وليد المشرفاوي
لكل حزب أو تكتل إعلامه الخاص به يتبنى إستراتيجية وأهداف ذلك الحزب أو تلك المنظمة ويلعب الإعلام أيام الحروب والثورات دورا أكثر أهمية واشد خطورة لما يمارسه من حرب نفسية يريد بها التأثير السلبي على الطرف الآخر من خلال كشف الحقائق وبيان أهداف العدو وهذا ما فعلته السيدة زينب(ع) , أو تزيف الحقائق والمسلمات لتظليل الرأي العام كما فعل الإعلام الأموي وخاصة بعد استشهاد أبي الأحرار (ع) . واقعة كربلاء تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد رسول الله(ص) , ففي واقعة كربلاء تجلى تيار الردة والانقلاب على الأعقاب ووصل إلى قمته وذروته من خلال المعسكر الأموي ..كما تجسد وتبلور خط الرسالة والقيم الإلهية في الموقف الحسيني العظيم , وواقعة كربلاء شرعت وأجازت للأمة مقاومة الظلم ومقارعة الطغيان , وشقت طريق الثورة والجهاد أمام الطامحين للعدالة والطالبين للحرية , وكان للسيدة زينب دور أساسي في هذه الثورة العظيمة , حيث استطاعت بشجاعتها وبلاغتها (ع) من إيقاظ الأمة من سباتها ,وكشف حقيقة حكم بني أمية الجائر,فهي الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الإمام الحسين(ع) , ومن يقرأ أحداث كربلاء ويقلب صفحاتها يرى السيدة زينب(ع) إلى جانب الحسين في اغلب الفصول والمواقف ,بل أنها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد الإمام الحسين وأكملت حلقاتها , ولولا السيدة زينب لما حققت كربلاء أهدافها ومعطياتها وآثارها في واقع الأمة والتاريخ, لقد أظهرت كربلاء جوهر شخصية السيدة زينب وكشفت عن عظيم كفاءاتها وملكاتها القيادية , كما أوضحت السيدة زينب للعالم حقيقة ثورة كربلاء ,وأبعاد حوادثها, حيث لا يمكن لأي كاتب للتاريخ الإنساني ان ينكر الدور الإعلامي السياسي الذي لعبته السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهما السلام) والجميع يقف حائرا مبهورا أمام عظمة وشموخ سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) , هذه السيدة التي استطاعت أن تقهر بصبرها واستقامتها وصمودها إمبراطورية الأمويين , وقد أضحت هذه المرأة الجليلة القدر الأسوة والقدوة الحسنة لأجيال الثائرين والثائرات....نظرا لما تحملته من المصائب الكبرى .وتحمل أعباء الثورة التي قام بها سيد الشهداء الحسين بن علي(ع) , فلقد حملت هذه السبطة الشهيدة أثقالا تعجز الجبال عن حملها حينما عادت إلى المدينة المنورة بعد فاجعة كربلاء التي لن يشهد التاريخ لها مثيلا إذ بمجرد دخولها مدينة رسول الله (ص) تحولت إلى محل للبكاء ومأتم طال به الدهر , حيث نشرت عقيلة الهاشميين راية السبط الشهيد(ع) على ربوعها , كما استطاعت بما تملك من ارث كبير من الثقافة والإيمان أن تنصب لقضية كربلاء مجلسا حسينيا في كل بيت من بيوتها وفي كل شبر من بقعتها المباركة ,حتى إن روايات التاريخ لتذكر مدى الرعب والهلع الذي أصاب والي المدينة ودعاه إلى الاستنجاد بيزيد بن معاوية قائلا له عبر رسالة بعثها إليه: (إن زينب امرأة عاقلة حكيمة وإنها تثير وتؤلب أهل المدينة وتحرضهم على الانتقام منك) . فكتب يزيد إليه رسالة يدعوه فيها إلى ضرورة التفرقة بين السيدة زينب (ع) وبين أهل المدينة , فبعث الوالي إلى الحوراء زينب (ع) من يقول لها :اخرجي من المدينة واختاري أي مدينة شئتي , ألا إن أخت سيد الشهداء أبت الانصياع لهذا الأمر الظالم قائلة بكل صمود واستقامة وصبر :(ماذا يريدون أن يصنعوا بنا ؟هل هي إلا الشهادة ؟) , فهي أعربت بكل وضوح عن الرغبة في الاستمرار على طريق الثورة المقدسة , وأبت ما شاء لها أن تأبى عن التملص دون تحمل المسؤولية , لولا أن نساء هاشميات أحطن بها وحاولن إقناعها بالخروج من المدينة , وغالب الظن إن الإمام زين العابدين (ع) هو الذي حبب إليها الخروج , فخرجت إما إلى ارض مصر على قول بعض الرواة وأما إلى الشام حيث مرقدها الذي أصبح كعبة لعشاق الثورة الحسينية والاستقامة الزينبية ...
https://telegram.me/buratha