مصطفى الهادي
(( إنهم يبكون الحسين (ع) ولكن بأقلامهم وليس بأرواحهم ، لأن حكامهم اشاروا إلى أقلامهم وأجسامهم ، فاستجابت لهم فلا تعرف غير لغة المديح الممزوج برائحة الولاء المر التائه ، وأئمتنا دعو أرواحنا فاستجابت لهم فكانت الأرواح ممزوجة بعبق الإمامة وعبير النبوة وشذى الربوبية ، فكانت إذا ذكرت الحسين كتبت بدمها قبل دموعها وهذا هو الفرق بين الولائين )) . بكى قلمك قبل دموعك لأنه نمى في تربة سُقيت بدم الحسين . وعاشت على اصداء قبر فيه رأس الحسين (ع) . بكى سيد قطب فقال : دم ودموع ، وسمو واستعلاء . وألم يفري الضلوع ، وعزة نفس وإباء ، تلك ذكرى ابي الشهداء . ما اجتمع الألم القاسي والعزة الطولى ، كما اجتمعا في هذه الذكرى . الألم لذكرى تلك الدماء النقية الطاهرة ما أرتوت هذه الأرض بأطهر منها . والعزة بذلك الشمم العالي ما شهدت الأرض مثله . وأنها لمزيج مقدس تظهر به الأرواح وتتزكى ، وتسمو به الإنسانية إلى السماوات العلا . وأنه لمقام تتطاول إليه الأعناق لتقتبس العيون والقلوب من نور هداه ولترى ، كيف ترتفع إليه البشرية إلى الملأ الأعلى . وكيف تصمد الروح لآلام الجسد . وكيف تحتمل النفس ما لا طاقة به لبشر وكيف تصفو وتشف فإذا هي نور يتحدى النار ، فيكتوي ولكنه ينتصر مدى الأدهار . ما لعبرة في ذكرى ابي الشهداء ؟ هي عبرة ا لعقيدة التي لا تضعف ، والإيمان الذي لايهن .والعزة التي لا تخذل ، والأباء الذي لا يقهر . والقلب الشجاع الذي لا تردعهُ الأهوال . وهي في الجانب الآخر عبرة النفس الإنسانية حتى تُمسخ ، والطبع البشري حين ينتكس . والشر اللئيم الخسيس حين تسعفه القوة المادية والنذالة القذرة المنتنةحين تواتيها الظروف . وما الذي صنعته الأيام والدهور بهذا وذاك .لقد خلّدت العقيدة والإيمان والعزة والإباء والقلب الشجاع . خلدتها في القلوب نورا وإيمانا وعقيدة تذكيها القرون والأجيال ... ولقد دفنت الطبع المنتكس والشر اللئيم والنذالة القذرة ... وعفت على هذه الصورة البشعة إلا أن تذكرها بالمقت والإزدراء .
https://telegram.me/buratha