عبدالملك سام ||
🔘 تعود ذكرى الشهداء علينا هذا العام مثل كل عام، ولا يزال أشرف الناس يقدمون أعظم التضحيات، وأسرهم تحذوا حذوهم بمواقف عظيمة لتظهر لنا من أي بيئة طاهرة جاء هؤلاء، فيما يظل الجبناء والمنحطين في أماكنهم يتغامزون على الشرفاء، وينتقدون الأوضاع بشكل مستمر، ويتذمرون بلا إنقطاع وكأن الآخرين خلقوا لخدمتهم وإبهاجهم!
أسر الشهداء هم الأشد تضحية بعد الشهداء أنفسهم، ومن المؤسف أن هؤلاء يظلون الأكثر معاناة من الحرب النفسية اللعينة التي تشن عليهم بغرض التقليل من شأنهم، أو لجعلهم يضعفون ويشعرون بالخسارة، ولا دور يذكر هنا للجهات المعنية بشأنهم، وأنا هنا لا أتكلم عن الإحصائيات، بل عن الإستماع لشكوى أسر الشهداء أنفسهم.
يا سادتي، أين مرتبات الشهداء؟! أين حقوقهم التي في أعناقنا نحو ذويهم ومن كانوا يعولونهم؟! أين زيارات التفقد والإهتمام والتعاون الذي كانوا يحظون بها في الماضي، والتي رغم ضعفها فإنها اليوم قد أختفت، وتم الإكتفاء ببعض الزيارات في بعض المناسبات وتوزيع الدروع، بينما هناك أسر تشكو إلى الله ما تعانيه من إهمال وإجحاف وحاجة!
في الماضي قدمنا مقترح أن يكون هناك وقفة جادة مع هذه القضايا، وأن يتم حلها بشكل عاجل لما تمثله هذه القضية من بعد إنساني، وتأثير كبير على الواقع أيضا، خاصة وأن هناك الكثيرين من المقاتلين في جبهات العزة والكرامة، وكلنا سمعنا عن الإستهداف الممنهج الذي تتعرض له أسر الشهداء والمرابطين من قبل بعض المنظمات، وكذلك التعامل الحقير من قبل مرضى القلوب والسفهاء، ورغم كل هذا فلا تقدم يذكر، خاصة مع أزدياد عدد الشهداء والأسر المكلومة!
لنجعل هذه الذكرى مختلفة يجب أن نغير واقع أسر الشهداء، ولكي ننعم براحة الضمير فيجب أن نحل مشاكلهم ليشعروا بعظيم قدرهم وتضحياتهم العزيزة، وكما كرم الله الشهداء بمنزلة عظيمة، فلابد لنا أن نكرم أسرهم بما يليق بهم وبمشاركة المجتمع بأكمله؛ فلولا تضحيات هؤلاء الاعزاء ما نعمنا بأمن وعيش كريم.
أول خطوات هذا التكريم هو عبر صرف مرتباتهم شهريا ودون إنقطاع، ولأجل هذه الغاية يتم جمع هذه المرتبات ولو عبر تخصيص مشاريع لهم، وعبر لجنة متخصصة لتحقيق هذا الهدف، وفي حال وجد نقص يتم تخصيص جزء من أموال الزكاة لهذا الهدف، فالإكتفاء بحقيبة مدرسية وسلة غذائية سنويا لا يعتبر تكريما أبدا.
أما الخطوة الثانية فتتمثل بضرورة تحديث وتوسيع نشاط مؤسسة الشهداء، فعلى ما يبدو فإنها تبذل قصارى جهدها، ولكن هذا الجهد غير كاف بالمرة! وإبتداء بكوادر هذه المؤسسة ووصولا لتوفير ما يحتاجه العمل فيها، لابد أن تتغير لتصبح مؤسسة تليق بأسر الشهداء العظماء، وهناك تجارب مميزة في دول أخرى ولابد لنا أن نستفيد منها.
بعد أن نحقق هذه الأهداف، ونحل كل المشاكل المتعلقة بها، فعندها يحق لنا أن نتذكر الشهداء بضمير مرتاح، وننهل من مدرستهم الخالدة ما نشاء.
السلام على الشهداء العظماء، وعلى أسرهم الأوفياء، وعلى من أنتهج نهج الكرامة والإباء.. لن ننساكم أبدا يا أشرف الناس، ونسأل الله أن نظل ثابتين على نهجكم حتى نلقى الله وهو راض عنا وعنكم، وأن يوفقنا الله لخدمة ذويكم كما يليق بجنابكم، ولا جعله الله آخر عهدنا بزيارتكم وتفقد أسركم.
🔰 يقول الله سبحانه: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [سورة آل عمران : من الآية: 140]، الله من يتخذهم وليس نحن، ووفق ما قرر هو وليس ما نقرر نحن.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha