احترام عفيف المُشرّف ||
لاتستقيم حياة بدونها ولايكون جهاد في جهلها، فهي الركيزة والأساس لكل مؤسس إنها البصيرة، فحيثما وجدت البصيرة وجد الحق ووجد العدل ووجد القسط، البصيرة التى بها تدرك الحق وأهله فتتبعهم وتعرف الباطل وحزبه، فتتجنبهم بل تقف في وجههم وتقارع ظلمهم، البصيرة التى تكون عن معرفة لا عن هوى.
وقد كانت البصيرة هي منبع ثورة الإمام زيد ابن علي-عليهما السلام- على هشام أعمى البصيرة والبصر، والذي أكمل مابدأه يزيد في كربلاء، مع الإمام السبط الحسين عليه السلام؛ ليقوم الدعي ابن الأدعياء بقتل حفيد الإمام الحسين إمام البصيرة، زيد ابن علي زين العابدين ابن الحسين عليهما السلام شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء، في محاولة لاجتثاث هذه الشجرة الطيبة المباركة من قبل من استحوذ عليهم الشيطان في استحلالهم دماء العترة الطاهرة من آل بيت النبي فما أجرأهم على الله وماهم إلا كاشجرة خبيثة، لا أصل لها ثابت ولا فرع لها نابت، بنو أمية أخبث الأشجار هم ومن سار على نهجهم في معاداة النبي الطاهر، وآل بيته الأخيار في ذلك الزمان أو في هذا الزمان وإلى آخر الزمان.
ومن كان دون بصيرة فلن يرى الحق مهما كان واضحا وجليا، وما ثورة الإمام زيد إلا مكملة لكربلاء، وماكانت بصيرة زيد إلا امتداد لبصيرة جده الحسين، الإمام زيد الذي قال: إنّي شهدت هشاماً ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يسبّ عنده، فلم ينكر ذلك ولم يغيّره فوالله لو لم يكن إلاّ أنا وآخر، لخرجت عليه، أين أنت يا إمام البصيرة مما يحدث اليوم من أسأت للإسلام وللنبي ومن تدنيس وإحراق للقرآن الكريم، على مرءى ومسمع من حكام المسلمين الذين لم ينبسوا ببنت شفه، إزاء ما يحدث وأن لهم أن يكونوا بشجاعة الإمام زيد أو ببصيرة الإمام زيد الذي قال:ما كره قوم حَرَّ السيوف إلا ذلوا.
فهو قد علم أن النصر بالحق لا بالقوة وبالبصيرة التى تجعلك تعرف فيما خرجت، وقد كانت بصيرته نافذة وحجته واضحه وقد خرج على أئمة الظلم وفراعنة عصره، ولقي الله شهيدا ولأنه هزمهم حيا فقد هزمهم شهيدا فما فتئو يحاربون جسده الطاهر، فقد صلبوه لسنوات علهم ينتصرون عليه وأحرقوه علهم يمحون آثره وقد خابوا وخسروا كما خاب أسلافهم في كربلاء وكما سيخيب ظن كل دعي يريد أن يطفئ نور الله وبصيرته التى أودعها أوليائه المتقون فبصيرة الله باقية ما بقي من يقف في وجه كل ظالم أو معتدى.
وقد كان الإمام زيد إمام حق وبصيرة في كل مواقفه ولم تأخذه بالحق لومة لائم فقد كان رده واضحا وجليا عندما سئل عن الشيخين أبو بكر وعمر رضى الله عنهما، عندما أتاه رؤوساء أهل الكوفة وأهل الحل والعقد فسألوه عما يراه في أبي بكر وعمر فقال لهم : (ما سمعت أحداً من آبائي تبرّأ منهما، ولا يقول فيهما إلاّ خيراً)
فقالوا له فلم تخرج على هؤلاء آذن فقال: إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم؛ وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وإلى السنن أن تُحيى وإلى البدع أن تُطفأ، فان أنتم أجبتمونا سُعدتم وإن أنتم أبيتنم فلست عليكم بوكيل، ففارقوه ونكثوا بيعته، فتبرأ زيد منهم: ولما بلغ الصادق عليه السّلام حديثهم معه تبرأ منهم؛ وقال: برئ الله ممّن تبرّأ من عمّي زيد، وقال لجماعة من أهل الكوفة سألوه عن زيد والدخول في طاعته: (هو والله خيرنا)، فكتموا ما أمرهم به وتفرقوا عنه.
ومن كانت هذه سيرتهم وتلك سجاياهم فحريا بنا جميعاً أن نستظل في تحت غصون شجرتهم فهم الأئمة الأطهار من آل بيت النبوة وأن ننهل من كوثرهم العذب ونستقي الماء من منبعه ونحذو حذوهم ولانقبل أن ينسب إليهم ما لايليق بهم لكي نسعد في الدارين.
لقد هدَّ جسمي رزءُ آل محمدٍ
وتلك الرزايا والخطوب عظامُ
وأبكتْ جفوني بالفرات مصارعٌ
لآل النبيِّ المصطفى وعظامُ.
https://telegram.me/buratha