يرى مقال في موقع "ذي إنترسبت" الأميركي أن بعض ما يجري في السعودية -مثل الخطوات المتسارعة في إستراتيجية الترفيه- يظهر ولي العهد كمن أفلت تماما من جريمة قتل.
وبحسب مقال الكاتبة سارة عزيزة، فقد أعلنت الهيئة العامة للترفيه بالمملكة مطلع الأسبوع الماضي 2019 عام الترفيه بالمملكة، وقد رصد ولي العهد محمد بن سلمان 64 مليون دولار ميزانية لهذا المخطط، غير أن ذلك يمثل مفارقة مع ما تشهده المملكة من انتهاك لحقوق الإنسان.
وقد أُعدت منصة إلكترونية بالإضافة إلى تطبيق "استمتع بالسعودية" للترويج لهذا المشروع الذي يسعى بن سلمان من خلاله إلى جعل السعودية واحدة من أفضل عشر وجهات ترفيهية في العالم.
وفي هذا الإطار، أعلنت السلطات أنها دخلت في مفاوضات مع نجوم عالميين على غرار ماريا كاري وجاي زي وتريفور نواه وكريس روك وسيث روجن، من أجل إحياء حفلات على أراضي المملكة.
القمع والانتهاكات
غير أن الكاتبة تضيف أن نفس الأسبوع شهد كذلك نشر منظمة العفو الدولية تقارير جديدة حول قمع النظام السعودي للمعتقلين وتعريض الناشطات المعتقلات بالسجون لانتهاكات حقوقية واعتداءات جسدية رغم أنه لم توجه لهن منذ اعتقالهن أي تهم قضائية.
وتشير الدلائل -وفق الكاتبة- إلى أن المسؤول عن هذه الانتهاكات التي تتعرض لها السعوديات هو سعود القحطاني المقرب من بن سلمان ومستشاره السابق الذي ارتبط اسمه أيضا باغتيال المواطن الصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية في إسطنبول.
وتنسب الكاتبة إلى لين معلوف مديرة مكتب منظمة العفو الدولية بالشرق الأوسط أن السلطات السعودية لم تكتف فقط بسلب هؤلاء النساء حريتهن، بل تجاوزت ذلك بتعريضهن لانتهاكات جسدية.
ومن جهتها، نفت وزارة الإعلام السعودية الاتهامات الموجهة لها بشأن انتهاك حقوق الإنسان، وقالت إنه لا أساس لها من الصحة، لكن السلطات رفضت طلبات الحقوقيين بالدخول إلى سجونها لمعاينة الأوضاع داخلها.
وأعربت الكاتبة عن عدم استغرابها للرد السعودي المقتضب ورفض الرياض زيارة الحقوقيين، رابطة ذلك بإفلات بن سلمان من مسؤولية مقتل خاشقجي وما أكسبه ذلك من ثقة.
ولاحظت أن بن سلمان فاجأ الجميع بداية بسط نفوذه، عندما فتح دور السينما وسمح بعرض أفلام هوليود وغيرها من العروض.
الصمت الإعلامي
وحتى وسائل الإعلام الغربية وقعت في فخ بن سلمان -حسب مقال ذي إنترسبت- حيث تجاهلت أو رفضت الحديث عن القمع الذي تمارسه السلطات السعودية، والانتهاكات التي يتعرض لها المعارضون، بالإضافة إلى فشل بن سلمان في حرب اليمن، وعدم قدرته على إنهاء التمييز الذي تتعرض له المرأة في المجتمع.
وقد تواصل الصمت الإعلامي حتى بعد أن تمادت السلطات في انتهاكات حقوق الإنسان، حيث شن بن سلمان في مايو/أيار الماضي حملة استهدفت مدافعين سلميين عن حقوق المرأة، ومن بين المستهدفين ناشطات دوليات على غرار لجين الهذلول وإيمان النفجان وسمر بدوي وهتون الفاسي.
وترى الكاتبة أن اعتقال هؤلاء النسوة أكد سياسة بن سلمان القمعية التي تهدف لإسكات حتى أكثر الأصوات المعارضة اعتدالا، حيث عبر عدد من هؤلاء المعتقلات بداية حملتهن عن استعدادهن للعمل في صف السلطة بهدف إنهاء الوصاية الذكورية بالمجتمع السعودي، ولكن مصيرهن في النهاية كان السجن.
كما تم تهديد عدد من الناشطات اللواتي خضعن للأوامر وتخلين عن أنشطتهن الحقوقية، لتعود السلطات وتلقي القبض عليهن وتوجه لهن تهمة التآمر على أمن المملكة مع جهات أجنبية، دون تقديم دليل على ذلك.
وتضيف الكاتبة: وحتى بعد هذه الاعتقالات، واصل العالم تمجيد بن سلمان واصفا إياه برائد الإصلاح، وفي الوقت ذاته استمرت الانتهاكات الحقوقية في الارتفاع لتصل مستويات غير مسبوقة. وطبقا للمنظمات الحقوقية، تعرضت المعتقلات للصعق بالكهرباء على يد السجانين، كما تعرضت إحداهن للتعليق بالسقف، بالإضافة إلى انتهاكات جسدية وجنسية أخرى.
وتشير إلى أن هذه المعاملة السيئة بحق المعتقلات لا تمثل انتهاكا للقوانين الدولية فحسب، بل تعكس أيضا قوانين الوصاية الأبوية التي تحكم المجتمع في المملكة والتي تغطي على الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السعودية.
وبحسب ما نقلته الكاتبة عن إحدى الناشطات الحقوقيات المحليات، فإن وجود نساء في المعتقلات بدوافع سياسية كان أمرا نادرا قبل وصول بن سلمان إلى ولاية العهد، وبهذا السياق يندرج إعلان السلطات الحكم بالإعدام على إسراء الغمغام التي تنتمي للأقلية الشيعية، والتي تعتبر أول امرأة تتعرض لعقوبة الإعدام جراء آرائها السياسية.
وكان على وسائل الإعلام الغربية -حسب المقال- أن تعتبر ما حدث بالسعودية من انتهاكات ناقوس خطر لما هو قادم، عوضا عن تجاهل الاعتقالات التي حدثت صيف 2018 بحق الناشطات الحقوقيات، وعوضا عن الانشغال بقرار بن سلمان آنذاك رفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية للسيارة.
استفاقة
ولعل استفاقة وسائل الإعلام الدولية -وفقا للكاتبة- جاءت مع اغتيال خاشقجي، حيث ظهرت الصورة الحقيقية لنظام بن سلمان.
وحتى هذه اللحظة "يعتبر الهجوم الإعلامي الدولي على النظام السعودي متناسبا مع جرائم هذا الأخير، مما قد يساهم في الحد من نفوذ بن سلمان".
وتضيف الكاتبة: يتجنب المواطنون الخوض بأي نقاشات سياسية أو اجتماعية، حتى عبر حسابات وهمية على مواقع التواصل خوفا من أن تلاحقهم السلطات خاصة مع ظهور قوانين جديدة يتم تطبيقها بشكل متزايد تحت شعار محاربة الإرهاب وجرائم الإنترنت.
https://telegram.me/buratha