علي مطر
تنوي المحكمة الجزائية السعودية إصدار الحكم القضائي بحقّ رجل الدين البارز في السعودية الشيخ نمر النمر، الذي اعتقل بتهم ظالمة هدفها وقف نشاطه الداعي إلى الحصول على أدنى درجات الحقوق الإنسانية. وكان المدّعي العام في المملكة قد طالب في 25 مارس/آذار الماضي بتنفيذ حدّ الحرابة أي حكم الإعدام بحق الشيخ النمر.
وقد أكد نشطاء سعوديون أنّ المحاكمات التي يخضع لها الشّيخ النمر تفتقر إلى أبسط معايير العدالة، وأنّها تقوم على أساس تنفيذ سياسة الحكومة في مواجهة النشطاء ورموز الحراك المطلبي. وهذا الأمر ليس بغريب على دولة كالسعودية وهي منذ تأسست تمارس كبت الحريات وتحرم فئة كبيرة من السعوديين من الحصول على أدنى الحقوق الإنسانية التي تقرها قوانين حقوق الإنسان وتعاليم الإسلام والقرآن الكريم.
ما زالت السعودية تمارس حتى الان أنواع شتى من التعذيب والإعدام بطرق بشعة جداً، كقطع الرأس أو الصلب وغيرها، وتذكّر بما تقوم به جماعات " داعش" وغيرها. ويوماً بعد آخر يزداد القمع السعودي، حيث يُمنع انتقاد السلطة وتصرفاتها، كما لا يوجد حرية رأي تعبير وحرية في العبادة والوصول إلى السلطة والمشاركة في إدارة البلاد، واعتقال الشيخ النمر وتعذيبه وطريقة محاكمته خير دليل على ذلك.
أ: اعتقال الشيخ النمر مخالف لحقوق الإنسان
لقد خالفت السعودية في اعتقالها للشيخ النمر وطريقة تعاملها معها وتعذيبه ـ فقط لأنه يطالب بحقوق الشعب السعودي الطبيعية ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، ويتمتعون بكافة الحقوق والحريات، دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين. فقد نصت المادة 9 من الإعلان أن "لكل فرد الحق في الحرية وفى الأمان على شخصه"، كما أنه يخالف المادة 19 التي تقول إن "لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة. كما ان لكل إنسان الحق في حرية التعبير".
وتخالف السعودية المادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تؤكد أن "لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كما تخالف المادة 18 من العهد التي تؤكد
أن "لكل إنسان حقا في حرية الفكر والوجدان والدين فقرارها الأخير يخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وكذلك تخالف السعودية المادة 19 من العهد المشتركة مع ما ينصه الإعلان العالمي والتي تقول ان "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل"، وكذلك المادة 21 من العهد الدولي" وغيرها من الاتفاقيات التي تؤكد احترام الرأي والتعبير" وما يؤكده العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
لقد شكل اعتقال الشيخ المر خرقاً فادحاً للقانون الدولي، حيث تحظر المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا وتعذيبه. كما يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه وهذا ما لم يفعله الامن السعودي مع الشيخ نمر النمر.
ب: تعذيب الشيخ النمر مخالف للقانون الدولي
لقد كان اعتقال الشيخ النمر مخالفاً لحقوقه كإنسان بالتعبير عن رأيه، وكذلك فإن تعذيبه ـ خاصة أنه رجل دين يمثل فئة كبيرة من السعوديين ـ مخالف للأعراف والقوانين الدولية، حيث يؤكد الإعلان العالمي في المادة 5 بشكل حازم أنه "لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو المحطة بالكرامة" . وتمنع اتفاقية منع التعذيب الموقعة عليها السعودية، تعذيب الاشخاص وخاصة المعارضين للحكم. وتقول المادة الأولى منها إن "التعذيب" يعني أي عمل ينتج عنه ألم او عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، على معلومات أو على اعتراف..".
وتؤكد المادة 2 من الاتفاقية أنه لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب. ولا يجوز ايضاً التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب.
ويكون الاحتجاز والإجراءات القانونية الأخرى كما تنص المادة 6 من العهد مطابقة لما ينص عليه قانون تلك الدولة على ألا يستمر احتجاز الشخص إلا للمدة اللازمة للتمكين من إقامة أي دعوى جنائية أو من اتخاذ أي إجراءات لتسليمه، لا أن يكون لمادة عامين دون محاكمة كما يحصل مع الشيخ النمر الذي قضى هذه المدة في سجون السعودية تحت التعذيب دون مبرر. وقد اعتبرت المادة 2 من "إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب" أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة امتهاناً للكرامة الإنسانية" وهو ما يؤكده العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ج: حرمة حياة الشيخ النمر وحقه في الدفاع عن نفسه
لقد وردت متطلبات المحاكمة العادلة في المواد (7)، (8)، (9)، (10)، (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، م/14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وفي القوانين الإقليمية والمحلية، حيث كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه دون أي تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز. كما لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً. فإنه يحق له الدفاع عن نفسه ولكن هذا ما لم يتمكن منه الشيخ النمر وفق ما تنص عليه المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية، وأن ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب.
كما أن حياة الشيخ النمر مقدسة يجب عدم الاعتداء على حرمتها، يقول الله جل جلاله في القرآن الكريم "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً" سورة المائدة/ 32.
لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة وقد نصت المادة 3 من الإعلان على أن "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه"، كما يؤكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان كما الحق في الحرية والأمان". وبالتالي على القانون أن يحمي هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً.
وقد نص العهد الدولي في المادة 6 أنه لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.
إن الحرية لا تتجزأ ولا تخص فئة دون أخرى. ومن حق الشيخ النمر أن يطالب بحقوق الشعب السعودي المظلوم والمحروم من أدنى درجات الحرية والعيش بكرامة. وما يقوم به الشيخ النمر هو ما تقره الأديان السماوية وما تؤكد عليه القواعد والقوانين الدولية، وبالتالي لا يجوز اعتقاله تعسفاً وتعذيبه وحرمانه من حقه في الحياة بأية وسيلة كانت، بل يجب حمايته وصون حياته لا سيما أنه يمثل شريحة واسعة من الشعب السعودي، لكن للأسف ليس هناك من يردع العائلة الحاكمة في السعودية عن جريمة كهذه.
19/5/140815
https://telegram.me/buratha