في أحدث شهادة عالمية عن وحشية العصابة الإجرامية الداعشية التي تغتصب بعض بلدات العراق وسوريا، نشرت صحيفة "الاندبندنت" اللندنية لمحررها الشهير باتريك كوكبرن تقريراً مثيراً عن فنون الجرائم بحق الإنسانية التي ترتكبها عصابة "داعش" ضد النساء وكل المدنيين وصنوف التعذيب التي تمارسها، ويكشف التقرير اللثام عن آخر ابتكارات الدواعش في تعذيب النساء في مدينة الموصل عبر آلة حديدية تسمى بـ "العضاضة" .. وفي الآتي نص التقرير:
يســــــميها أهل الموصل "العضاضة" أو "القاضمة"، وهي اداة معدنية جديدة استحــــــــدثتها عصابات "داعش" لمعاقبة النساء اللاتي يتهـــــــــــــــــــمن بأن ملابسهن لا تستر اجسامهن بشكل كامل، ويصف مدير مدرسة سابق تمكن من الفرار من المدينة في وقت ســــــــــــــــــــــــــابق من هذا الشهر الأداة فيقول انها "تسبب آلاماً مبرحة لأنها تقرض اللحم قرضاً قبل أن تنتزعه"، بينما تقول "فاطمــــــــــــــــــــــة" وهي ربة بيت عمرها 22 عاماً، أنها أفلحت في الفرار من المــــــــــــــــــــــوصل بعد عدة محاولات سابقة باءت بالفشل حين رأت أطفالها يتضورون جوعاً وأن "داعش" بات اكثر عنفاً وسادية لاسيما تجاه النساء.
تعذيب "العضاضة" المؤلم
تقول "فاطمة" من مأمنها الحالي في معسكر "مبروكة" للاجئين بالقرب من راس العين في المنطقة الخاضعة للسيطرة الكردية شمال شرق سوريا: "لقد اصبحت العضاضة كابوساً، ولي شقيقة عوقبت بهذا العقاب القاسي في الشهر الماضي لأنها نسيت ارتداء قفازاتها"، حيث يشدد "داعش" على ارتداء النساء نقاباً كاملاً بالإضافة الى رداء فضفاض يشبه البنطال وجوارب وقفازات وأن يكن دائماً برفقة ذكر من العائلة حين يغادرن منازلهن، وتتابع "فاطمة" حديثها بالقول: أن "الندب والكدمات التي خلفتها الأداة المعدنية على ذراع شقيقتي لا تزال واضحة للعيان رغم مرور شهر على الحادثة"، وتنقل عن شقيقتها أن العقاب بالعض كان "قاسياً بشكل لا يوصف"، ويصف شهود آخرون الاداة بأنها تعمل على مبدأ "فخ" اصطياد الحيوانات أو مثل "فكين" من المعدن مزودين بأنياب تغرز في اللحم.
الهزائم تزيد عنف الدواعش
مــــــــــــــــــــــــــــــارس "داعش" العنـــــــــــف منذ بداية تحكمه في الموصل قبل 20 شهراً، ولكن عمليات الجلد والإعدام في الأماكن العامة اخــــــــــــــــذت تزداد شيوعاً خـــــــــــلال الاشهر الاخيرة، ويقول أهالي الموصل الفارون إلى المناطق الخاضعة لحماية الكرد السوريين: أن "المتطوعين الســــــــــــعوديين والليبيين الملتحقين بصفوف "داعـــــــــــــــــــــش" هم من ينفذ تلك العقوبات في الغالب لدى وقوع أدنى خروج على الضــــــــــــــــــوابط التي تفرضها دولة خلافتهم المزعومة"، ويفـــــــــــــــسر الأهالي ازدياد عمليات التعذيب من قبل الدواعش في الآونــــــــــــــــــــة الأخيرة بالقول: "يبدو الأمر وكأن مسلــــــــــــــــــحي ومسؤولي "داعش" يحاولون التعويض عما أصابهم من نكســــــــــــــــــات في الحرب على يد القـــــــــــــــــــوات العراقية بإظهار أنهم لا يـــــــــــــــــزالون يمتلــــــــــــــــــــــــكون سلطة التحكم بسكان المناطق التي يسيطرون عليها".
الغذاء في الموصل شحيح وما يتيسر منه مرتفع الكلفة جداً بسبب تعرض خطوط امدادات الـ"خلافة" المزعومة من تركيا وباقي انحاء سوريا للقطع بشكل متزايد، كما أن الاموال المتاحة لإنفاق "داعش" قد انخفضت أيضاً بفعل الضربات الجوية على صادرات نفطه المهرّب وتزامن ذلك مع انخفاض اسعار النفط في العالم، ويتحدث اللاجئون عن مجاعة آخذة بالتوسع والانتشار في المدينة بسبب الحصار الاقتصادي.
هناك هجمات مسلحة تقع ضد "داعش" في الموصل ولكن التنظيم سرعان ما يستخدم ذراعه الأمنية التي لا ترحم في استهداف أعدائه "الحقيقيين" و"المتخيلين" على حد سواء، وإذا انتفضت عشيرة ما ضد "داعش" في العراق أو سوريا لاحق التنظيم أفرادها وقتلهم بالمئات، ولكن مهما بلغت حدة الأزمة المعيشية التي تعصف بالمواطنين العاديين فإن مسؤولي التنظيم ومقاتليه سيبقون ينعمون بالغذاء والوقود، ولو أن رواتبهم قد خفضت الى النصف بسبب تراجع الواردات.
أعداء "داعش" الحقيقيون
تتعرض خلافة "داعش" المزعومة لهجوم مكثف يشارك فيه أعداء عديدون، ولو أنهم غير موحدين، أهم هؤلاء الاعداء هم الجيشان العراقي والسوري وقوات البيشمركة العراقية ووحدات حماية الشعب الكردية السورية، وتتضاعف قوة هذه الجهات بدرجة عظيمة بسبب المساندة الوثيقة التي تتلقاها من القوتين الجويتين الأميركية والروسية والتي تجعل من المحال على "داعش" الاحتفاظ بمواقع ثابتة معلنة دون أن يتكبد خسائر جسيمة.هناك دلائل متزايدة على شيوع الفساد والتفكك بين صفوف "داعش"، بل أن مجرد نجاح كل هذا العدد من الناس في مغادرة الموصل، رغم الروادع الصارمة التي تمنع ذلك، يكشف عن أن قدرة "داعش" على فرض قوانينه وضوابطه قد تراجعت عما كانت عليه رغم كل الرعب الذي لا يزال يفرضه على الناس، ويقول مدير المدرسة السابق، الذي امتنع عن الادلاء باسمه، أن "الجماعة تهدد من يحاولون الخروج من الموصل بالقتل".
الموصل "مدينة أشباح"
كانت عصابات"داعش" على طول الخط تنظيماً قائماً على الشك، فهو يرى الخونة والجواسيس في كل مكان، ولكنه اليوم اسوأ حالاً، أي شيء بالنسبة لـ"داعش" يصلح أرضية للشك، حيث تذكر امرأة وصلت مؤخراً الى مدينة أربيل أن حماها قد القي القبض عليه واعدم لأنه كان يعمل ذات يوم في وحدة الشرطة المكلفة بحماية حقول النفط. يقول عدد من أهالي الموصل السابقين أن مدينتهم قد تقهقرت الى ما قبل العصر الحديث، فهي بلا ماء للشرب ولا كهرباء، خلال العام الأول من عمر ما يسمى بـ"دولة الخلافة" كانت عصابات "داعش" تبذل جهوداً حثيثة لضمان استمرار عمل الخدمات العامة بما يوازي عمل اجهزة الدولة العراقية، ولكنها على ما يبدو قد تخلت عن هذه المحاولة، وتوقف التجهيز الكهربائي بشكل شبه كامل ولجأ الناس الى المولدات الخاصة عالية الكلفة، تقول فاطمة: أن "معظم مناطق المدينة تغرق في الظلام ليلاً حتى باتت الموصل اشبه بمدينة أشباح".
ترجمة – أنيس الصفار
https://telegram.me/buratha