علي جبار البلداوي
الحسين بن علي عليه السلام، عنوان كبير في تاريخ الإنسان على الأرض..ومحطة رئيسة لحركة الأسرة البشرية..ونحن الذين نؤمن بدين الإسلام لا نحسن في كثير من الأوقات تأمل ما لدينا من كنوز معرفة ولا نحسن كذلك الحديث عن شموسنا التي تضئ العالمين.. نحن نريد أن نخرج من جو النحيب وإن كان مقتل الحسين وآل بيته بتلك الطريقة يكفي أن يجعل الحزن فينا دائما، وإننا لنخجل من رسول الله أن يشهدنا غير متألمين ومحزونين لمقتل ابنه الحسين..ونريد أن نخرج من جو اللامبالاة تجاه رجل كان أشبه خلق الله برسول الله ولقد أحدث موته ما لم يحدثه موت أحد في العالمين من أثر.. الحسين في يوم العاشر من محرم دافع عن الإنسان كل الإنسان في الأرض كل الأرض في ذلك الزمان وكل زمان.. يقولون:إن العظمة في سيرة الحسين تكمن في ثورته على الطاغوت الأموي، ويصورونه على أنه قد أختار طريق الدم والمواجهة ضد الذين تملكهم النزوغ إلى الظلم، ويقدمونه للناس على أنه قدم أبناءه وأهله واحدا واحداً في تلك المعركة مختارا وكأن الحرب مبتغاه وأمنيته والموت هدفه.. أوكأن العدم أصبح خيارا له، وكأنه شاعر أراد أن يلقي قصيدة شعر وليكن بعده ما يكون. إن تقديم الحسين بهذه الطريقة يحرمنا من فهم رسالة الحسين كما أنه ظلم كبير للحسين عليه السلام..لان وقوف الحسين في كربلاء في العاشر من محرم لم يكن اختياريا.. لم يختر الحسين المواجهة المسلحة والمعركة في ذلك اليوم على سواهما من أساليب العمل. وهذه نقطة لابد من الوقوف عندها مليا.. إن الحسين قد غادر الحجاز في اتجاه العراق ليلبي بيعة عشرات آلاف المسلمين له ليقيم دين جده (ص) بعد أن اغتصبته العصبيات الجاهلية..وما كان له أن يجبن أو يتردد عن هذه المهمة المقدسة وهو الذي انجبل على الطهر والاستقامة وقد طهره الله وأذهب عنه الرجس..ولكن قد حيل بينه وبين ما خرج من أجله بجيش جاهلي يقوده أشرار الناس..وهنا كانت لحظات اكتشاف الحقيقة .. حقيقية موقف الحسين أدرك الحسين أن المعركة غير متكافئة.. والحسين يعرف ربه جيدا ويعرف عن ربه أن المعارك لاتحسم بالإيمان فقط إنما لابد من القوى المتكافئة وذلك ما حفظه عن جده رسول الله(ص) في بدر وأخواتها.. والحسين يدرك أن أنبياء كثر قد قتلوا على يد الظالمين وان دعوات كثيرة قمعت على أيدي المجرمين .. إن الحسين أمام مشهد معركة مختلة الموازين فيها تماما..هنا لابد من استعادة كل المعاني الأصيلة التي انطبعت عليها مسيرة الحسين لفهم تلك اللحظات التاريخية الفذة
https://telegram.me/buratha