مهدي محمد تالي م.ألإعلام والعلاقات العامة /كلية العلوم
منذ سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان من العام 2003 حصلت تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية تعد تاريخية في حياة الشعوب والبلدان.وكان من الطبيعي لتلك التطورات إن تجري بصورة غير متجانسة وان يكتنفها الكثير من الصعوبات والأخطاء بل الفوضى ,مادام التغيير حصل بفعل قوى خارجية ونتيجة لحرب واسعة استخدمت فيها احدث تكنولوجيا الحروب الفتاكة.وكان من نتائج الحرب إن انهارت المؤسسات الدولة ومعها البنية التحتية للبلاد وساد الفراغ الأمني الذي شجع على نشر الفوضى وعدم احترام القانون .بل وحتى على عدم احترام التقاليد الاجتماعية الحميدة المتعارف عليها في بلادنا .وهكذا انتشرت عصابات الجريمة وقطاع الطرق .وصارت السرقات وإعمال التخريب وإحراق المنشات الخدمية العامة ونهب ممتلكات الدولة والقتل العشوائي ظاهرة يومية .وبسبب تأخير تشكيل الحكومة العراقية تحولت الفوضى الأمنية من ظاهرة جنائية إلى ظاهرة جنائية -إرهابية ظل شعبنا ولا زال يعاني منها.ورغم النجاح في تشكيل الحكومة العراقية الحالية ورغم الجهود الواضحة المبذولة من أجل استتباب الأمن والاستقرار ,الاان الحكومة السابقة والحالية ابتليت بظاهرة الفساد المالي والإداري ولم تستطيع تحقيق شيء يرتقى إلى مستوى طموح الناس.صحيح إن أسباب ذلك الوضع كثيرة منها ما هو مرتبط بالتركة الثقيلة التي خلفها النظام البائد جراء سياسات الاقتصادية العشوائية والاجتماعية الشوفينية وجراء حروبه العبثية الكثيرة ,ومنها ما هو مرتبط بالتوجهات الخاطئة والمتعالية التي مارستها الإدارة المدنية المؤقتة لقوات الاحتلال .ولكن تلك الأسباب على خطورتها ,ليست وحدها سبب استمرار الفوضى وتعثر عملية أعمار البلاد وتحسين الخدمات وتقليص حجم البطالة ,بل هناك سبب داخلي تجسد في السكوت عن صفقات غير مشروعة أحيلت إلى هذه الشركة أو تلك ,أو هذا الشخص أو ذلك .دون الإعلان عن المناقصات والمزايدات لتنفيذها ,ودون تحديد الشروط المتعلقة بالمواصفات والأسعار ومدد التنفيذ اللازمة لذلك.ليس هذا فقط هومايشير إلى الفساد الإداري المستشري في البلاد .بل وان الكثير من المشاريع التي أعلن عن البدء بتنفيذها ظلت غير خاضعة للمراقبة الإدارية والفنية وغير مشمولة على مايبدو بالشروط المتعارف عليها في تنفيذ المشاريع .ووسط مثل هذه الفوضى وذلك النهوض في اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة.لإعادة الأعمار ,ظلت البضائع والسلع ,الضروري منها والغير ضروري تتدفق على الأسواق العراقية ,من دون إن تخضع لضوابط فتح الاعتماد المصرفية والمواصفات والمقاييس ,أو صلاحية استهلاكها أو استعمالها ,أو أسعارها ومناشئها وغير ذلك من الإجراءات التي تحمي المستهلك والاقتصاد الوطني من الغش والهدر والتخريب .ووسط مثل هذه الأوضاع والظروف غير الصحيحة ظل القطاع الخاص ,وبالذات الصناعي والزراعي والخدمي .مهملا" لم يفعل دورة بصورة حقيقية ,وظل القطاع العام يستلم المنح والقروض ليصرفها على رواتب وأجور المنتسبين من دون إنتاج يذكر. وظلت ظاهرة البطالة وأزمة السكن والخدمات المدنية والبلدية ,كالماء والمجاري الصرف الصحي والكهرباء في وغيرها من الخدمات الضرورية لحياة المواطنين والإعادة والأعمار ,دون معالجة حقيقية .وهنا قد نزرع البعض بالأوضاع الأمنية المتدهورة .ولكن كيف يمكن تحقيق الأمن والاستقرار من دون تصفية البطالة المتفشية والقضاء على ظاهرة الفساد المالي والإداري ؟ومن دون تحسين الخدمات العامة ومعالجة أزمة السكن؟نقول : كيف يمكن تحقيق الأمن والاستقرار من دون تطبيق القانون على الجميع ,سواء على أولئك الجناة والقتلة وكل من يدعمهم بالمال أو يهيء لهم أسباب ارتكاب الجريمة.مهدي محمد تالي
https://telegram.me/buratha