احمد عبد الرحمن
من بين اكثر التعريفات شيوعا وتداولا للدستور بين الاكاديميين والمتخصصين في الشؤون القانونية هو انه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم شؤون مجتمع معين.وهذا التعريف المقتضب يشير بصورة واضحة الى ان الدستور ومايتضمنه وما يتناوله من امور لايقتصر على الجانب السياسي والقانوني الصرف مثلما يتصور خطأ كثير من الناس، بل انه يعالج مختلف القضايا الاجتماعية والحياتية للمجتمع، ويحدد الاطر والسياقات والمسارات العامة لها، من دون الدخول في التفاصيل والجزئيات.ولعل مفردة الحرية تعد العنوان الابرز في كل دساتير العالم، سواء الشكلية منها او الحقيقية، والحرية حتى في اكثر الانظمة والمجتمعات تحررا وديمقراطية فأنها لابد ان تكون محكومة بضوابط ومحددات وكوابح، مستمدة من واقع منظومة القيم الثقافية والحضارية والتأريخية والاجتماعية والدينية لاي مجتمع، ولعل هناك قول شائع في المجتمعات الغربية وهو "ان حرية الفرد تنتهي عند حدود حرية الاخر"، أي بعبارة اخرى ان حرية الفرد لايمكن ان تمارس على حساب حريات الاخرين. وهذا المبدأ تؤكده وتقر به مختلف الاديان والثقافات والحضارات.ولانحتاج الى ان نذهب بعيدا وفي تراثنا الاسلامي العظيم اطر وقوانين وضوابط تضع الحدود السليمة والصحيحة لممارسة بما يصادر حق أي فرد ، ايا كان دينه او مذهبه. فضلا عنذلك فأن هذا الدين العظيم الذي يعد خاتم الديانات السماوية وضع منظومة متكاملة ومترابطة في حلقاتها للسلوك والتعامل على صعيد الفرد والمجتمع بما يمنع الفوضى والاضطراب، وبما يضمن ويؤمن الحقوق والحريات المنضبطة للجميع، وبما يكرس ويرسخ القيم الانسانية والاجتماعية والدينية الصحيحة، ويحول دون تفشي الضواهر والمظاهر السيئة والسلبية.لم تعني الحرية في أي زمان ومكان ان يفعل المرء مايحلو له وكأنه يعيش لوحده وليس ضمن مجتمع مؤلف من اعداد كبيرة من الناس، ينبغي ان تتوفر لكل واحد منهم مساحة مناسبة من الحرية الشخصية.ولايمكن لاي مجتمع كان له خصوصياته الاجتماعية والثقافية والدينية ان يستنسخ ويستعير نماذج وسلوكيات وتقاليد من مجتمعات اخرى لها خصوصيات مختلفة تمام الاختلاف عن خصوصياته.وهذا مايجب اخذه بنظر الاعتبار ونحن في العراق ننعم بالحرية بعد عقود من الكبت والظلم والاستبداد والطغيان.
https://telegram.me/buratha