محمد رشيد القره غولي
لا أريد أن ادخل في بحث روائي لنقل أو سرد واقعة فجعت لها الأمم السابقة و التي ستأتي، لأنها مصيبة لم تشهدها الإنسانية قط، و لم تعرف فاجعة مثل تلك الفاجعة.لكن السؤال لو لم ينهض الحسين(ع)، و بات في مدينة جده؟ و فرضا لم يقم يزيد بقتله، باعتبار ان يزيد كان ينوي قتله أن قام أو قعد.فهل سيبقى للدين باقية؟و هل سيكون دين المصطفى أم دين ابن تيمية؟.إن الإحداث التي عاشها الحسين و ما اطلعنا عليه، يجعلنا نجزم، لن يكون بعد الحسين دين كما نراه اليوم و أن تعددت مذاهبه و مشاربه، بل حتى لن يُشاهد مذهب سني معتدل في أطروحاته، علاوة على أن التشيع ستندثر معالمه، و نصبح في مهب الريح، أكثر مما نحن فيه اليوم، بسبب السياسات القذرة التي انتهجتها بنو أمية و بنو العباس. كما أنه بنهضته هو مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية و العدل الإلهي. لان الإسلام ـ الذي حاولوا بنو امية جاهدين طمسه ـ هو دستور يصل بالإنسان إلى الكمال ـ الذي نطالب به من الباري سبحنه و تعالى ـ و هو مطلب كل عاقل يريد بنفسه و مجتمعه التدرج نحو السمو الإنساني و الروحي.لذا عندما رأى الحسين تلك الهجمة الشعواء ضد المبادئ السامية التي جاء بها نبي الرحمة(ص)، من لدن اله كريم، انتفض ليسقط تلك الأصنام التي ابتدعوها من جديد، و سعيهم لتغيير سنن الله في أرضه، وطمس معالم الدين الحنيف، و ذلك الاعوجاج الذي احدث في امة جده، عرض نفسه للشهادة، في سبيل الإنسانية جمعاء، ليصل صوت الحق عبر الأجيال، و لم يسمح لهؤلاء الطواغيت لدرس معالم الإسلام. فلو لم ينهض لم يكن الحقير كاتب هذه الكلمات إسلامه إسلام محمد و آل محمد(صلى الله عليهم أجمعين)، بل سيكون إسلامه إسلام ابن تيمية، الذي هو صنم جديد من أصنام بنو أمية اليوم.لذا نحن مدينون للحسين بن علي(ع)، بالشكر بحفاظنا على صرخة كربلاء تدوي عاليا، ليقتبس من جامعتها أسمى العلوم، نعم ففي كل موقف من مواقف ارض ألطف هي مدرسة يتتلمذ عليها الكبير و الصغير دون استثناء.فنهضة الحسين(ع)، أحدثت ثورة في نفوس الأحرار من هذه الأمة وجمرة ملتهبة في قلوب المؤمنين لا تنطفئ إلا برجوع الحق إلى أصحابه. و لولا تلك الصرخة المدوية عبر العصور، لفقدنا الكثير من السنن الإنسانية و الدينية.فهي حركة إلهية حفظت بها الحد الأدنى من العدالة و التي ستكمل بعد ذلك المشوار الطويل بدولة الإمام الحجة(عج)، و إقامة العدل الهي في أرضه.
https://telegram.me/buratha