وليد المشرفاوي
المتابع للحراك السياسي الذي تعيشه المنطقة وما يركز عليه الكتاب والسياسيون العرب منذ سقوط الصنم في بغداد سنة 2003 ولحد الآن يلاحظ أمورا عجيبة تستحق التوقف والمراجعة لا بل الفحص الدقيق والمتابعة الجادة عن جذور هذه المواقف السلبية التي وقفتها اغلب الدول العربية من العراق ومن شعبه خصوصا أتباع أهل البيت(ع) الذين يشكلون نسبة(70%) من سكانه وكذلك الأكراد وباقي الأقليات الذين يشكلون (20%) من باقي سكان العراق, حيث يظهر من خلال الحملات الإعلامية المضادة الجائرة العمياء والتي تصف العراق بأنه بلد الجريمة أو البلد المشلول الذي لا يمكن السكن أو العيش فيه إن هناك هدفا مستبطنا وغاية مكبوتة تجلت في شبه المقاطعة الدبلوماسية والسياسية ومنع السفراء من المجئ إلى العراق , كما يقال انه بلد الخوف والقحط والتمييز العنصري والطائفي والبلد المحتل والمنتهك الحرمات والكرامة وما إلى ذلك من التوصيفات , يقولون هذا ويكتبونه ولا يسالون أنفسهم عن السبب الأساس وراء ذلك الذي صنع هذا الواقع وينسون ويتناسون إن وسائلهم الإعلامية هي التي تتهم أغلبية الشعب العراقي بالكفر والنفاق وعبادة غير الله تعالى الأمر الذي هيأ الأجواء لمثل ما يطلقونه.وقد ثبت فيما لا يقبل الشك إن القتل الجماعي والمجازر المنتشرة في إرجاء العراق لهم اليد الطولى في تمويلها وتشجيعها وإمدادها بالمال والمخربين الإرهابيين , وما التحشيد الثقافي والإعلامي العقائدي والسياسي والشتم المتكرر ضد أتباع أهل البيت إلا دليل واضح على ذلك , ما سكوتهم وقبولهم وتأيدهم وتشجيعهم لحكم صدام الجائر طوال أربعين عاما وإقرار معادلته الظالمة في الحكم هو ومن سبقه من حكام العراق إلا دليل واضح لإدانتهم , ومن العجيب إن العرب كانوا يرون ويشاهدون بأم أعينهم هتك الحرمات والظلم والممارسات الشنيعة والنظرة الدونية لأتباع أهل البيت (ع) وما يعانونه من اضطهاد تجسد في إلغاء شعائرهم وقتل علمائهم ومنع كتبهم ومنشوراتهم ومحاربة منابرهم الثقافية وحوزاتهم العلمية ومدارسهم , ثم لم يحركوا ساكنا إن لم نقل كانوا فرحين ومسرورين بذلك ومع الأسف لقد تعاطف العالم كله مع تهجير أتباع أهل البيت (ع) ونكبتهم ومصادرة أموالهم وسلب جنسيتهم ومع ذلك إن اغلب العرب لم تحرك ساكنا بل كانت عونا للحاكم الظالم حتى أنهم ارجعوا الهاربين من جحيم صدام من أتباع أهل البيت(ع) إليه لينفذ بهم حكم الإعدام وبدون أي اعتبار لحقوق الإنسان ولأي حس ديني أو سياسي.نقول هذا وقلوبنا ملئها الحسرة والعتب من إن أخواننا العرب الذين كانوا قساة معنا وغير مبالين , فبالإضافة إلى هذا التقصير المتعمد كانوا يكيلون لنا التهم بشتى أنواعها وأشكالها , فمرة يقولون إن الشيعة يريدون أن يشكلوا الهلال الشيعي من إيران إلى لبنان , ومرة يقولون إن شيعة العراق ولائهم خارج الوطن العراقي , ومرة أخرى يقولون إن شيعة العراق يريدون الانفراد بالحكم ويحرمون باقي الفئات والأقليات المشتركة معهم ,بل إن حتى بعض الكتاب العرب سلبوا هوية عروبة الشيعة على طريقة هرطقات طلفاح وأبواقه الفاسدة ,ومع إن هذه الأمور عارية عن الصحة يرفضها الواقع ويكذبها التاريخ , فالشيعة عرب اقحاح ومؤسسو مذهبهم أصل العرب وسنامها وهم أهل البيت (ع) , في حين إن أكثر مؤسسي المذاهب الإسلامية الأخرى هم ليسوا من العرب علما إننا لا نتعامل مع هذا المنطق الغير إسلامي أو أنساني بل هم أجبرونا على لفظه وقوله , فنحن أتباع أهل البيت(ع) نعتبر جنسية المسلم عقيدته , وهم يحسنون إلى من أحسن إليهم ولا ينسون فضل الدول التي استقبلتهم وآوتهم إثناء هجرتهم وهروبهم من العراق حيث استقبلت إيران كل عراقي هارب من ظلم صدام وجحيمه ومتابعة دوائر أمنه ومخابراته سواء كان شيعيا أم سنيا أم مسيحيا أم صابئيا عربيا كان أو كرديا أو تركمانيا أو غيره من الأقليات الأخرى, فعززت وكرمت العراقيين حسب المستطاع ولم يثبت تاريخها أنها سلمت هارب من شر العفالقة إليهم في حين إن اغلب الدول العربية تمنع اللاجئ العراقي من التوجه إليها وإذا ألقت القبض عليه سلمته إلى أعواد مشانق النظام , وهذا لا يعني تفضيل إيران على غيرها من الدول العربية من قبل العراقيين بل روح الوفاء ورد الجميل تفرض هذا الأمر وترد بالإيجاب عليه ومع ذلك عندما يتعرض العراقي لأي أذى من أي مصدر يدلي برأيه سواء كان مصدر الأذى من إيران او من غيرها .ولكن الكل يعلم إن هناك دوافع لدى بعض الدول العربية كانت وراء هذا الإعلام المأجور أهمها:-1- الحقد التاريخي المزمن من عهد الأمويين إلى هذا اليوم على أتباع أهل البيت(ع).2- الروح الطائفية التي تغذيها الوهابية ضد أتباع بيت النبوة والطهارة من الشيعة.3- روح التكبر على الغير وهي حالة عنصرية لا يقرها ذوق المؤمن أو المنطق المتحضر.4- طهارة المنهج واعتماد المبادئ الحسينية في رفض الظلم ومقارعته يتقاطع مع المبادئ التي حمت الظلمة ودافعت عن استهتارهم.ومع ذلك نقول هذا ونبرئ الكثير من العرب من تبني هذه المواقف من الشيعة حيث أنهم وقفوا مع الشعب العراقي في محنته ومدوا جسور الأخوة والمودة لأبناء العراق وكانوا من المدافعين عنه والسباقين لإلغاء ديونه ومحاربة أعدائه من زمر التكفير والإرهاب وقاموا بفتح سفاراتهم ودعوا الآخرين لذلك ,ونؤكد انه كلما طال الزمان وانكشفت الحقائق سوف يظهر للآخرين إن الشيعي إنسان مسلم تابع لمنهج الرسول (ص) والأئمة المعصومين ويؤمن بكافة القيم الإنسانية والقوانين الدولية ويحفظ للآخرين جوارهم ولكنه لا يسكت على الضيم.
https://telegram.me/buratha