا، ولأنها - كالعادة - أدركت أهمية هذا المحصول الذي يبلغ أكثر من 24 مليون طن سنويا، فقد قامت بربط إنتاج البن ببورصة نيويورك، وهذا ما أدى لإنخفاض قيمة البن إلى النصف تقريبا (0.45 سنت للرطل)، فالولايات المتحدة وحدها تستهلك ما قيمته 8.96 مليار دولار سنويا (2003)، ويبلغ عدد مولعي القهوة فيها حوالي 130 مليون شخص!
رغم هذا فإن أزدياد عدد شاربي القهوة في دول كالصين وروسيا أدى إلى أرتفاع سعرها مجددا، وهذا ما يجعلنا نعيد تقييمنا لأهمية إعادة النظر في تعاملنا مع هذا المنتج النفيس، خاصة والقهوة العربية تتفوق على الأنواع الأخرى من حيث النكهة والشكل والرائحة ودرجة الحموضة ومكان زراعته، وهذه أهم المعايير المستخدمة عالميا لتقييم محصول البن.
حبوب البن الرديئة والتالفة تعتبر سمادا عضويا جيدا لباقي الأشجار، وبإمكاننا زراعة البن قرب أشجار النباتات الأخرى وقرب المحميات الطبيعية أيضا للحفاظ عليها، كما يمكننا إنشاء معامل لتحميص وتغليف المنتج وتسويقه محليا ودوليا، وهذا سيوفر وظائف جديدة للأيدي العاملة ودخلا جيدا للبلد.
الآن يمكنك يا عزيزي أن تكمل فنجان البن بهدوء فلن أزعجك أكثر بالأرقام والتفاصيل، ويكفي أننا الشعب الوحيد عالميا الذي يعرف الفرق بين القهوة والبن؛ فالقهوة عندنا قد تكون مشروبا لأي نبتة أخرى يتم غليها في الماء الساخن، بينما البن عندنا لا يعني سوى البن، وبالطبع لا بن كبن اليمن الذي لا مثيل له على وجه الأرض، أليس كذلك؟!