جواد العطار
"إني لم اخرج أشرا ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي, أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" ... كان هذا هو البيان الأول لثورة الأمام الحسين وإيذانا بانطلاقتها, حيث حدد فيه الإمام الحسين "ع" أهداف الثورة وطبيعتها وآليات عملها. فلم تكن الثورة طمعاً في سلطان أو صراعاً على سلطة زائلة (لم اخرج أشراً ولا بطراً) وإنما كانت تهدف إلى الإصلاح أولا بعد أن استشرى الفساد في جسد الأمة، وبدأ ينخر في بنيانها ومقوماتها فكان لا بد من ثورة إصلاح جذري تعيد للأمة مكانتها وقيمها وتأريخها وهويتها.فالإصلاح على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي هو الهدف المركزي من الثورة الحسينية. وحيث أن الاصلاح مهمة شاقة ومعقدة تسبقها الحاجة إلى عملية كبيرة لقلع قوائم الفساد والخراب والدمار الذي لحق بالأمة نتيجة تحول النظام السياسي إلى حاكمية الفرد غير الكفوء وغير المناسب (أي الملك العضوض المتمثل ببني أمية), فكان لابد من استبدال ثقافة الإكراه والعنف والخداع والقدسية الكاذبة إلى ثقافة التحرر والحوار وقبول الآخر والمشاركة.واذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وسيلة التغيير وآلياتها الشرعية الناجحة التي قوامها الحوار ومقارعة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق, فإن هدف الإصلاح هو اعادة كرامة الامة وحريتها، لتساهم في بناء حياتها الآمنة المستقرة ...(الإصلاح في أمة جدي).واليوم، حيث الحوار قائم لتشكيل الحكومة، علينا أن نستحضر الدروس والعبر من ثورة الامام الحسين"ع", فالعراق الآن بأمس الحاجة إلى إصلاح شامل على كل المستويات. وهذا الهدف السامي لا يمكن استكماله او تحقيقه إلا بأن يأخذ الصالحون من رجالات العراق على عاتقهم مهمة الإصلاح (فاقد الشيء لا يعطيه). ومن هنا يتطلب الدقة والتفحص في استيزار الصالحين والكفوئين... (الرجل المناسب في المكان المناسب).وعلى الكتل السياسية ان لا تستغرق الوقت في من يكون وزيراً، او من لا يكون, وكم هي حصة هذه الكتلة وتلك. فالكتل عليها الانصراف والاهتمام الى دراسة برنامج الحكومة ومشروعها الإصلاحي الذي يستهدف بناء العراق واعماره واعادته الى مكانته ودوره الريادي إقليميا ودولياً.واذا كان من الأولويات العاجلة؛ حاجات الناس ومتطلباتهم وتطلعاتهم في الأمن والخدمات وايجاد فرص العمل وحل مشاكل من قبيل السكن والكهرباء؛ في المقدمة وعلى رأس الاهتمامات, فان مصلحة البلاد والعباد يجب ان تكون نصب العين متقدمة على غيرها من المصالح الاخرى. حتى نكون قد استحضرنا درس مهماُ من دروس كربلاء الحسين (ع).
https://telegram.me/buratha