يؤكد تقرير جديد مزاعم بشعة حول قيام مسلحي داعش بتفخيخ جثث الموتى بطريقة منهجية قبل التخلي عن مدينة كوباني السورية في شهر يناير الماضي.
فقد تم ملء جثث مقطوعة الرأس بـ20 كيلوغراماً من المواد المتفجرة وأكثر من 500 كرة فولاذية وتجهيزها بحيث تنفجر عند أقل لمسة، وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للمعوقين (HI).
ولكن الجثث المتحللة ليست مجرد مشهد مروع، بل تمثل أيضاً تحدياً كبيراً لخبراء إزالة الألغام الدوليين المكلفين بتطهير المدينة حتى يستطيع سكانها، الذين ينتمي غالبيتهم إلى العرقية الكردية، العودة إلى ديارهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الذخائر غير المنفجرة، بما في ذلك الصواريخ التي أسقطتها الطائرات الحربية الأمريكية، تعرقل جهود الإغاثة في مدينة كوباني، التي أصبحت رمزاً للمقاومة بعد استيلاء تنظيم داعش على مساحات شاسعة من العراق وسوريا في النصف الثاني من عام 2014.
وعلى مدار عدة أشهر، منذ رفع العلم الأسود الخاص بالتنظيم الإرهابي فوق كوباني في شهر أكتوبر الماضي، اشتبك المقاتلون الأكراد مع المتطرفين الإسلاميين في الشوارع، واعتاد العالم على رؤية صور الدخان الداكن يتصاعد فوق سماء المدينة.
واضطر المتطرفون إلى الانسحاب في نهاية المطاف، ولكن ليس قبل تدمير أو إتلاف ما يصل إلى 70 بالمائة من المدينة.
وخلص التقرير الجديد الصادر عن المنظمة الدولية للمعوقين إلى أن ضراوة الاشتباكات قد خلفت في كوباني “كثافة وتنوعاً في مخلفات الحرب” نادراً ما شوهدت من قبل.
وقال فريدريك مايو، الذي يدير عمليات المنظمة لإزالة الألغام من المدينة، أنه من الصعب تحديد عدد الجثث المفخخة بالضبط لأن الكثير منها دُفن عمداً تحت الأنقاض.
وأضاف في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) “ما يتعين علينا القيام به وما قبله السكان هو معاملة كل جثة على أنها مشبوهة. وسواء كانت مفخخة أم لا، نادراً ما يلمسونها نظراً لوقوع العديد من الحوادث”.
وذكرت منظمة غير حكومية أخرى تقوم بإزالة الألغام أن 66 شخصاً قد لقوا مصرعهم جراء 45 انفجاراً في كوباني خلال الفترة من يناير إلى أوائل مايو، وكانت غالبيتهم العظمى من المدنيين.
وتوقع مايو، الذي لم يشهد قط جثثاً مفخخة تستخدم كأسلوب قتال من قبل، أن هذه المشكلة من المرجح أن تؤدي إلى تباطؤ كبير في جهود إزالة كافة الأنقاض.
وبالنسبة لآلاف السكان العائدين لمحاولة استكمال حياتهم، يعتبر الحجم الهائل لمشكلة الذخائر غير المنفجرة أمراً يفوق طاقتهم. وتشير التقديرات إلى وجود حوالي 10 قطع من الذخيرة في المتر المربع الواحد في وسط مدينة كوباني، في حين لحق دمار واسع النطاق بشمال وجنوب المدينة.
وقد أصاب اليأس أحمد، وهو مدرس سابق من كوباني كان قد عاد للمساعدة في إعادة بناء مدينته في شهر فبراير، فعاد إلى تركيا منذ أسبوعين. وعلى الرغم من أنه كان يخطط لزراعة المحاصيل، لكنه قال أن محاولات بدء الزراعة من جديد فشلت لأن الكثير من الناس كانوا يتعرضون للقتل أو الإصابة بسبب الذخائر غير المنفجرة.
“ولذلك لا يوجد عمل لكي نقوم به. اضطررت إلى العودة للبحث عن عمل،” كما أفاد في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).
وقال مايو، مردداً تقارير سابقة أصدرتها جماعات إزالة الألغام أخرى، أنه يجب تسريع الجهود المبذولة لتطهير الذخائر غير المنفجرة. وأضاف أنه لا بد من منح الأولوية للمناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى في المدينة بدلاً من المناطق التي تضم أكبر عدد من القنابل.
وبعد مرور أربعة أشهر فقط على طرد تنظيم داعش من المدينة، يشكو سكان كوباني من أن محنتهم قد أصبحت في طي النسيان.
وأضاف مايو أنه نظراً لمحدودية التمويل، سيكون من المستحيل جلب فرق غربية لتنفيذ عمليات إزالة ألغام كبرى في كوباني وأنهم يسعون بدلاً من ذلك إلى تدريب الفرق المدنية المحلية.