عبدالملك سام ||
لو سألتوني هل أفضل أن أعيش في الماضي أم في المستقبل؟ لأخترت الماضي دون تردد، وإني لأشفق على الأجيال القادمة مما يحاول الأوغاد أن يصلوا بالبشرية إليه من إنحطاط وضياع.. يكفي أن ندرك آثار التفكك الأسري وفقدان التواصل البشري وضياع القيم على البشرية جمعاء!
اليوم يحاولون أن يشرعنوا الفساد، ويتحركون بجهود - يحسدون عليها - وبنشاط لجعل الفساد والشذوذ شيئ طبيعي، بل وفوق الطبيعي! أي أنك لابد أن تحترم السفالة والإنحطاط مالم فأنت شخص غير محترم، والمطلوب منك ألا تتكلم إذا شاهدت بغلا يملك شاربا كثيفا وهو يقبل بغلا أخر في فمه، أو أن يكون من الطبيعي أن ترى أبنتك وهي تخرج لمقابلة صديقها وهي تحمل واقيا ذكريا في حقيبتها، أو أن تجد حاقدا لئيما وهو يسب ويلعن ربك ودينك ونبيك ومقدساتك!
أنت إن لم تشعر بالقلق مما يحدث فتأكد أن آثار الحرب "الناعمة" الخبيثة قد إستطاعت أن تتغلغل في جيناتك، وقد تحولت لكائن آخر غير ما خلقك الله عليه، وهذا الكائن غير الطبيعي هو أسوأ من البهائم، لأنه لا يوجد بهيمة تحترم نفسها وتقبل بهذا التحول، فحتى القطط قد تثور ضد ديناصور يحاول أن ينال من صغارها، او حتى عظمة حصلت عليها بمجهودها الشخصي!
هم منذ البداية - وأرجو أن نركز على هذا الأمر - يستهدفون الدين والأخلاق، وينشرون الفساد الأخلاقي بكل أشكاله؛ لأن هذه الطريقة الوحيدة للسيطرة على المجتمعات بغية إستنزافها.. حتى في المجتمعات التي يسيطرون عليها نجدهم حريصين على إبعادهم عن كل ما له صلة بالدين؛ فبدلوا التوراة بالتلمود، والإنجيل جعلوه "أناجيل"، وحتى عندنا حاولوا نشر مئات الألآف من الأحاديث المدسوسة لتكون بديلا عن تعاليم القرآن، وكل هذا ليفرقوا المجتمعات فتختلف فتتناحر ويسهل قيادتها.
لاحظ أنه كلما زادت الفجوة بين البشر كلما زادت ثروات الأباليس وسيطرتهم على الأمم، وكلما أبتعد الناس عن خالقهم كلما كانوا لقمة سائغة في متناول مجلسهم (الماسوخي) الذي يقود هذه الحرب ضد الفطرة السليمة والخير، ولتحقيق اهدافهم المشؤومة تحركوا لقرون طوال، ولذلك أيضا لم يتسامحوا مع أي شخص أو جماعة وقفت في طريقهم؛ لأنهم يعلمون أن قوة الخير أقوى من كل ما بذلوه، وتشكل خطرا كبيرا على مستقبل مشروعهم.
في مواجهة الباطل لا بد أن نقف مع أنفسنا ومع مستقبل أولادنا، وأن ننبذ كل الأفكار التي يسعى أعداؤنا من خلالها لتجريدنا من قوتنا ويستعبدونا ويسلبونا حقوقنا وأدميتنا.. علينا أن ننبذ الأفكار التي يروجون لها لتفريقنا، فنحن أمة واحدة كما أراد الله لنا، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن نقبل بأي دعوات ونظريات تؤدي إلى تفرقنا وإختلافنا، ولنعتصم بحبل الله جميعا.. فقط.
اليوم هو جمعة رجب ، ومن المؤسف أن نجد يمنيين يقفون ضد مناسبة سعيدة كذكرى دخول اليمنيين في الإسلام! ولا توجد أي مبررات ليقف أحدنا ضد الفرحة بشيء عظيم فيه نجاة لنا من الكابوس الذي ارادوا أن نعيشه، وهل هناك أسوأ من التيه والضياع والبؤس؟! فجمعة رجب مناسبة عظيمة لنتذكر أننا كنا ضائعين وعدنا، وأننا كنا نهبا للطغاة فتحررنا، وأنه لا يوجد نعمة في حياتنا تعادل نعمة الهداية، والحمد لله رب العالمين.