اليمن

 اليمن وحفلة الجنوب..!

1127 2023-09-25

عبدالملك سام ||

 

كل ما يحدث في الجنوب اليوم يشير إلى أن هناك أستعدادات تجري على قدم وساق.. لماذا؟ لا أحد يعلم، أو بالأصح فإن أحدا لا يريد أن يعلم أحد أنه يعلم! يتقاطر الخبراء والعسكر من كل حدب وصوب، ولولا أن الواحد منا يخشى أن يتهم بالسخف لقال أن الأجواء هناك تشبه الاجواء التي تسبق الكرنفالات والاحتفالات! صحيح أن نوايا الوافدين خبيثة، وأن كل من جاء يمثل الجانب الشرير من البشر، ولكن من قال أن الشياطين لا تحتفل أيضا؟!

من المفهوم أن يأتي الأمريكي والبريطاني وثلة من الأوروبيين إلى بلداننا العربية، ومن المفهوم أيضا أن هؤلاء أتوا لأخذ نصيبهم من الكعكة (الثروات والنفوذ)، ونحن في زمن الهزائم العربية شاهدنا هذا يحدث عشرات المرات.. لكن هؤلاء كانوا يدخلون بلداننا بطريقتين: عن طريق اتفاق شكلي مع حكومة عميلة، أو عن طريق الغزو العسكري. أما المستغرب في حالة الجنوب اليوم هو أنهم يدخلون دون اتفاق وإن كان شكليا، ويدخلون أيضا بدون وجود أي مقاومة تذكر، لا شكلية ولا فعلية!!

لعل أكثر المندهشين مما يجري هم الغزاة أنفسهم، وأكاد أجزم بأنهم لم يتخيلوا بتاتا أن يتم أستقبالهم بهذا الخضوع والترحاب؛ فهم يعرفون أنهم غزاة، والغزاة كما جرت العادة يتم أستقبالهم بطريقة توضح لهم بأنهم غير مرحب بهم، حتى الهنود الحمر البدائيين لم يستقبلوا الغزاة بهذه البساطة، بل أستقبلوهم بشكل فيه أستعراض للقوة مما أضطر الأوروبيين لأن يخادعوا ويموهوا أهدافهم الأستعمارية متحينين الفرصة.. أما ما حدث ويحدث في الجنوب اليوم فلم يحدث حتى في أسوأ أفلام هوليود!

كما قلنا سابقا فإن الحماقة لا حدود لها، وفي ظل غياب الحكماء والقيادات الواعية (بإستثناء المهرة) فسنظل نشاهد مواقف مخزية من أراذل القوم والتي لن تجر على أهل الجنوب سوى الويلات والنكبات، والمفترض أن الجميع يعرف أن أهداف الغزاة لا يمكن أن تكون إلا الثروات والنفوذ الجيوسياسي، وأن هذا يقتضي بأن يهيئ المحتلون الأجواء لضمان سيطرتهم على اليمن، وبالتالي فإن قدومهم ليس بهدف ضمان مصالح الشعب بالطبع؛ فهم يعدونه منافسا لهم على الثروات، وأنه لابد للمحتلين أن يشعلوا الفتن والحروب بين أبناء البلد، وأن يضيع الأمن حتى لا يتفرغ الناس للمقاومة، وأترك الباقي لخيالكم لفهم كيف يراد للأوضاع أن تكون في هذه المناطق.

 

لمن ينقصهم الخيال أحب أن أنشط ذاكرتهم بما حدث في العراق وسوريا بإعتبارهما بلدانا خاضت تجربة الأحتلال والفوضى منذ أمد قريب، وبالطبع الحال سيكون في بلدنا أسوأ نظرا للمقاومة الشرسة التي قوبل الغزو بها في تلك البلدان ولم يحدث شيئا منها هنا في الجنوب! بل أن هناك - وتخيلوا هذا - من رحب وهلل لوصول الغزاة وكأن هذا سيشفع له لديهم فلا يؤذنه!!

ودعونا لا نذهب بعيدا، ولنتذكر ماذا حل بالجنوب خلال سنوات العدوان الماضية على أيدي النظامين الإماراتي والسعودي اللذين يعتبران مجرد أدوات تافهة بأيدي الأمريكيين، فكيف سيكون الحال وقد أتى الرأس المدبر بنفسه؟! بالتأكيد فإن ما سبق ليس كما سيأتي، والانبطاح سيحيل الجنوب إلى كتلة من النار تلتهم جميع أبناءه: الراضي والساخط، المتفائل والقانط.. وكلما تحرك أهل الجنوب أسرع كلما كان الثمن الذي سيدفعونه جراء الإحتلال أقل.. تحركوا قبل أن تبدأ حفلة التقاسم، واللبيب من الإشارة يفهم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك