عبدالملك سام ||
كيف حالك يا صديقي الجنوبي؟ أعرف أنك لست على ما يرام؛ فهذا السؤال بالذات لا يقال إلا في الأوقات التي يكون فيها أحدهم في وضع سيء، وأعرف أنك مندهش لأني قلت: "يا صديقي"، ولكن أنا رغم كل شيء لا أكرهك، ولكن المفارقة هنا هو أن الطرف الذي يفترض أن يكون الطرف الذي يعاني هو من بات قلقا على الطرف الذي يفترض أن يكون حاله أفضل!
أنا أعترف بأني عندما سألتك عن حالك، فأنا أعرف فعلا أن السؤال سيحرجك، فالجميع يعرف ما آل إليه الجنوب في ظل الإحتلال، ولكن لا تقل لي أني لم أحذرك من عواقب تصديقك لوعود وأكاذيب آل سعود وآل نهيان، أو بأن ما يحدث لك لم يكن متوقعا! هذا هو الإحتلال يا عزيزي، فماذا كنت تتوقع غير ذلك؟!
قريبا جدا يا صديقي سيكون سعر الريال يعادل 3 أضعاف سعر الريال في نفس البلد، وهذا أمر لم يحدث سابقا عبر التاريخ! ولو كنت تجد أن الأمر غير مهم فتعال لنحسبها معا: هذا يعني أن المئة تعادل ثلاثمائة، والمليون بثلاثة مليون، والمليار بثلاثة مليار! وبحساب معدل التضخم وأرقام أخرى فأنت تتجه.. عذرا، أقصد أن هناك من يتجه بك نحو كارثة الله وحده يعلم أين ستنتهي بك لو بقيت ساكتا وخاضعا!
أنا لا أشمت بك ما عاذ الله، فأنت أبن بلدي قبل أي شيء، ولولا المجرمين الذين سلمت لهم زمامك لكانت مصيبتك هي همي الأول، ولكني كنت أعتقد أن الحماقة لها حدود، بل أنه يجب أن يكون لها حدود، إلا أن الواقع أحيانا قد يكون أكثر سوءا من خيال أكثر العقول تشاؤما!
قبل مدة شاهدنا كلنا مسرحية خلع الدنبوع وتعيين دنبوع آخر، ويومها ضحكت وأنا أتابع ما ترافق مع هذا التعيين من شطحات غير منطقية! مثلا عندما تحدث الإعلام بحماس أن سعر الدولار أنخفض وأن الأمور في تحسن، ولتمت بغيضك يا شمالي! وكأن الدنبوع الجديد جاء بالمخزون الفيدرالي، أو أنه يملك قرار نفسه؛ ولذلك لم أندهش عندما عاود سعر الدولار الصعود بعد هذه المسرحية بشهر واحد فقط، بل أن الإرتفاع فاق الإنخفاض المؤقت بكثير، ومعه عاودت الأسعار أيضا الأرتفاع.
ما جرى كان مجرد فقاعة إعلامية لتهدئة الشارع الساخط الذي كان بدأ يتجه نحو إخوانه في الشمال لإنقاذه.. فقاعة وما أكثر الفقاعات التي تحدث للجنوب منذ حط الإحتلال قدمه القذرة على أرض اليمن، وحتى أولئك المرتزقة الذين يتسابقون على الظهور كمسئولين وهم في الواقع بلا قرار ولا إرادة، هؤلاء وطنيتهم كانت فقاعة أخرى، وقد ظهرت حقيقتهم كلصوص وهم ينهبون العملة الصعبة التي يشترونها بالقراطيس التي يطبعونها بلا حساب، ثم يأخذون أجور عهرهم من دول الإحتلال ويهربونها لتركيا ودبي والقاهرة وغيرها من الملاجئ التي يشترون العقارات فيها ويعدونها للفرار إذا ما غضب الشعب عليهم وثار.
أنا شخصيا لم أتوقع بأن يعاني أهل الجنوب لهذا الحد المفجع، بل اننا كنا نعتقد أن الإحتلال سيبادر إلى إصلاح أحوال الناس هناك حتى يثير سخط الناس في الشمال ضد حكومة صنعاء. بل وأن أحدا لم يخطر بباله أن يعاني الجنوب اوضاعا أكثر مأساوية مما يعيشها الشمال المحارب المحاصر، خاصة بعد أن بنى آل سعود على حدودهم سورا من أشلاء أبناء الجنوب الذين دافعوا عنهم! وهذا إن دل فإنما يدل على خبث نوايا آل سعود وحقدهم على كل يمني.. أليس كذلك؟!
في كل دول العالم يتم طباعة العملة بعد توفير غطاء، أو لتمويل مشاريع حكومية إستثمارية، أو لتنفيذ أهداف مالية أخرى. أما الإحتلال ومرتزقته فيطبعون العملة لكي يزداد التضخم وترتفع الأسعار ويتسببون بأكبر ضرر ممكن للناس بحقد وغل رهيب! وعليه: فالحل أولا وأخيرا بأيدي الناس هناك للخروج من هذه المأساة، والوضع واضح، والمطلوب معروف، ولن يتغير الوضع هذا طالما والإحتلال باق يأمر ويقتل وينهب ويعبث بكم.. فإلى متى ستصمت يا صديقي؟!
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha