حسن الهاشمي
علي الأكبر عليه السلام الابن الأكبر لسيد الشهداء وشبيه رسول الله صلى الله عليه وآله بذل مهجته يوم عاشوراء في سبيل الدين، تجلّت شجاعة على الأكبر سلام الله عليه وبصيرته في دينه يوم عاشوراء ومن أبرز معالم ذلك الوعي كلماته وما كان ينشده من الرجز، وعند قصر بني مقاتل خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وكررها ثلاثاُ فقال له علي الأكبر: يا أبتاه مما استرجعت؟ فقال عليه السلام: يا بني إني خفقت برأسي خفقة فعنّ لي فارس على فرس وقال: القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم، فقال له: أو لسنا على الحق؟ قال الإمام : بلى . قال: فإننا إذن لا نبالي أن نموت محقّين. يا لها من كلمة قد سطرها التاريخ بأحرف من نور (أو لسنا على الحق، إذن لا نبالي أن نموت محقين) وهي تستصرخ الضمائر الحية أن تنتهج الحق عن طريق إنصاف المظلوم والوقوف بوجه الظالم ومساعدة الفقير وخدمة الناس وإعمال العدالة والمساواة بين صفوفهم، وهذا الكلام وإن كان موجها للجميع بيد إن قادة البلاد ومن بيدهم أزمة الأمور مشمولون به قبل غيرهم، ومما لا شك فيه إن الذي يخلد الإنسان السير على جادة الحق والتواصي به والتواصل بالصبر لقطف ثماره الجنية التي تعم فائدتها للجميع. ما أحلى الوحدة عندما تتحقق؟! وما أجمل التوافق عندما يتجذر؟! وما أصفى الأخوة عندما تترسخ؟! وما أجمل مفردات المودة والمحبة والانسجام والتواصل عندما تضرب بجذورها في أطناب المجتمع الواحد؟! وما أجمل أن ننبذ العنف والحقد والإحن والكراهية ونضعها خلف ظهورنا لأنها من ضروب الشيطان ينفث فيها بين الفينة والأخرى طمعا بإيقاد الفتنة والعداوة والتمزق والفرقة فيما بيننا؟! وطالما يهتف فينا عظماؤنا التمسك بالحق والاعتصام بالقيم والفضائل لأنها هي التي توصلنا إلى سبل النجاة، وهي التي تحقق أمانينا في أن نعيش أحرارا في زمن كثر فيه الموتورون والمتملقون والمتزلفون، والعاقبة دائما وأبدا لأهل التقوى والعاملون بالحق ودعاته والذابون عنه، سواء وقعوا على الموت وتغلبوا عليه وعلى شياطين الجن والإنس، أم وقع الموت عليهم وهم قد خطوا بدمائهم طريق العز والكرامة لأمتهم وللأجيال القادمة.اقتحام الموت لا ينحصر بالقتل في ساحات الوغى دائما، بل إن الذي يجاهد من أجل إسعاد وإنقاذ شعبه من المحن التي يمر بها هو مصداقا لإقحام النفس بالموت محقا كما قالها سيدنا علي الأكبر، حيث إنه يعرض نفسه لسهام الانتهازيين والسراق والنفعيين!! وكذلك من مصاديق الاستماتة في سبيل الحق الاستمرار بتقديم الخدمات الجليلة للناس والغوص في أوساطهم لحل مشاكلهم ومواساتهم في معيشتهم ومأكلهم وحلهم وترحالهم، هذه المواضيع التي تؤكد عليها المرجعية الصادقة والتي هي بلا شك من ضمن نطاق الحق الذي دافع عنه الأولياء، وما زال الشرفاء يقتفون الأثر لتحقيقها ولو كلفهم ذلك حياتهم.
https://telegram.me/buratha