احمد البديري
لا زالت حملة اتحاد أدباء الخلاعة والخمور وجريدة المدى ذات التوجهات الشيوعية ومن التحق بركبهم الغارق في فوضى العبثية والثقافة الدونية متواصلة لجمع تواقيع زمر المتهتكين للمطالبة بحرية الفرد في ممارسة الدعارة والسكر والعربدة وممارسة جميع الرذائل والموبقات الهمجية والتي تعبر عن تحرر الفرد من جميع الصفات الإنسانية والقيم الدينية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية التي يتميز بها المجتمع العراقي عن جميع المجتمعات الإنسانية في كافة أنحاء المعمورة بالرغم من كل الكوارث والمآسي والفوضى التي شهدها تاريخ العراق المستباح وتعرض لها شعب بلاد الرافدين مرارا وتكرارا .والحرية التي ينشدها ويتهافت ويتباكى عليها ذلك الجوق المتحرر من القيم تتعارض تماما مع الحرية التي أقرتها شرائع السماء ومخالفة للأنظمة والقوانين الوضعية لأنها لا تؤدي سوى إلى الفساد والانحراف والسقوط من جهة ومن ناحية اخرى فأنها سوف تكون سببا لشيوع الفوضى والانفلات في أنحاء البلاد وعدم الانضباط ذلك سيشكل تهديدا لأمن البلاد وقوانينها وقيمها الاجتماعية ولذلك فان مثل هذا التحرر يعتبر في أكثر البلدان العلمانية خطا احمر لا يسمح بانتهاكه أو نسفه فما بالك ببلد لا يزال في طور البناء والنهوض كما هو الوضع في العراق بالإضافة إلى الملفات الأخرى المعلقة والشائكة .
ولذلك يحذر علماء الغرب وفلاسفته من استغلال البعض لمفهوم الحرية بشكل خاطئ لإيجاد أنماط من الممارسات التي تهدد النظام الاجتماعي ووضعوا ضوابط وتعريفات واضحة لمصطلح الحرية وفي هذا السياق يقول الفيلسوف كانت : ( يجب أن تكن الحرية شرطا لإمكانية الواجب الأخلاقي ) ويتوسع آخرون في التشدد على مساحة الحرية وحدودها فيعلن مونتسيكو بصراحة أن ( الحرية هي الحق في القيام بكل ما تسمع به القوانين) وسواء قصد الرجل القوانين السماوية أو الوضعية فأن الحرية التي يطالب بها مسؤولي اتحاد أدباء المتحريين وإدارة جريدة المدى الشيوعية لا يمكن إدراجها وتصنيفها في خانة الحريات العامة أو الخاصة لأنها تنتهك تلك الحريات وتضرب بعرض الحائط القيم الأخلاقية والقوانين الاجتماعية .
لقد شهدت البلاد في مرحلة ما بعد سقوط نظام العفالقة فوضى عارمة واستيراد لمفاهيم تم استغلال عناوينها البراقة لنشر الإرهاب والفساد في أنحاء الدولة العراقية وبينما كانت الأجهزة الأمنية تتولى مهمة التصدي لمظاهر الإرهاب ومكافحة التطرف فكرا وسلوكا كان زمر المجون والخلاعة تقوم بنشر بؤر الفساد في أنحاء البلاد عموما وبغداد خصوصا والتي شهدت انتشار غير طبيعي في بعض مناطقها السكانية لحانات لخمور ودور الملاهي وهو ما أثار استياء السكان وتذمرهم وبالتالي التقدم إلى الأجهزة الأمنية بشكاوى عديدة لإنهاء مظاهر الابتذال العلني في شوارعها ويكفي تصور حجم الانتشار المخيف لمحال العربدة والخلاعة ارتفاع عدد الحانات والملاهي في بغداد من (50) في زمن حكم البعث إلى (500) في ظل حكم الأحزاب الإسلامية والفوضى العارمة ، والنسبة الأكبر من تلك البؤر لا تمتلك ولم تتحصل على الموافقات الأمنية والتراخيص الحكومية لفتح صالاتها الماجنة .وتسبب إغلاق عدد من هذه البؤر إلى اشتعال فور الغضب والهيجان المنفلت من قبل أدباء ومثقفي الخلاعة والخمور في بغداد ليتداعوا تحت شعار يدل على جهلهم المركب بواقع المجتمع العراق وطبيعته المعتدلة ( بغداد لن تكون قندهار) في تجمعات خاوية وحملات لجمع التواقيع مطالبين الحكومة بوقف حملات إغلاق بؤر فسادهم وشذوذهم مطلقين العنان لإعلامهم المنفلت في إطلاق صيحاتهم الرعناء وتهديداتهم الجوفاء المعبرة عن مستوياتهم المتدنية أخلاقيا وثقافيا وشنوا حملة ضد مجلس محافظة بغداد ورئيسها صاحب القرار الشجاع ملصقين بشخصه شتى التهم والأوصاف ولا زالت جريدة المدى الخليعة تصدر صفحاتها للتباكي على مصير السكارى والمعربدين وتشن حملة تسقيط غير أخلاقية ضد الإسلام وشريعة الإسلام ورموز الإسلام وتياراته لوقفوهم بوجه رغباتهم الماجنة الخليعة .
إن الحرية الهدامة التي يتهافت على المناداة لها والتغني بها فخري كريم وجوقه وفاضل ثامر وشلله وبعض الشخصيات الكارتونية الهزيلة يدعو للسخرية والازدراء وتبعث على السخط من هذه المهازل التي تدعي الثقافة وتنتسب للأدب والأدباء وتفضح هذه المجموعة المتميزة بالشذوذ الأخلاقي والانحراف الاجتماعي والضلال الثقافي والعوز الأدبي ، ويبدوا انه تحول إلى جرثومة تسببت في هذيانهم وفقدان صوابهم إلى درجة عجزوا فيها عن كبح جماح شهواتهم ورغباتهم الحيوانية والصمود أمام إدمانهم المخزي فأخذوا يخلطون الحق بالباطل ويشرعون القوانين بالنيابة عن الدستور العراقي ما يتلائم مع إشباع رغباتهم واحتياجات شهواتهم المنحرفة .
لقد تناسوا إن مطالبهم الهزيلة والسخيفة والتي يحلمون من خلالها تحويل بغداد إلى ( لاس فيغاس ) تتحدى مشاعر المجتمع العراقي الذي يحتكم إلى منظومة اجتماعية وأخلاقية فضلا عن ارتباطها وانقيادها لإحكام الشريعة الإسلامية والتي تشكل الدين الرسمي لـ (98%) من نفوس شعبه بمختلف قومياته وطوائفه ورغم الاختلاف في النظرية وسوء التطبيق إلا إن التمسك بمعالم الشريعة ورموزها يبقى ديدن العراقيين وقانونا يجب احترامه ومراعاته وعدم الانقياد لرغبات النفس الجامحة لخلق حالة من الانتهاك السافر للشريعة وقوانينها والآداب الاجتماعية ومسالكها .
إن الترف والإفلاس الفكري والثقافي أصبح السمة الأبرز في الوسط المتخلف والجماعة المتحررة من القيم والتي تنسب نفسها عدوانا وظلما لأفاق الثقافة والأدب ولقد تحول المشهد الثقافي العراقي بفعل هؤلاء إلى مشهد يعاني من الفقر المدقع على صعيد النتاج الثقافي والفكري رغم المخزون الثقافي والفكري الذي تكتنزه الساحة الثقافية في العراق وعلى الرغم من انقضاء (8) سنوات على زوال حقبة الدكتاتورية البعثية إلا أن المشهد الثقافي العراقي بقي يراوح في مكانه إذا لم يعلن تراجعه المخيف فعلا والذي أنقذه من الانهيار تصدي بعض المؤسسات المستقلة عن اتحاد أدباء الخمر والخلاعة لنشر ثقافة وأدب المرحلة الجديدة ، كذلك لم يكفر الكثير من زعماء الثقافة الكارتونيين اليوم عن خطاياهم أبان الحقبة البعثية عندما اغرقوا الساحة الثقافية العراقية بنتاجاتهم التملقية الممجدة للمجرم صدام ونظامه الدموي في حروبه الداخلية والخارجية وصولاته ضد ابناء العراق الاحرار في الجنوب والوسط من المعارضين لتسلط زبانيته وتشهد ملفات أرشيف الثقافة الثمانينية والتسعينية بفضائح أولئك المتلونين بالانسياق في التهليل والتمجيد لبطولات صدام السوداء ، ويبدوا أن تسلط صناع ثقافة البعث الدكتاتوري لا زالوا يسيطرون على مقاليد مؤسسات الثقافة والإعلام ولا زالت تلك الزمر الانتهازية تمارس دورها السلبي في تضليل القارئ والمتابع عن واقعه وإشغاله في ترهاتهم السخيفة وذلك من خلال تجاهل التطرق إلى تلك الحقبة المظلمة في تاريخ وأرشفة فصول أحداثها المأساوية وإدانة من تسبب في صناعتها وذلك لأن الكثير من أدباء الخمر والخلاعة .
ولا يزال الإقصاء والتهميش القتل العمد للطاقات والقامات الإبداعية الشبابية هو ديدن مسؤولي اتحاد الخمر والخلاعة ويعاني الكثير من المواهب الأدبية من الإهمال المتعمد من لدن مسؤولي الاتحاد وفروعه في المحافظات الذين يتميز اغلبهم لا يمتلكون المؤهلات اللازمة من ناحية الإمكانات والنتاج التاريخي الثقافي الذي يؤهلهم لتبوء منصب القيادة لأفواج المثقفين والأدباء في المحافظات وهذا ما أدى إلى غياب أو انحسار بروز الطاقات والأسماء التي تبث الدماء الجديدة في جسد الثقافة العراقية المنهك ، بل قد يصل الأمر ببعض فروع الاتحاد في المحافظات إلى القطيعة مع الثقافة والمثقفين في محافظاتهم والسكون إلى مقراتهم بعيدا عن ضجيج الأدباء ونتاجاتهم التي تبعث على القلق والانزعاج لديهم .
أن ما أهم أسباب التخلف والتراجع هو الآلية التي يصل بها أعضاء الاتحاد ومسؤولي فروعه إلى مناصبه القيادية والتي تجري في ضلال المحسوبية والمصالح المتبادلة ووفق مبدأ الانتهازي ( شيلني وأشيلك ) وليس عبر الاستحقاق والتأريخ الثقافي والانجاز الأدبي وخير مثال على ذلك الانحسار والفقر لفروع الاتحاد هو ما يحصل في ميسان التي عجز اتحادها عن التواصل مع مثقفي المحافظة وفشل في استكشاف المواهب والطاقات الثقافية المنتشرة في أرجاء المحافظة طوال السنوات الخمس المنصرمة بينما ليس بعيد عن مقره استطاع رجل يدير رابطة على الورق وبجهود ذاتية وإمكانيات معدمة نتيجة غياب الدعم الحكومي او المؤسساتي لرابطته من إنشاء مشروع ثقافي كبير وعملاق على صعيد المحافظة استطاع خلال السنوات الأربع او الخمس السابقة من استكشاف (150) طاقة ثقافية إبداعية في المحافظة من الشيوخ والشباب والنساء وحتى الأطفال ، واستطاع الباحث والأديب عبد الستار عبود من إنشاء اتحاد أدباء حقيقي في المحافظة عبر رابطته ( رابطة على الورق) والتي أغاضت نتاجاته التي بلغت أكثر من ( 160) كتاب و(700) بحث ودراسة وكراسات أدبية مختلفة جوق القياديين من أدباء الاتحاد الذي لم يتركوا الفرصة إلا وتعرضوا بالنيل والتشكيك والتسقيط للرابطة وأعضائها لأن ذلك ديدن المفلسين العاجزين .
إن مراجعة لأبرز الممارسات الثقافية لاتحاد أدباء الخمر والخلاعة تظهر بوضوح الاندفاع الذي يبديه مسؤولوه للدفاع عن حقوق الراقصات والمومسات اللواتي يحرمن من ممارسة بغائهن وخلاعتهن في الأرض العراقية وخير دليل على ذلك الانتفاضات الباسلة لأدباء الاتحاد أمام قرارات حكومات البصرة وبابل المحلية بمنع دخول الفرق الغربية وراقصتها للمشاركة في فعاليات مهرجان بابل الصدامي ومهرجان السيرك الفرنسي وهو ما شكل لوضيعي الاتحاد وأصحاب النفوس المريضة فيه ممن حرمتهم تلك القرارات وفوتت عليهم فرصة لمتابعة عروض التعري الراقصة وممارسة الرذيلة مع مومساتها وبغاياها من ضيفات الثقافة العراقية الماجنة ، وقد انطلق أولئك الشواذ في حملة إعلامية للتباكي على قمع الحريات والممارسات الحكومية الأصولية تجاه الحرية والثقافة بحسب زعمهم الضال وهو بلا شك انعكاس آخر لاستهتار هؤلاء ومدى ضحالة الفكر والثقافة التي يمتلكونها وابتعادهم عن واقع المجتمع العراقي المأساوي والجهل الذي يكتنف الكثير من فئاته على صعيد الثقافة والمعرفة مما يتطلب تضافر جهود الجميع في العراق من اجل النهوض والارتقاء بالمجتمع .
لقد كشفت هذه الحوادث عن حاجة العراق إلى مثقفيه الصادقين والواقعيين ليعيدوا الاعتبار والاحترام لهيبة ومكانة المثقف العراقي محليا وعربيا وعالميا وليمارس المثقف والأديب دوره الحقيقي ورسالته الصادقة في بث ثقافة المحبة والسلام واحترام الحريات وليس انتهاكها ، إن ابتلاء المؤسسات الثقافية المدنية لقيادات فاسدة ومنحرفة بالإضافة إلى تبوء شخصيات من خارج الوسط الثقافي للمؤسسات الثقافية الحكومية وخصوصا وزارة الثقافة أدى إلى اهتزاز مكانة المثقف وصورته المشرقة في نظر المتابعين والمراقبين لاقتصار أدوارهم على مواقف بائسة ومن منطلقات غير ثقافية للتصيد بالإسلام وشريعته والاستهزاء والتحدي بالمسلمين ومشاعرهم وثقافتهم وهذا ما يستدعي التحرك الفوري لانتشال الثقافة العراقية والمثقف العراقي من أحضان الانتهازيين والوصوليين ونبذ شذاذ الأفاق هؤلاء إلى حاناتهم وملاهيهم لممارسة هواياتهم المنحرفة ورغباتهم الشاذة وقطع الطريق إمام كل من يحاول أمركة العراق بثقافة الخلاعة والعربدة .
https://telegram.me/buratha