حميد الشاكر
قبل يوم اعلنت وزارة الداخلية السعودية ومن خلال متحدثها الرسمي اللواء منصور التركي عن أعتقال شبكة من خلايا تنظيم القاعدة مكونة من 149 شخصا وبحيازتهم اسلحة واجهزة كمبيوتر واموال ....الخ كانت تخطط لشنّ هجمات على شخصيات امنية واعلامية وسياسية داخل السعودية ، وقد ذكر المتحدث ان هذه الخلايا من شبكة القاعدة لها امتدادات في مدن سعودية داخلية عديدة ، ولها ارتباطات خارجية وهي متصلة بالفعل بتنظيم القاعدة المرّوج للفكر التكفيري الضال !!.
والحقيقة ان هذه العملية الامنية الاستباقية ضد القاعدة داخل السعودية واعلان وزارة الداخلية السعودية عنها تأتي من ضمن سلسلة طويلة تكاد تكون شهرية داخل المملكة السعودية وهي تعلن بين الفينة والاخرى عن احباط عمليات ارهابية تهيئ لها القاعدة لضرب اهداف حيوية داخل السعودية ، ولكن وباللحظات الاخيرة تتمكن الداخلية السعودية من استباق العمل الارهابي والقاء القبض على الشبكات القاعدية المنتشرةبكثافة داخل المملكة وبصورة متقنة ممايدعونا كمراقبين وغيرنا بالتساؤل حول ماهية هذه التقنية الامنية العالية التي تمتلكها الداخلية السعودية لتكشف لنا كل شهرين عن انتصار امني على القاعدة ؟.ولماذا دائما تكون الاجهزة الامنية السعودية صاحبت المبادرة والاستباق في القاء القبض على شبكات القاعدة قبل ان تتمكن هذه الشبكات الارهابية من الوصول الى خط الشروع والتنفيذ لهذه المخططات التدميرية داخل السعودية ؟.
بمعنى اخرما الذي يجعل الاجهزة الامنية السعودية في وزارة الداخلية على اطلاع معلوماتي استخباراتي بكل حركات المجاميع الارهابية القاعدية التكفيرية الوهابية بهذه الصورة الفريدة في المنطقة العربية وبكامل تفاصيل حركتها ومخططاتها الاجرامية بحيث تكون الاجهزة الامنية السعودية ودوما وكظاهرة امنية ملفتة للنظرهي السبّاقة على الاطلاق في حركتها لقنص شبكات الارهاب وباوكارها ، وحتى بدون اعطاء اي خسائر مادية تذكر في الارواح او في الممتلكات اثناء القاء القبض على ارهابيين عُرف عنهم الاستماتة وتفضيل الانتحار قبل القاء اجهزة الامن القبض عليهم ؟.
فهل هو بسبب عبقرية وذكاء وتطور الاجهزة الامنية السعودية ، بحيث انها وصلت الى مرحلة سابقة بكثير لتحركات شبكات الارهاب القاعدية الوهابية داخل المملكة السعودية وحتى خارجها ؟.أم بسبب ان هناك روافد استخباراتية عالمية امريكية واسرائيليةوغربية تنسق مع اجهزة الامن السعودية في الداخل والخارج وهي التي تخطط مع هذه الاجهزة لتجعل لها السبق دوما بالانقضاض على شبكات الارهاب القاعدية في داخل المملكة وحتى قبل ان تصل هذه الشبكات الى نقاط التنفيذ او التفكير بكيفية التنفيذ اصلا ؟.
او انه لاهذا ولاذاك في الحقيقة هي الاسباب الكامنة خلف عملية تفوق الاجهزةالامنية السعودية على شبكات الارهاب الوهابية القاعديةوانما غفلة شبكات القاعدة وركونها في العمل الى موازين دينية تسمح بكل بساطة لاختراق الاجهزة الامنية السعودية لهذه الشبكات ومن ثم العمل من داخلها لكشف خطوطها قبل الانقضاض عليها كصيد سهل وتحت المجهر ولايتطلب التصدي له سوى الانتظار حتى دخول الفأر الارهابي الى قفص الاسلاك الامنية السعودية او جحورها لاغير ؟.
الواقع ان فرضيةعبقرية الاجهزة الامنية السعوديةوتطورها التقني للتفوّق على العقلية الارهابية القاعديةوكذا فرضية التنسيق العالمي مع اجهزة الامن السعودية باعتبارهما جوابين واقعيين لظاهرة استباق الاجهزةالامنية السعودية دوما للعمل والتخطيط والتحرك القاعدي الارهابي داخل المملكة السعودية لايبدوان انهما جوابان حقيقيان لظاهرة تفوّق الاجهزة الامنية على شبكات الارهاب القاعدي داخل المملكة وذالك لعدة اسباب ومبررات ليس هنا شأن ذكرها ، بينما يبدو جواب السؤال الثالث هو الاقرب لواقعية تحليل هذه الظاهرة الامنية السعودية باعتبار الاتي :
اولا : لايخفى ان الايدلوجيا الدينية الارهابية الوهابية التي تؤمن بها المملكة السعودية هي نفسها الايدلوجيا الدينية الارهابية المتطرفة التي تعتنقها هذه الشبكة القاعدية التي انتجت التطرف والتكفير والارهاب في المنطقة والعالم وهذا يعني فيما يعنيه ان هناك وحدة عقيدة بين اجهزة الامن السعودية ، وبين مؤمني القاعدة والارهاب في داخل المملكة السعودية وخارجها واذا اضفنا لهذه الحقيقة حقيقة ان اكثر من ثمانين في المئة من الاجهزة الامنية السعودية هي من الشرطة الدينية الذين يتدربون ويدرسون ويتخرجون من نفس المدارس الدينية التي خرّجت طوابير مؤمني القاعدة ،فهمنا على الفور سهولة اختراق اجهزة الامن السعودية لهذه المجاميع والاوكار القاعدية التي تتخذ من الفكر السلفي التكفيري منصتها الايدلوجية ومعتمدها الرئيس على تجنيد كوادرها والتقاط انتحارييها وقواعدها الشعبية من داخل المجتمع السعودي وخارجه !!.
ثانيا : ان الاجهزة الامنية السعودية هي الاقدرحقيقة دون سواها من الاجهزة الامنية العربية والعالمية على اختراق منظومة العمل القاعدي الارهابي القائمةاساسا على الايدلوجيا الدينية الوهابية في حركتهاوقواعدانطلاقها الفكرية في الكسب الايدلوجي وبما ان اجهزة الامن السعودية لديها الامكانيات الكبيرة في زرع الجواسيس داخل مؤسسة القاعدة الارهابية وبكل بساطة من خلال التمظهر الديني وعمل وعاظ الدين وشيوخه داخل المملكة كموظفين اساسافي اجهزة الامن السعودية والمنسقين معاشيا وماليا بصدور رواتبهم الشهرية من وزارة الداخلية السعودية ، وبكشوفاتها الاقتصادية وسيطرة هذه الاجهزة الامنية على كل الحركة الدينية الوهابية داخل المملكة وخارجها فعلى هذا الاساس يمكننا تصورالمشهد وفهم الظاهرة تماماوالاجابةعلى سؤال كيف ؟، ولماذا دائما الاجهزة الامنية السعودية هي السباقة للاطاحة بالمخططات الارهابية القاعدية قبل وصولها الى الثمرة او التنفيذ !!.
وعلى هذاالاساس ايضايمكننا الوصول الى حقيقة اخرى اعمق في ظاهرة الاختراق الامني السعودي لشبكات القاعدة وخلاياها النائمة داخل الجزيرة العربية وخارجها وهي حقيقة ذات بعدين :
الاول : هو ان القاعدة وبدلا من ان تخترق هي المجتمع السعودي ، من خلال الايدلوجيا الدينية الوهابية السعودية استطاعت قوى الامن السعودية قلب المعادلة لصالحها ، لتكون الاجهزة الامنية هي المخترقة بالفعل ، لتنظيمات شبكات القاعدة الداخلية والخارجية بل واستطاعت هذه الاجهزة الامنيةكما يبدو جليّا من صناعة مصادرمعلومات كامنة داخل تنظيم القاعدة وفي اعلى هرم القيادة فيهاوهي من يلعب كل هذه اللعبة الكبيرة من داخل التنظيم في كشف المخططات للاجهزةالامنية السعوديةوصياغة كشوفات اسماء تنظيم القاعدة ومحل سكناهم ومخابئ اسلحتهم وكيفيةعملهم واهدافهم الداخليةوالخارجيةونوعية هذه الاهداف ومواقيت تحركاتهم واتجاهاتها .... الخ وتقديمها دوريا للاجهزة الامنية السعودية ، مما يوفر لهذه الاجهزة مصادر معلومات ثرية ومريحة ومهمة لعملها الاستباقي جدا للسعودية وغيرها !!.
الثاني : وهو ان القاعدة ، وعلى هذا المشهد ، وبهذا الاختراق الامني لتنظيمها وشبكاتها وخلاياها السعودية وغير السعودية لايمكنها احداث اي تغيير حقيقي داخل المملكة السعودية ،ومهما بذلت من جهود اجرامية وقدمت من انتحاريين وقتلة لمقاصل المعركة وذالك لكشف الاجهزة الامنية السعودية لجميع تحركاتها ومخططاتها العملية من جهة ،ولاختراق هذه الاجهزة الامنية للتنظيم وتوظيف كوادر قيادية داخل شبكة القاعدة لصالح المخابرات السعودية من جانب اخر !!.بل لايخفى على المتتبعين للشأن السعودي القاعدي ، ان الاجهزة الامنية السعودية استطاعت بالفعل السيطرة من الداخل على توجهات تنظيم القاعدة ، فضلا عن اختراق هذا التنظيم فقط ، واصبح كالمسلّمة القول بان تنظيم القاعدة مُدار تماما من خلال الاستخبارات السعودية وبمايرصدلهامن اموال وما يخطط لحركتها من اهداف بدون ان يكون للتنظيم ادنى ادراك لهذه الحقيقة التي تؤكدها الكثير من الشواهد والتقاريروخاصة العراقيةالتي أكدت على ان انتخاب وتنصيب قيادات تنظيم القاعدة في العراق تتم من خلال اروقة المخابرات السعودية ، وبالكيفية التي ترتأيها هذه الاجهزة لصالح النظام السياسي السعودي داخل جزيرة العرب وليس بالضد له او امكانية زعزعت استقراره السياسي على الحقيقة !!.
https://telegram.me/buratha