جواد العطار
عيد الغدير الأغر ، اكثر من ذكرى فهو اليوم الذي تمت فيه النعمة واكتمل فيه الدين (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ، وكان آخر البلاغات السماوية وأهمها ، (وان لم تفعل) أي لم تبلغ (فما بلغت رسالتك) أي الرسالة ناقصة ، فالرسالة وفقا لهذا المعنى بحاجة إلى راع وهاد يحافظ عليها وينميها ويمتلك القدرة والشجاعة على تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات ، وبذلك لا بد من شخصية متكاملة تجتمع فيها الخصال والقدرات التي تؤهل للعمل . فلم تكن عملية التنصيب اذن هوى أو رغبة أو بتأثير القرابة والنسب وغيرها من المقاسات الإنسانية ، وإنما جاءت نتيجة الإستحقاقات الكثيرة والكبيرة التي حازها علي (ع) في السيرة الرسالية والكفاءات والقدرات والخصال الإنسانية التي حباه الله بها.اليوم ونحن على اعتاب تشكيل الحكومة التي يرأسها السيد نوري المالكي والذي تم تكليفه رسميا في يوم الخميس المصادف 25 / 11 / 2010 ، لذا لا بد لنا من استحضار القيم والضوابط والمسارات التي حكمت عملية تكليف علي بن أبي طالب (ع) لولاية المسلمين وخلافتهم وربطها بالحاضر ، فالكفاءة والنزاهة والإخلاص وسعة الصدر والشجاعة والعدالة والعلم والسماحة والفصاحة ، كلها أمور كان علي (ع) يتمتع بها وليس ذلك وحسب ، وإنما كان الأول في كل هذه الخصال ، وشهادة النبي واضحة وجلية في ذلك (أعلمكم علي .. اشجعكم علي .. أعدلكم علي .. اقضاكم علي .. أعلمكم علي .. إلخ) وفي كل ذلك كان لعلي (ع) ... السبق على الجميع . وإذا أردنا أن نستحضر واقعة الغدير في حاضرنا السياسي ، فان ذلك يتطلب من القوى السياسية استلهام معاني المناسبة ، والمشاركة في الحكومة وفق الإستحقاق الإنتخابي بتقديم الرجل المناسب في المكان المناسب وأن تعتمد الكفاءة والنزاهة والإخلاص والمهنية على معايير الولاء والإنتماء وغيرها من المعايير الضيقة في ترشيحها للمناصب الوزارية ، هذا من جانب .وفي الجانب المقابل ، على دولة رئيس الوزراء أن يدقق ويتفحص المرشحين ، وهو الآخر عليه اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والمهنية ، وأن يرفض وبشجاعة أي مرشح لا يمتلك المؤهل المطلوب وأن يقف بحزم وصلابة في عدم قبوله لمن لا تتوفر فيه الكفاءة والنزاهة الكاملة . عند ذاك ينتفي مبرر الوزراء المفروضين من الكتل ، ويبرز رئيس الوزراء بخيار القبول او الرفض ، وفق الشروط والمؤهلات ، وليس كما حصل في الوزارة السابقة . عندها وعندها فقط سوف يضمن شعبنا حكومة قوية كفوءة نزيهة متخصصة مهنية ومنسجمة ، تنعكس برامجها على الواقع بمزيد من الإستقرار والأمن والخدمات وتحريك عجلة الإقتصاد والقضاء على البطالة واستيعاب قدرات وكفاءات الشباب من الخريجين وفتح العراق على مصراعيه أمام الإستثمار الخارجي والإنفتاح السياسي والنقلة النوعية الضرورية والواجبة للواقع العراقي على جميع الأصعدة ... وبذلك نستطيع أن ننهل من نهر الغدير الذي لا ينضب ابد الدهر .
https://telegram.me/buratha