حافظ آل بشارة
واقعة الطف أهم حدث في مسيرة الدين الاسلامي بعد نزول القرآن ، فالقرآن وحي نزولي والطف وحي صعودي ، الاول هابط من السماء والثاني صاعد اليها ، والنسبة بينهما كالنسبة بين التنزيل والعروج ، لذا فخلود الطف كخلود القرآن كلاهما يجري بوعد الهي ، القرآن تأسيس والطف تصحيح ، وقيمة التصحيح كقيمة التأسيس باعتبار ان بقاء المشروع متوقف عليهما ، ولا قيمة للتأسيس ما لم يواكبه التصحيح ، والقرآن الثقل الاول وقد حمله وقرأه وفسره قادة التصحيح وهم الثقل الثاني واليهما يشير النبي بقوله اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ، بالامكان معرفة الحقيقة بقراءة التاريخ الذي لم تكتبه ايدي المؤرخين الذين عملوا كجلاوزة في بلاط الخلفاء ، سيعرف طالب الحقيقة ان تلك القصة المطولة تمتد من غار حراء الى غار سامراء أو من سرداب حراء الى سرداب سامراء بدايات وخواتيم ذات مغزى ، قصة صراع بين فريقين بني هاشم رموز السماء وبني امية رموز الارض ،
أما بنو هاشم فهم سلسلة ابناء النبي اسماعيل (ع) ذبيح الله ووارثوه ، وفيهم شخصيات مقدسة عرفوا بالتوحيد وكانوا اصحاب البيت ومضيفي الحجاج ولهم السدانة والحجابة والسقاية عبر الاجيال، من قصي بن كلاب الى هاشم الى عبد المطلب وهو صاحب ابرهة الذي قال له ان للبيت ربا يحميه وبدعاءه نزلت على الاحباش الطير الابابيل في قصة الفيل الشهيرة ، وكان النبي سيد الكائنات حفيد ذلك الولي الصالح ، ومن هذه الشجرة الطيبة جاء الحسين (ع) ريحانة النبي وسيد شباب اهل الجنة ، هناك اجماع تاريخي لدى المؤرخين المستقلين أن زعماء القبائل القرشية نفذوا انقلابا ابيض في لحظة وفاة النبي (ص) فابعدوا خليفته المعروف في اوساطهم بالوصي سلميا وأقروا خطة لتداول الملوكية بين القبائل بالتعاقب تحت شعار (وسعوها في قريش تتسع) وهم يعتقدون أن بامكانهم التصحيح للنبي الذي لا ينطق عن الهوى ، بعضهم كان يعتقد ان الاسلام كذبة اخترعها بنو هاشم ليهيمنوا بها على العرب ! لكن الخليفة المعزول صبر على قرار عزله وانضم الى مشروعهم الجديد ونصرهم ونصح لهم وكان لهم عونا لحفظ بيضة الاسلام ، ذلك الانقلاب كانت اضراره بعيدة المدى فهو الذي مهد السبل لوصول بني أمية وبالخصوص يزيد الى الخلافة ، وهو ذروة النموذج الاموي للاسلام ، ولا بأس ان تخترع قبيلة من المبدعين والعباقرة اسلاما جديدا ولكن بنو امية غير مؤهلين مهنيا أو أخلاقيا لهذا الدور الروحي الخاص لأنهم يعملون في الدعارة والبغاء و يرفعون رايات على الدور الخاصة بالمومسات وكانت لديهم خبرة طويلة في ادارة هذه الأماكن ، ولا فرق لديهم ان تكون البغايا من الجواري او من نسائهم فهي مهنتهم يجاهرون بها بكل فخر واعتزاز ، هذه المهنة تعرف اليوم بالمراكز الترفيهية فبنو امية كانوا يقودون حركة الترفيه والترويح في المجتمع القرشي ، و قد ذكر المؤرخون اسماء البغايا المعروفات وابناءهن من رجالات الدولة الاسلامية المباركة مثل : الزرقاء بنت وهب أم الحكم بن ابي العاص ، امنة بنت علقمة ام مروان بن الحكم ، النابغة سلمى بنت حرملة ام عمرو بن العاص ، سمية بنت المعطل النوبية أم زياد بن ابيه ، مرجانة بنت نوف أم عبيد الله بن زياد ، هند بنت عتبة ام معاوية ، ميسون بنت بحدل أم يزيد ، ويزيد وابوه معاوية وجده ابو سفيان لم يسلموا بل تظاهروا بالاسلام وكانوا ميكافيليين في تطلعاتهم وسلوكهم السياسي ، وعرف المؤرخون يزيدا بشرب الخمر العلني والزنا وحضور مجالس اللهو واللعب بالقرود ووصفوه بالكفر والالحاد . ومن المنطقي القول بأن الانسان حر في اختيار مهنته ، وحتى بالتحليل الحديث للظاهرة يمكن لبني امية العمل بالدعارة والبغاء فهو امر يخصهم ولكن حتى في الجاهلية لم يكن بوسع الأمويين ان يكونوا في موقع سادة القوم ولم تكن بطون قريش تحترم ابا سفيان واسرته ، فهل يحق لهم ان يصلوا الى قمة الهرم السياسي في دولة خاتم الاديان في العالم ؟ واي دولة عربية لا دينية قديمة او حديثة وأي دولة علمانية في عصرنا هذا لا ترضى ان يرشح فيها للرئاسة مدير ملهى او شبكة دعارة أو يرأسها ابن مومس مشهورة . بعضهم يصف وصول بني أمية واسرة ابي سفيان الى الخلافة الاسلامية بانه انحراف في مسيرة الاسلام ، لكن بعضهم قال انها ردة . كانت الدعوة الاصلاحية للامام الحسين (ع) سلمية قابلها هؤلاء بالسيف ومنطق الدم ، ومثلما بقي النهج الحسيني في الاصلاح والثورة ومناهضة الانحراف والظلم بقي الى جانبه نقيضه على مر العصور ، فالاسلام الاموي قائم الان يستخدم الدين ومقولاته لبلوغ مآربه ويحارب الحق و الفضيلة .
https://telegram.me/buratha