شهدت مدينة الموصل يوماً أقل ما يوصف بأنه يوم دام آخر يكمل مسلسل الأيام الدامية التي أضحت كابوساً يجثم على أهالي المدينة الذين تنظر إليهم عصابات «داعش» الإرهابي على أنهم أعداء وجواسيس ينبغي الاقتصاص منهم.
شهود عيان أفادوا بأنه على خلفية تمكن 25 سجيناً من الفرار من أحد المعتقلات الواقعة في حي المهندسين وسط المدينة، وهو عبارة عن منزل لأحد المسيحيين المهجرين كان الدواعش قد استولوا عليه وحولوه إلى معتقل، أغلقت عناصر عصابات التكفير المتوحشة جميع منافذ الحي وعشرات الأحياء والمناطق الواقعة في الساحل الايسر من مدينة الموصل وقطعت الجسور الخمسة التي تربط الساحلين الايسر والايمن فضلاً عن مداهمة آلاف المنازل واعتقال المئات من السكان للاشتباه بتورطهم في تسهيل عملية الفرار أو ايواء الفارين.
هيستريا الهزيمة
حملة الرعب الشرسة التي قام بها التنظيم الأكثر إجراماً والأشد قسوة ضد الأبرياء العزل من أهالي المدينة، والهستيريا التي طغت على سلوك عناصره أدت إلى تمكن عصابات البطش والإجرام من اعتقال (13) سجيناً فاراً.ويؤكد مصدر أمني، رفض الكشف عن اسمه، أن المداهمات الشرسة المصحوبة باطلاق عيارات نارية بصورة كثيفة وعشوائية واعتقال المئات من الأبرياء وتهديد أحياء ومناطق الساحل الأيسر بالحرق خلال 24 ساعة إن لم يزودوهم بمعلومات عن السجناء الفارين، لولا هذا كله ما كان التنظيم لينجح في القبض على أحد ولتمكن كل الفارين من النجاة، موضحاً أن جميع الأهالي كانوا متعاطفين مع السجناء لأنهم باتوا موقنين أن الموصل بأجمعها تحولت إلى سجن كبير.
المصدر أضاف أن الدواعش اقتادوا السجناء، الذين عثر عليهم مختبئين في منازل لسكان حي المهندسين والأحياء القريبة منه، مع كلّ من وجدوه في هذه المنازل من نساء ورجال وشباب وشيوخ وأطفال إلى جهة مجهولة. فيما لا يزال البحث جارياً عن بقية الفارين.
وبحسب المصدر، فإن حملة المداهمات والتنكيل والاعتقالات العشوائية على الشبهة والظن وإغلاق الطرق والجسور ما يزال مستمراً لغاية الآن وان الحملة تنفذها عناصر «داعش» التي تحمل جنسيات غير عراقية.
إعدام ثلاثة أشقاء
وأقدمت قطعان «داعش» الهمجية على قتل ثلاثة سجناء عثر عليهم في أحد المباني التجارية المتروكة بالمنطقة الملوثة شمالي الموصل. المسؤول الأمني في شرطة نينوى العميد محمد الجبوري أوضح أن «السجناء الثلاثة هم أشقاء قتلهم التنظيم فور القاء القبض عليهم»، مبيناً أن بينهم «ضابطين في شرطة نينوى الأول هو المقدم عدنان مصطفى والثاني هو النقيب سامر مصطفى في حين أن ثالث الأشقاء المدعو عمر مصطفى ذا العشرين عاماً لم يكن منتسباً لأي جهاز أمني وكل تهمته التي اعتقل بسببها أنه شقيق لضابطي شرطة». وأضاف الجبوري أن «الأشقاء الثلاثة أقسموا بعد فرارهم ألا يسلموا أنفسهم إلى الدواعش وعلى القتال حتى النجاة أو الموت، مؤكداً أن «نفاد ذخيرتهم والقوة الكبيرة التي واجهتهم أدت إلى اعتقالهم وقتلهم لاحقاً».
اعتقال 130 مدنياً
إلى ذلك، أكدت مصادر محلية من مدينة الموصل، أن حملة الدهم والتفتيش التي أعقبت فرار السجناء من المعتقل أفضت إلى اعتقال (130) مدنياً من أهالي الأحياء القريبة من حي المهندسين وسط الموصل. المصادر أكدت أن جميع المعتقلين أبرياء لا علاقة لهم بحادثة الهروب وأن اعتقالهم تم بعشوائية واعتماداً على الظن والشبهة، مشيرة إلى ان المعتقلين تم اقتيادهم إلى جهة مجهولة ولم يعرف لغاية الآن مصيرهم. وتشير المصادر إلى أن من بين المعتقلين نحو 22 امرأة وشابة، مبينين أن أهالي المعتقلين والمعتقلات لا يمكنهم الحصول على أي معلومات عن مكان اعتقالهم أو التهم الموجهة ضدهم لأنهم يخشون أن يكون السؤال عنهم مبرراً للدواعش كي يعتقلوهم هم أيضاً، وبحسب المصادر فإن من بين السجناء الفارين خمسة من افراد البيشمركة.
حظر تجوال
وكانت عناصر «داعش» قد فرضوا حظر تجوال على سكان منذ الساعة الثامنة مساء يوم الاثنين الماضي الى اشعار آخر من اجل مواصلة عمليات البحث عن بقية السجناء الفارين، في حين حكم على السجناء الذين أعيد اعتقالهم بالموت حرقاً أمام الأهالي وسط سوق باب الطوب الكائن وسط الموصل.
ووفقاً لبيان أصدرته قيادة التنظيم الوحشي فإن تنفيذ الحكم سيكون حال إلقاء القبض على بقية الفارين. وتمت عملية هروب السجناء مساء الاثنين الماضي قد بدأت، وفقاً لروايات شهود من مدينة الموصل، بعد استيلاء المعتقلين على سلاح أحد حراس المعتقل ، بعدها تمكنوا من قتل ثلاثة من حراس السجن من بينهم مدير المعتقل وأحد أمراء التنظيم «فخري سباك» الذي يحمل الجنسية السورية ومن سكنة مدينة الرقة السورية. ويتعرض الالاف من المدنيين العزل الابرياء الى الاعتقالات والاتهامات الباطلة التي تنتهي غالباً بأحكام جائرة وباطلة مما يسمى بالمحكمة الشرعية أو الاسلامية، وغالباً ما تكون هذه الأحكام إلى الإعدام بطرق وحشية يندى لها جبين الإنسانية ولا تمت إلى الدين بصلة وتأباها قيم التحضر. وتتنوع أساليب وطرق تنفيذ أحكام الإعدام تبعاً لأهواء هذه العصابات ورسائل الرعب والتخويف التي يراد إيصالها إلى الموصليين الذي برموا وضاقوا ذرعاً من الهمجية والقسوة البالغة التي تمارس ضدهم، إذ يكون تنفيذ الإعدامات تارة نحراً بالسيف أو رمياً بالرصاص أو الرمي من بنايات عالية. ويرى محللون أن «داعش الذي يبتدع أساليب جديدة في عمليات الإعدام التي ينفذها، يسعى إلى نشر الخوف والصدمة وتثبيت سطوته على المناطق التي يسيطر عليها».ويضيف المحللون أن «من هذه الجرائم وتوقيتها وطريقة ارتكابها نستنتج ان داعش عاجز عن تحقيق انتصارات حقيقية لذلك لجأ الى انتصارات افتراضية، بالاضافة إلى تراجع الاعلام الداعشي عن التأثير سلبا وايجابا.. سلبا ببث الرعب في الناس وايجابا بكسب المزيد من المتطوعين فضلاً عن القلق من الانتصارات اليومية التي تحققها قواتنا الأمنية.
https://telegram.me/buratha