المقالات

تأهيل السجون للمغرر بهم لا للمجرمين

721 13:38:00 2010-10-07

حسن الهاشمي

ماذا نعمل إزاء الجرائم التي يقترفها المجرمون بحق الأبرياء من الشعب العراقي، وهل إن الرأفة الإسلامية والشهامة العربية تشمل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء؟ أم أن ضمان حقوق الإنسان يشمل فقط المغرر بهم، بل أن ذروة الدفاع عن حقوق الإنسان ينبغي أن تنصب على عوائل المقتولين والمعوقين والمجروحين غدرا على مذبح العهر السياسي والنفاق المبتذل الذي يحاول الحصول على مكاسب سياسية من خلال إيغاله بالجرم والقتل والتنكيل لشعب أبى إلا أن يعيش كريما!!!.ونقلا عن احد القادة الأمنيين الذي كشف إن من جملة قادة العصابات الإرهابية الذين قاموا واشرفوا على عدة عمليات إرهابية نوعية، منها تفجير الوزارات وغيرها هم ممن كانوا في السجن لعدة سنوات ثم أطلق سراحهم، تأهيل السجناء من عدمه هو الحد الفاصل بين المجرم الذي عنده سبق إصرار على جرمه وجريرته ويداه ملطخة بالدماء، وبين المغرر به الذي اضطرته الظروف بأن ينخدع بشعارات الإرهاب البراقة دونما ارتكاب جريمة ضد الأبرياء، فالأول لابد من اتخاذ الإجراءات القضائية الرادعة بحقه وتنفيذ الأحكام التي تصدر بحقه مهما كانت هذه الأحكام، أما الثاني فالمؤسسات الأمنية مدعوة بأن تضع دراسة اجتماعية ونفسية تعالج أسباب هذه الظاهرة وتضع حلولاً لها للحد منها.وعليه فان الفكر الإنساني قد استفاد من تلك النظريات والممارسات التي كان رائدها صاحب الفكر الإنساني والقانوني العظيم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولكن بعد مرور مئات السنين، حيث لم يتم الاهتمام بالسجون من ناحية البناء ومن ناحية المعاملة أي كمؤسسة إصلاحية علاجية تأهيلية بصورة فعلية إلا بعد القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.فنجد أن هناك عناية بالسجين من نواحي الجسد والروح والفكر، يقول الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (رحمه الله) في كتابه أحكام السجون بين الشريعة والقانون "كان الإمام علي (عليه السلام) يتابع طعامهم وشرابهم وكان يصرف لهم كسوة صيفية وأخرى شتوية وفي حال مرض احد السجناء فكان يعالج داخل المؤسسة العقابية وان لم يكن له خادم يقوم بخدمته قوَّم له واحداً، وان كان مرضه لا يرجى شفائه أو خطراً على حياته فينقل إلى بيته لعلاجه ومن ثم يصدر قراراً بإعفائه من مدة محكوميته، وكان يسمح للمسجونين بالخروج والمشي داخل المؤسسة العقابية، بل نجد أن الإمام (عليه السلام) قد أقر للسجناء بحق الخروج لأداء صلاة الجمعة والعيدين، مع حق ذويهم وأهلهم في زيارتهم، ثم نجد أن الإمام (عليه السلام) قد أقر تعليم السجناء القراءة والكتابة والأحكام الدينية والعقائدية والمواظبة على ممارستها، ثم أكد على ضرورة معاملة السجناء (النزلاء) بالحسنى من قبل القائمين على إدارة المؤسسة العقابية وذلك كله يتم تحت إشرافه ورقابته المباشرين، بل كان يوصي عماله في الأمصار الأخرى بذلك كله، هذا الفكر الإصلاحي أصبح نقطة الانطلاق فيما بعد للفكر الجنائي الإسلامي (والإنساني) عموماً في الاهتمام بالسجن والسجين" غير أن الغاية منها قد ابتعدت عن الإصلاح والتأهيل والتهذيب ولاسيما في العهدين الأموي والعباسي وما بعدهما من توالي الأنظمة الشمولية في العالم الإسلامي لتتحول السجون فيها إلى حقوق تجارب في التنكيل والانتقام من السجناء. إن من جملة الأمور التي تصب في إصلاح السجون وتأهيلها وصولا إلى إنصاف الضحية والمجتمع بعد اجتثاث الغدد السرطانية فيه وإصلاح ما فسد من أمور بعض المسلمين، إلقاء المحاضرات الفكرية والعقائدية في أوساط المغرر بهم من المسجونين من قبل أساتذة متخصصين في الفكر والعقيدة وأساتذة في عِلم الاجتماع والنفس بحيث تساهم هذه المحاضرات في تبصرة السجين بالعواقب الوخيمة لتبني الأفكار التكفيرية الإرهابية وما هو ضررها على نفسه ومجتمعه .. وكذلك توفير الظروف المناسبة للسجناء ممن لم يتمرسوا في الإجرام ولم تتحجر عقولهم على الأفكار المنحرفة، فان هذه الظروف سوف تجعل حاجزاً بين شريحة كبيرة من السجناء المغرر بهم، وبين تلك الشريحة التي تتبنى الخط التكفيري والإجرامي كمنهج في حياتها ولا تستقيم الحياة إلا باستئصالهم، جزاء ما كانوا يقترفون من جرم وقتل بحق الأبرياء لأجندات خارجية مشبوهة ودوافع طائفية مقيتة.إن فكرة السجن كمؤسسة إصلاحية علاجية تأهيلية لم تتبلور في الفكر القانوني الإنساني المعاصر إلا بعد مخاضٍ طويل، غير أنها وجدت تطبيقاً لها في بدايات الدولة الإسلامية، ولاسيما في فكر الإمام العظيم علي بن أبي طالب (عليه السلام) على نحوٍ سبق فيه الأفكار الحديثة بمئات السنين، وتطبيقها بحق المغرر بهم دون الجناة هي ظاهرة حضارية نحن بأمس الحاجة إليها لاسيما ونحن نسعى إلى بناء دولة المؤسسات القائمة على احترام حقوق الإنسان بما هو إنسان دونما تجزأة أو ربما دوافع سياسية مقيتة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك