تروج في سورية حالياً ثقافة جهاد النكاح وهي ثقافة جاء بها العابرون إلى سورية من خارج الحدود ممن يطلقون على أنفسهم جهاديين، وقد راح ضحية هذه الثقافة مئات النساء اللواتي ضاع مستقبلهن وتحولن إلى سلعة جنسية.
أما الثقافة التي يريد أن يصدرها لنا بعض الموتورين في الداخل فهي ثقافة الاغتصاب والتي تشير بطريقة أو بأخرى إلى أنه لا يتوفر للمغتصبين مجاهدات نكاح، مما يدفع هؤلاء الموتورين لممارسة الاغتصاب وافتعال الفعل الشائن مع بنات قاصرات مازلن في عمر الزهور.
مصادر طبية في مدينة درعا جنوب سورية تشير إلى أن 20 حالة اغتصاب حدثت في شهر نيسان 2014 وهو الرقم المسجل، وقد يكون هناك العديد من الحالات الأخرى غير الموثقة.
يقول الاختصاصي في علم الاجتماع "ماهر شبانة" لدام برس أن أخطر ما أنتجته الأزمة السورية هو تجاوز الحدود الأخلاقية الموجودة في المجتمع لتصل إلى حد تبرير أبشع الجرائم الإنسانية من خلال الفتاوى التي تبيح أي شي مهما كان منافيا للأخلاق والإنسانية بحجة الجهاد وظروف المقاتلين الموجودين على الأرض السورية.
ومن هنا ظهرت كنتيجة لهذه المقدمات ظاهرة اغتصاب الأطفال بشكل صارخ وموجع فغياب الرادع الأخلاقي والاجتماعي أولا، والقانوني ثانياً، أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة لتصبح أمراً مستباحا لأكثر فئات المجتمع التي تعيش في المناطق الساخنة وخاصة أن المنطقة التي يسيطر عليها المسلحين عادةً ترزح تحت حكمهم الخاص والذي يكون موضوعاً بالأصل لخدمة نزواتهم ومن بينها وأبرزها حالة الشذوذ الحاضرة بين المقاتلين والتي ربما كان دخول الأجانب بشكل كثيف ساعد في نشر هذه الثقافة الشاذة لتأخذ طابعا شرعيا لديهم بحجة عدم توفر النساء في ساحات القتال.
فاطمة وهي طفلة تعيش في على مشارف مدينة درعا في منطقة تحت سيطرة المجموعات المسلحة، تقول أنها تعرضت للاغتصاب مرتين، وفي إحداهما تم اغتصابها أمام عائلتها التي وقف أفرادها عاجزين عن فعل شيء أمام المغتصبين المدججين بالسلاح.
والد "فاطمة" اضطر على مغادرة منزله مع أفراد عائلته واللجوء إلى درعا المدينة حيث تسيطر الدولة السورية هناك، ويقول الرجل:غادرت لأنه ليس بمقدوري أن أفعل شيئاً حتى الشكوى لا أستطيع أن أقدمها، لمن سأشتكي عليهم لا يوجد أحد يمكنه أن يأخذ لي حقي، وإن حدث واشتكيت عليهم فإنه في اليوم التالي يلفقون لي ولعائلتي تهمة (عميل للنظام) وتتم تصفيتي بكل سهولة.
حالات الاغتصاب لا تكتشف على الفور فهناك عشرات الحالات التي تحدث لأطفال صغار ولا يتم اكتشافهن إلا بعد فترة من الزمن وبطريقة غير مباشرة كما حدث مع الطفلة "تقى" في قرية "مزيريب" وعمرها 4 سنوات، حيث أنها مهجرة من منزلها وتعيش مع عائلتها وعدد من العائلات النازحة في مكان واحد يوجد فيه أكثر من 20 شاباً حسبما تقول المصادر.
وقد اكتشف اغتصابها عن طريق الصدفة خلال مراجعتها للمستشفى في درعا، لكن الفاعل بقي مجهولاً.
لا تقتصر حالات الاغتصاب على المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة، فحتى المناطق الآمنة أو التي تحت سيطرة الدولة يحدث فيها حالات اغتصاب، لكن الغريب في هذه المناطق أن معظم حالات الاغتصاب التي وثقتها الصحة كانت لفتيات صغار اغتصبهن آباؤهن، وآخر تلك الحالات كانت لأب اغتصب طفلتيه واحدة في سن الخامسة والثانية في سن الثانية عشرة.
مصدر في الطب الشرعي بدرعا أشار إلى أن أغلب الحالات التي تم اكتشافها بالصدفة كانت تبدو فيها على الفتيات العلائم التالية "ملل، بكاء كثيراً، إحساس بالألم"، بحسب ما أفادنا الأهالي.
آثار الاغتصاب تعيش طويلاً خصوصاً في المجتمعات المنغلقة، هكذا يقول الاختصاصي "شبانة" ويضيف:يخلف الاغتصاب وجعاً نفسياً لدى الطفل طوال حياته, وكذلك وجعاً لأسرته التي ستمضي حياتها في مراقبة سلوك ذلك الطفل الذي كان ضحية هذه الجريمة، فالأثر النفسي والاجتماعي لهذه الحالة يظهر سريعا على بنيته الجسدية ويؤثر مباشرة على تفكيره ونفسيته وفي حال غياب الأهل والوعي قد يقع هذا الطفل ضحية الشذوذ ويتخذه مسلكا لحياته.
بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الظاهرة تعتبر وجعاً من أوجاع المجتمع السوري الذي دخلت في طياته أسوء الممارسات والجرائم الأخلاقية التي لم يعهدها التاريخ والتي ستؤثر مستقبلاً على طريقة تفكير واتجاهات أجيال كاملة لما عاصروه وحدث معهم من هذه الممارسات
يعتبر الاغتصاب من المحرمات في الإسلام، هكذا يقول الداعية الإسلامي عبد الرحمن بن علي ضلع، ويضيف "ضلع":الاغتصاب هو أن تجبر فتاة على الزنا معك، والزنا كما هو معروف من المحرومات في الإسلام، وبالتالي فإن الاغتصاب محرم بالمطلق، والاغتصاب أشد حرمةً من مجرد الزنا، أما المكره فإنه لا إثم عليه، فقد قال تعالى في كتابه العزيز (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ( (الأنعام: من الآية119).
وبحسب الشرع والفتاوى فإن الزاني المحصن، وهو من وطئ في نكاح صحيح وهو حر مسلم، فحده الرجم بالحجارة حتى الموت، وذهب ابن حزم وإسحاق وغيرهما إلى الجمع بين الجلد والرجم فقالوا: يجلد مائة ثم يرجم.
مع الأسف في الأزمات العصيبة والحروب تسقط القيم وتطفو على السطح مكانها الغرائز وينتشر الجشع والاستغلال خصوصاً عند أولئك الذين تمثل بيئاتهم أرضاً خصبةً لذلك.
8/5/140501
https://telegram.me/buratha