عبدالملك سام ||
وفق إحصائيات دولية فإن جرائم الإغتصاب والتحرش الجنسي في إزدياد، وبينما تتربع دول حديثة في رأس القائمة كجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن هذه الإحصائيات أقل من الرقم الحقيقي، والسبب يعود لأن معظم هذه الجرائم ما تزال تحدث في الخفاء نتيجة طوطم العار الذي يرتبط بالجاني والمجني عليه في معظم الدول.
تحتل بلدان عربية - للأسف - موقعا متقدما في قائمة الدول الأعلى في إرتكاب هذه الجرائم، وبلد عربي مسلم كمملكة آل سعود، رغم محاولة التعتيم، إلا أن دراسات محلية ودولية تؤكد أن نسبة التحرش الجنسي بالأطفال وصلت إلى أكثر من 22%، أي أن طفل واحد من كل أربعة أطفال في المملكة قد تعرض للتحرش الجنسي، وغالبا من أحد أقاربه!
رقم مفزع حقا، وأنا هنا لا أحاول أن أقلل من اهمية الحادثة الأخيرة التي حصلت في بلدنا، وقصة "زهور" وأخواتها وما تعرضن له مآساة لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل أنها قضية ذات أولوية فائقة لا تحتمل التأخير، وليلعن الله كل من يسكت على هذه الفاجعة.. ولكن دعني أحاول - عزيزي القارئ - أن أفكر معك بأبعاد هذه الجريمة حتى لا نحمل الأمر أكثر مما يستحق..
توقيت الجريمة قبيل عرض الأجهزة الأمنية الذي أقيم اليوم، يؤكد أن في الأمر "إن"، وليس من المستبعد أنه تم كشف الجريمة في هذا التوقيت من باب الكيد السياسي، ويبقى هذا الأمر إحتمال وارد في إنتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، خاصة ونحن نواجه عدو خبيث وقذر.
هناك سبب آخر يجعلني أعتقد أن في الأمر "إن"، وهو أن أجهزة الأمن عندنا قد تسببت بصداع مزمن لدول العدوان، ومنعت تحرك الجواسيس والخلايا النائمة بسهولة بين الناس، وعدد العملاء الذين تم ضبطهم يعتبر كبيرا مقارنة بأي وقت مضى، هذا ما يجعل نظرية المؤامرة قائمة؛ فلو سقطت هيبة هذا الجهاز الأمني فسيؤدي ذلك لتشجيع العملاء والخونة على التحرك بأريحية أكثر.
حتى في اقوى الدول أمنيا فهذه الجرائم تحدث، بل على العكس، كلما كان الجهاز الأمني قويا كانت نوعية الجرائم أخطر وأقوى، فالحكومات لا تستطيع أن توقف نزعات الشر الموجودة لدى كل مواطنيها، وبالطبع فإن المجرمين يطورون أساليبهم بحيث تتفوق على الجهاز الأمني لدى الحكومة!
هناك عامل خطير يجعل المجرم أكثر تفوقا، ألا وهو عامل (المفاجأة)؛ فمهما كان جهاز الأمن قويا، فلا يمكنه أن يتوقع توقيت ومكان الجريمة قبل أن تقع، بل تظهر قوة جهاز الأمن في كيفية وسرعة ضبط المجرم بعد إرتكابه للجريمة.
الكرة الآن في ملعب القضاء، ومسألة إيقاف هذا النوع من الجرائم يتوقف على الدرس الذي سيلقنه القضاء للمجرم، أي مدى قدرة القضاء ان يجعل من المجرم عبرة لكل من في داخله شذوذ أو ميل للجريمة وتجاوز القوانين.
هذا يذكرنا بما قلناه سابقا عن أهمية إصلاح دور القضاء في بلدنا، فالقضاء عامل إستقرار لأوضاع أي شعب، خاصة في ظروف العدوان والحصار التي يمر بها بلدنا.. أعدلوا تصحوا.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha