فراس الغضبان الحمداني
كان وحتى الأمس القريب لقب ( الدكتور) له هيبة وسطوة واحترام كما يقولون لان الناس كانت تعرف إن هذا اللقب حصيلة لجهد واجتهاد وليس وسيلة لمجرد (د) يكتبها أو يضيفها البعض أمام أسمائهم ( للكشخة والنفخة ) .
ولكن تغيرت الأحوال في عراقنا الجديد وقد جاء عام 2003 ليزيد ( الطين بلة ) ويقلب كل الموازين فصارت الدال لا قيمة لها وأصبحت عشرات الجامعات المفتوحة تمنح هذه الألقاب لمن يدفع بضعة دولارات ، حتى إن العديد من مقدمي البرامج الحوارية يتبرعون بهذه الدرجة العلمية التي كانت رفيعة لمحدثيهم بمجرد أنهم يرتدون بدلات أنيقة وربطات عنق فاخرة .. أو إن الأقدار جاءت بهم بمواقع في البرلمان أو في السلطات الثلاث .
البعض أصبح بدون دراسة الدكتوراه يسمى دكتورا لان وسائل الإعلام منحته هذا اللقب فلاذ بالصمت مستمتعا باللقب المزيف .. والغريب إن من بين هؤلاء في مناصب كبيرة وآخرون بمناصب وظيفية عليا ومواقع برلمانية مهمة .
وبعضهم يبرر ذلك بأنه حصل على هذه الشهادة من بعض البلدان الأوربية والآسيوية ومن إيران أو من المعهد الإسلامي وهذا المعهد ذاته يؤكد بان شهاداته غير معترف بها حتى في طهران ومن ثم يدعون أنهم أوشكوا أن يناقشوا اطاريحهم في علم الفهلوة والنصب والاحتيال لكن الأمر لم يحصل بسبب قمع النظام والهرب إلى إيران.
ولعل أكثر الظواهر شهرة هذه الأيام في العراق هي الجامعات المفتوحة التي تنتشر يافطاتها في كل مكان وعلى أبواب الكليات والجامعات وحتى على جدران وزارة التعليم نفسها ولم يجرؤ المفتش العام وأركان الوزارة إن يحركوا ساكنا من وقف هذه المهزلة والتي أصبحت لها مكاتب تتاجر في الشهادات في كل مكان وزمان .
فضلا عن وجود جامعات هزيلة تمنح شهادات مقابل أقساط مريحة ولا تتوفر فيها ابسط الشروط العلمية التي تتحدث عنها إستراتيجية الوزارة ، فجامعة الشامي وأخرى تابعة لأصحاب التكية الكزنزانية ومعهما معهد التاريخ العربي وما يسمونها بالأكاديمية العربية وأسماء أخرى لكليات تمارس كل يوم الدجل الأكاديمي وأمام أنظار الوزارة التي فشلت في إيقاف هذه المهزلة.
والكثير من هذه التبريرات التي تكشف زيف الدكتوراه والعجيب في الأمر أنهم مازالوا يتمسكون بها وأصبحت هذه ( الدكترة ) علامة لمن هب ودب وأصبح الدكتور الحقيقي يخجل من هذا اللقب وصدق المثل الشعبي الذي قال ( من هالمال حمل جمال ) .
https://telegram.me/buratha