المقالات

المهزلة العربية الكبرى:تهافت الشعوب العربية ( 1 )

1712 17:02:00 2006-11-12

( بقلم : مهند السماوي )

ليست فقط مصيبة العراق الكبرى،عندما تقف غالبية طائفة رئيسية مهمة من مكونات الشعب العراقي،وهي الطائفة العربية السنية والتي لا يزيد تعدادها بأحسن الاحوال عن 20%بجانب الدكتاتور السابق صدام التكريتي،ضد حكم المحكمة الجنائية العراقية العليا الصادرضده، نظرا لارتكابه جرائم بشعة لاتخفى على احد،بحق الشعب العراقي وشعوب المنطقة،المصيبة الكبرى ان تشترك في العيش في بلد واحد مع أناس يقفون مع مجرمين عتاة لمجرد كونهم ينتسبون الى نفس الطائفة،أو كانوا منتفعين من حكمهم الجائر،في تنكر واضح لابسط المبادئ والقيم الانسانية،ناهيك عن الوطنية والدينية!،بل مصيبة العالم العربي الكبرى،عندما تشاهد أو تسمع أو تقرأ لأناس تحتار في وصفهم بالكلمات السيئة بعد التنكر الواضح لكل المبادئ والقيم الدينية والوطنية والقومية والانسانية،لم يبقى لهم رابط انساني بعد ان تحولوا الى عالم الحيوانات وشريعة الغاب!في فقدان واضح لذلك العقل الذي انعم الله سبحانه على البشرية،في ما نرى بقية شعوب العالم الاخرى تتعاطف وتتعاون في مابينها في أيام المحن والازمات،ولا تترحم على الطواغيت مهما كان الخلاف الديني والمذهبي والعقائدي مع المضطهدين الابرياء،بل تلعنهم حتى لو قدموا الخدمات الجليلة لدولهم،وهذا ما شاهدناه في التاريخ الحديث،والامثلة كثيرة جدا في ذلك،لاتعد ولا تحصى،منها بعد الحرب العالمية الثانية،حينما شاهدنا التعاون في كل المجالات بين الشعوب المنتصرة والشعوب المهزومة في الحرب،في تطور حضاري لافت للنظر يدل على التقدم الحضاري والانساني لتلك الشعوب،فكانت نتيجة ذلك كله التطور في كل المجالات لتلك الشعوب جميعا،فيما يجلس المتخلفون في كل المجالات،ينظرون ويتفلسفون في حتمية سقوط تلك الشعوب وحضارتهم مستندين لادلة تافهة موجودة عند المتخلفين قبل المتحضرين،متناسين المستنقع القذر حينما يتكلمون،ويرمون الحجارة على بيوت الاخرين،وبيوتهم من زجاج مكشوف ومتصدع لم ينصلح منذ زمن بعيد،هذا مع العلم أن الخلافات في الدين والمذهب واللغة والثقافة والتقاليد والفكر والجغرافيا والتاريخ الدموي الذي يجمع بين شعوبهم،هائلة قياسا بالعالم العربي والاسلامي،لكن كل ذلك ذاب من أجل الجميع ومن أجل المستقبل المشرق الزاهر،بل من أجل البشرية جمعاء.

يا سادة يا كرام،المشكلة في الشعوب أيضا:يتحدث الجميع ويضع مشكلة التخلف بجميع أشكاله وصوره ومنها تهافت العقل العربي،على الحكام والانظمة التي حكمت دول العالم العربي في القرون الاخيرة،في تجاهل واضح للمنبع الدائم الذي لاينضب لهؤلاءالحكام وعبيدهم،وهم الشعوب العربية المقيدة عقولها بسلاسل حديدية من التخلف والهمجية بجميع صورها،الناتجة من ثقافة وتقاليد منحرفة بعيدة كل البعد عن المبادئ الدينية والانسانية،بل مستندة على تأريخ دموي لاحدود له لازال يمجد من قبل الكثيرين،واذا حاول أحدهم مجرد البحث الحقيقي فيه،وبالتأكيد سوف يوصله الى نتائج الى تتلائم مع تصورات الدولة والمجتمع،فسوف يكون له العذاب الدنيوي الذي لاحدود له،بل العذاب الاخروي في تصور هؤلاءأيضا،لأن الاخرة مثل الدنيا ملكهم!والنتيجة بقاء الجميع في دوامة التخلف والهمجية التي أصبحت تؤثرسلبيا في الشعوب الاخرى.

أن التنكر الغبي والفظيع للظلم الفادح الذي تعرض له الشعب العراقي الجريح على يد عصابة حزب البعث الارهابية الاجرامية،هو نتيجة منطقية لتلك الانظمة الدكتاتورية والشعوب المتخلفة،التي تضحك من جهلها الشعوب الاخرى.

الاستطلاعات المرعبة:ان أستطلاعات الرأي العام،أحد أهم المقاييس في معرفة رأي الناس حول أي مسألة في مختلف المجالات،في ظل صعوبة عمل أحصاء أو أستفتاء في كل مسالة صغيرة أو كبيرة،وبعكس الدول المتخلفة،فأن نتائج الاستطلاعات يؤخذ بها في الحسبان نظرا لوجود الانتخابات كل فترة زمنية مما يؤثر على نتائج الانتخابات،بالاضافة الى منظمات المجتمع المدني والصحافة في التأثير والتأثير المتبادل في المجتمع،بعكس الدول الاستبدادية ومنها دول العالم العربي التي أصبحت تمثل الغالبية العظمى من العالم الاستبدادي والمتخلف،والتي لاتقيم اي وزن للاستطلاعات ونتائجها حتى لو كانت في صالح تلك النظم المستبدة! لانها ببساطة لاتجري فيها اي أنتخابات حقيقية!،كذلك مسألة مهمة أخرى هي قلة الاستطلاعات أساسا أذا لم تكن معدومة أصلا!وعلى قلتها يتم التلاعب في نتائجها أذا لم تكن بصالح القوى المؤثرة!.ومن هنا تنبع أهمية الاستطلاعات في الانترنت في مواقع وسائل الاعلام المختلفة فيه،نظرا لما وفره للجميع من حرية لاحدود لها،وتكون الفائدة في أقصى صورها لدى المجتمعات المحكومة من قبل نظم مستبدة،حيث ينعدم التعبير الصادق للرأي وخاصة المخالف.

ورغم التلاعب بالاستفتاء ونتائجه أو عدد المصوتين ومكانهم،وهي حقيقة واضحة وصريحة تجدها أحيانا في استطلاع أخر مشابه له ولكن يختلف في النتائج!وعندها يجب معرفة مكان الاستطلاع والجهة الراعية له.ومهما كان التلاعب الذي قد يصل الى مستويات مخيفة،أو الجهة الراعية له،يبقى في تقديري من أهم الوسائل المهمة لمعرفة رأي الشعوب في مختلف القضايا،بل لمعرفة مستوى التطور الحضاري في مختلف المجالات لتلك الشعوب ومكان الخلل فيها أيضا،مما يستوجب العمل الدائم والدؤوب لعلاجها.

أن نتائج الاستطلاعات التي أطلع عليها الجميع وبالتأكيد أن نسبة المثقفين والمتعلمين فيها عالية جدا(على اعتبار أن المصوتين هم من الفئة المتعلمة بينما غالبية الشعوب العربية تعيش في أمية ابجدية وثقافية، فكيف رأي الشارع الامي!؟)،في رأي الشعوب العربية في حكم المحكمة العراقية على الدكتاتور السابق،وهو نفس احكام الاعدام الصادرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في محكمة الحلفاء في مدينة نورمبرغ الالمانية على قادة الحكم النازي في المانيا!(حتى لا يقول أحد أن العالم الغربي لم يعاقب النازيين بالاعدام)التي تدل على مقدار التخلف العربي ومقدار الهمجية وعدم مراعاة شعور الشعب العراقي الجريح وما عاناه من تلك العصابة اللاانسانية،والاستخفاف في دعوة الاديان والمذاهب والعقائد والمبادئ والمثل الانسانية،التي تدعو صراحة وبوضوح لا لبس فيه على دعم ومساندة المظلوم أيا كان وبأي وسيلة كانت،والوقوف بوجه الظالم أيا كان،وصور الظلم والطغيان والجرائم البشعة المخيفة لم تردع تلك الشعوب المتخلفة ومثقفيها الرعاع،من التصويت للمجرمين واتباعهم وهم المبتلون اصلا بأمثال هؤلاء المجرمين،أن شر البلية مايضحك!،ولم تردعهم الايآت الكريمة والاحاديث النبوية التي تحذروبشدة من أعانة الظالم وبأي وسيلة كانت ،والحث على دعم المظلوم،مما يدل على انعدام صفات المسلم الحقيقي على هؤلاء،والابتعاد عن الاسلام والاديان السماوية الاخرى،ناهيك عن الابتعاد عن روح الاخوة الانسانية وما تتطلبه من دعم ومساندة مادية ومعنوية حقيقية تعبيرا عن تلك الاخوة(هذا ما لاحظناه من ألغاء الديون المترتبة على العراق والتي تسبب بها النظام البائد وهي جريمة من جرائمه البشعة بحق الشعب،من قبل دول العالم المختلفة،بينما لم تلغى من قبل (الاخوةالعرب!) بل يجاهرون علنا في المطالبة بها لعنهم الله تعالى واذاقهم نفس العذاب الذي تعرض له الشعب العراقي المظلوم).ففي قرائتي للتعليقات التي يكتبها القراء العرب على مواضيع قناة العربية الاخبارية السعودية وهي بالطبع تخضع للرقيب،فيمكن تصور مقدار السقوط الاخلاقي المنتشر للكتاب المعلقين عندما نشاهد وجود عدد كبير من تلك التعليقات المتصفة بالانحلال الاخلاقي والنزعة الطائفية والقطرية والتعالي على الشعوب الاقل مستوى من الناحية المادية والجهل الثقافي المنتشر عندما نشاهد كثرة التعليقات على المواضيع التافهة،وقلتها على المواضيع المفيدة والقيمة.

فعند أخذ نموذج وهو التعليقات على خبر صدور حكم الاعدام على الطاغية صدام،عملت أحصائية بسيطة على نماذج المعلقين فوجدت الاجابات تتصف كالتالي:56% اجابات سيئة معادية للشعب العراقي وضحايا الدول المجاورة.33% أجابات جيدة مؤيدة للشعب العراقي وضحايا الدول المجاورة.(غالبيتهم عراقيين أو كويتيين).11% أجابات محايدة.(من المفروض أن لا يكون في هذه المسألة أي حياد،فالساكت عن الحق شيطان أخرس).في استفتاء أخر،السؤال:هل يستحق الطاغية صدام،عقوبة الاعدام؟الاجابة كانت كالتالي:39%يستحق الاعدام.20%لايستحق الاعدام!.41% لم يحظ الطاغية بمحاكمة عادلة،وكأنه كان يحكم ملايين الضحايا بمحاكمات عادلة!.وفي استفتاء آخر لقناة تلفزيونية آخرى منافسة للعربية ومختلفة التوجهات عنها،وهي الجزيرة القطرية،ففي أستفتاء شبيه بأستفتاء العربية السابق،هل الحكم على صدام بالاعدام،قرارعادل كانت الاجابة المرعبة التالية:21% حكم المحكمة عادل.79% حكم المحكمة غير عادل!

من هنا يمكن الكشف عن مقدار التلاعب في الاستفتاء وعن مقدار الهمجية والتخلف العربي!فأذا كانت النتيجة صحيحة،فتلك مصيبه كبرى، بل نكبة عربية عقلانية عظمى،نحتاج الى عقود من الزمن لالغائها وتصحيحها الى العكس،ولكن على من تتكل في التغيير،على الطبقة المثقفة التي صوتت في الاستفتاء،أم على الحكومات العربية الفاسدة!التي تشجع على الفساد وتخدير العقول بمخدرات الاستبداد!.وفي الصحف العربية والمواقع الاعلامية الاخرى،نجد أستفتاءات آخرى مشابهة لها في الاسئلة والنتائج،بل في الكارثة وعمق المأساة العربية!.فماذا لوتخيلنا عدم وجود الشعوب العربية الان في الخارطة السكانية العالمية!هل يؤثر وجودها من عدمه على البشرية وتقدمها الحضاري ورقيها الاقتصادي؟السوأل مطروح على المصوتين في الاستفتاءات السابقة!والجواب معروف سلفا بأذن الله تعالى!.مهند السماوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك