محمد صالح حاتم ||
لم يعد الأعداء يعتمدون على الحرب العسكرية في احتلال وإخضاع البلدان، بل ذهبوا لما هو أبعد وأسهل، وغير مكلف، وهو الحرب الاقتصادية، والتي عن طريقها يتحكمون في لقمة العيش، ويسيطرون على الشعب من خلال هذه الحرب، فأصبحت البلدان العربية ضحية للاستعمار الغذائي.
وأمام هذه الحرب أصبح من ضمن طرقها هو الحصار الاقتصادي، وعدم السماح بدخول المواد الغذائية الأَسَاسية، إلاّ بالقطارة، ولا يسمحون بتصدير الثروات التي تمتلكها البلدان، كما عملوا مع العراق وإيران، واليوم مع شعبنا اليمني منذ سبعة أعوام، وشعبنا محاصر ولا يسمح بدخول المواد الغذائية الأَسَاسية والمشتقات النفطية، إلَّا ما ندر، وهذا يجعلنا أن نتحرّر، وأن لا نظل مكتوفي الأيدي، ونستسلم للأعداء بل يتوجب علينا البحث عن حلول، خَاصَّةً ونحن نمتلك مقومات اقتصادية كثيرة، ومن هذه الحلول هو التحول إلى الاقتصاد المقاوم.
وهذا الاقتصاد يعد نوعاً من أنواع الاقتصاديات التي ظهرت حديثا في إيران، ويعرف مصطلح الاقتصاد المقاوم بأنه الاقتصاد الذي يتعامل مع العقوبات الاقتصادية التي تفرض على بلدٍ ما.
وبمعنى آخر: بأنه الاقتصاد الذي يتحرّر من الهيمنة الرأسمالية -دول الاستكبار العالمي- ويعتمد على الذات، لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وهذا النوع من الاقتصاد يعتمد على الإنتاج المحلي لتعويض النقص في المواد المستوردة، ودعم الصناعات المحلية، والمنتج الوطني، ومقاطعة المواد المستوردة من الخارج، وكذا عدم الاعتماد على الصادرات الخاصة بالنفط والغاز، ويكون المجتمع هو أَسَاس الاقتصاد المقاوم، عن طريق الجمعيات التعاونية، والصناعات المحلية الصغيرة، والأصغر، وتمثل الزراعة العمود الفقري للاقتصاد المقاوم، والذي من خلالها يتم توفير المواد الغذائية الأَسَاسية..
وبهدف نجاح الاقتصاد المقاوم لا بُـدَّ القيام بعدة خطوات جريئة وجادة من قبل الدولة ومنها:
– تقليص عدد الحقائب الوزارية والمؤسّسات والهيئات الإدارية للدولة، والسفارات والقنصليات؛ بهَدفِ خفض النفقات والاستحقاقات المالية لها.
– مكافحة الفساد بشفافية، ومحاسبة ومعاقبة كُـلّ فاسد.
– إعلان حالة التقشف، وعدم صرف السيارات والعلاوات للوزراء والمسؤولين.
– ترشيد الإنفاق العام.
– تقليل الاستيراد وخَاصَّة ً الكماليات (سيارات، أجهزه كهربائية، أدوات التجميل والعطورات)، ورفع رسوم الضرائب والجمارك عليها بشكل كبير.
– منع دخول المنتجات الزراعية التي يتم إنتاجها محليا ً، ورفع رسوم الضرائب والجمارك على وارداتها، وتحويلها لدعم المنتج المحلي.
– دعم الزراعة وتشجيع المزارعين على التوجّـه نحو زراعة الأراضي الزراعية وخَاصَّة المنتجات الزراعية الأَسَاسية حبوب وقمح وغيرها.
– دعم المنتج المحلي، وتفضيله على المنتجات الخارجية المستوردة.
– دعم التعليم بشكل كبير.
– دعم البحوث العلمية والدراسات البحثية.
فما أحوجنا اليوم إلى الاقتصاد المقاوم، والذي عن طريقه سنحقّق الاكتفاء الذاتي، ونتحرّر من الهيمنة الخارجية، ولكن بدون تطبيق ما ذكر من الإجراءات لا يمكن أن ننجح، وسنظل نكذب على أنفسنا وعلى شعبنا، وَندور في دائرة مفرغة.