د. خيون العكيلي
تم مؤخرا طرح موضوع تلوث نهر الفرات في الناصريه في القنوات الأعلاميه ومن قبل بعض المسؤولين في محافظه ذي قار ومن آجل آغناء الموضوع وتعميم الفائده للقارئ الكريم سأتطرق الى موضوع تلوث نهر الفرات بشيء من الشموليه من الناحيه التأريخيه و الفنيه.
نبذه تأريخيه: تشير قياسات ملوحه نهر الفرات في الناصريه الى أن مستويات الملوحه آزدادت بشكل غير طبيعي اعتبارا من منتصف سبعينات القرن الماضي ومنذ ذلك الحين وحتى الان فأن مياه نهر الفرات في السماوه والناصريه بصوره خاصه سجلت معدلات عاليه وصلت في مدينه الناصريه الى أكثر من خمسة الاف جزء بالمليون (المياه الصالحه للشرب يجب أن لاتزيد ملوحتها عن الف جزء بالمليون) . تشير الدراسات العلميه المنشوره وهي أولا: دراسه صادره من جامعه بغداد ومنشوره في سويسرا للعام 1980 ثانيا: دراسه صدرت عن وزارة الري الملغاة لعام 2001 ثالثا: دراسه صدرت من جامعه اوكلاهوما العامه الامريكيه للعام 2009 تشير هذه البحوث العلميه الثلاثه الى أن نهر الفرات يتلوث بفعل مياه البزل الزراعي التي تصب فيه في جزءه الواقع مؤخر ناظمي اليعو و أبو عشره حتى مدينه السماوه وعددها لا يقل عن خمسه. وبسبب قلة تصاريف المياه العذبه التي تطلق في هذا الجزء من النهر من سدة الهنديه. ولم تشر آي من الدراسات الى ان المياه الجوفيه سببا في تلوث مياه نهر الفرات في هذا الجزء. الدراستين الاولى والثالثه آضهرتا إن ملوحة مياه النهر تزداد سوءا في الناصريه مقارنة بالسماوه ولكن لأسباب غير معروفه. ويعتقد البعض أن سبب أزدياد ملوحة النهر بين السماوه والناصريه يعود الى أن النهر يمر في منطقه ذات تكوينات ملحيه ولكن لاتوجد دراسه علميه تدعم هذا الاعتقاد. وأن تحديد أسباب تملح مياه النهر بين السماوه والناصريه يحتاج الى دراسه هايدرولوجيه وبيئيه تشمل المياه السطحيه والجوفيه والتكوينات الجيولوجيه وتستمر لمده سنه هايدرولوجيه كامله وأن تقترح الحلول بناءا على نتائج هذه الدراسه وينبغي عدم التسرع في أقتراح حلول قبل أن نصل الى استنتاجات اكيده حول سبب المشكله.
الحلول المقترحه:أن التدهور في نوعيه مياه نهر الفرات في محافظتي السماوه والناصريه يعود بصوره رئيسيه الى سوء تشغيل النهر في هذا الجزء وعليه يتطلب الامر الى آتخاذ أجراءات تشغيليه لمعالجه التلوث الملحي وكالاتي:اولا: أكمال مبزل الفرات الشرقي وكافه المبازل المرتيطه به وربطه بالمصب العام وأيقاف تصريف مياه البزل الزراعي بكافة أشكاله الى نهر الفراتثانيا: أطلاق ما لايقل عن مئه وخمسين متر مكعب بالثانيه بصوره مستمره في نهر الفرات مؤخر ناظمي اليعو وأبو عشره .صحيح أن هناك شحة مياه في العراق ونحن نعرف أسباب هذه الشحه ولكن أن واردات العراق المائيه لا تقل عن سبعمائة متر مكعب بالثانية في أسوأ الظروف ( حوالي ثلاثمائة متر مكعب بالثانيه واردات نهر الفرات عند القائم وأكثر من أربعمائة متر مكعب واردات نهر دجله عند الفتحه) وبالأمكان أطلاق المائه وخمسين متر مكعب للجزء الجنوبي من نهر الفرات بأستمرار لو توفرت الأداره العلميه للموارد المائيه في البلد ولو أعتمد مبدأ المناقله بين دجله والفرات ومبدأ المناقله بين المياه السطحيه والجوفيه.وبالأمكان أستخدام العامل الأقتصادي بصوره فعاله من قبل الحكومه العراقيه لأجبار تركيا على أطلاق حصة نهر الفرات البيئيه (الجريان البيئي) والتي قدرتها دراسات علميه مختلفه بحوالي مئه وسبعين متر مكعب بالثانيه(أضافه الى ما يطلق حاليا) للحفاظ على بيئة وأيكولوجية النهر حتى مصبه في الفاو. للأسف السؤولين العراقيين والذين زاروا تركيا عشرات المرات لم يتطرقوا الى مشكلة المياه ولم يطرحوا مشكلة تلوث الفرات مع الأتراك وكأن الأمر لا يعنيهم. ولا ندري ماذا ينتظر السمؤولين أسوء من الذي يحصل في الجنوب من شحه للمياه ليتحركوا ويحافظوا على البيئه. للإسف وكما شخصها أحد السفراء الأمريكان ففي العراق الحكومه في وادي والشعب في وادي أخر ولا يوجد بينهما تواصل وهذه حقيقه على مر العصور فالمسؤولين العراقيين منقطعين عن الشعب ولا يحسون في معاناته.ثالثا: أن تتولى وزارتي الموارد المائيه والبيئه دراسة مشكلة أزدياد الملوحه في النهر بين السماوه والناصريه ووضع المعالجات النهائيه وقد يكون أحدها تحويل مسار النهر وتبطينه بالكونكريت.
وزاره الموارد المائيه والأولويات المفقوده :أن وزارة الموارد المائيه بأدارتها الحاليه أنحت باللائمه على النظام السابق لسوء إدارته للموارد المائيه وتسببه بمعظم المشاكل التي تحصل في مياه دجله والفرات. ولكن الوزاره وخلال السبع سنوات الماضيه لم تقدم شيئا يذكر يختلف عن ممارسات النظام السابق. تشير خطة الوزاره للعام المقبل الى عدة مهمات ليس بينها تحسين نوعية مياه نهر الفرات في جزءه الجنوبي والغريب أن الوزاره تهمل مهمة أيصال المياه الصالحه للشرب الى الجنوب العراقي والتي يجب أن تكون أولويتها الأولي وتركز على أنشاء سدود هامشيه وغير ذات جدوى في إقليم كردستان. أن البلد ليس بحاجه لسدود جديده(بأستثناء سد بخمه والمتوقف لأسباب سياسيه) لكون السعه الخزنيه للسدود الحاليه على نهري دجله والفرات وروافدهما داخل العراق أكثر من الواردات المائيه المتوقعه ولعدة سنوات قادمه .لقد صرفت وزارة الموارد المائيه في السنوات الأربعه الماضيه ما يقارب المائه وخمسين مليار دينار عراقي على سدود هامشيه وغير صحيحه موقعيا لأن موقعها يتعارض مع سد العظيم ولم تصرف على مبزل الفرات الشرقي أكثر من عشرين مليار دينار عراقي في حين أن هذا المبزل من المفروض أن ينجز منذ زمن بعيد لكونه سبب رئيسي في تلوث المياه في الجنوب وحرمان المواطنين من المياه الصالحه للشرب. أن الوزاره مدعوه آن تعيد النظر في أولوياتها وآن تجعل تحسين نوعيه مياه دجله والفرات في الجنوب أولويتها الاولى. ولا نتجنى على أحد عندما نذكر الحقيقه المره هو أن نهر الفرات يتلوث داخل العراق وخصوصا جنوب الكوفه وأن نهر دجله يتلوث داخل العراق ايضا وأبتداءا من جنوب بغداد. فهل نبقى على هذه الحال ونلقي اللوم على الأخرين وعلى شحه المياه (والتي هي حقيقه ولكنها حقيقه قديمه ) أم من المفروض أن نقوم بأجراءات داخليه جديه للحد من تلوث المياه والتعامل مع الواقع والوصول الى توزيع عادل للثروه المائيه بين العراقيين جميعا. أن بلدا وارداته المائيه السنويه لا تقل عن ثلاثين مليار متر مكعب من غير المعقول أن يحرم حوالي ثلث مواطنيه من المياه الصالحه للشرب وحكومته لم تفعل شيئا خلال فترة سبع سنوات.
https://telegram.me/buratha