احمد عبد الرحمن
ليس في هذا العام وحده ولا في العام الماضي والعام الذي سبقه، بل طيلة اربعة عشر قرنا من الزمان ومحبي وانصار سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام يتعرضون لشتى ضروب الاستهداف من قبل السلطان والانظمة الطاغية واعداء اهل البيت عليهم السلام، ولانتوقع ان يتوقف هذا الاستهداف في أي وقت، بل ان صور واشكال ذلك الاستهداف تتعدد وتتنوع مع مرور الزمن، ولكن في ذات الوقت، وبدلا من ان تنحسر وتضيق وتتلاشى ابعاد وتأثيرات الثورة الحسينية العظيمة، نراها تتسع وتمتد وتنفتح على افاق جديدة، وتترك اثارها المعنوية والروحية والانسانية على اناس ومجتمعات وامم من مشارب مختلفة.وفي العراق، حيث كربلاء الامام الحسين عليه السلام، وعبق الشهادة والتضحية الذي يفوح من كل مدينة وكل قرية وكل شارع وكل محلة وكل زقاق وكل بيت، لترتسم صورة حسينية ولائية كبيرة على امتداد جغرافيا البلد في كل عام.واذا كنا قبل اعوام وعقود خلت نواجه قمع واستبداد وتسلط وعداء نظام البعث الصدامي المقبور لكل شيء يمت للحسين وكربلاء والطف بأدنى صلة، فأن منهج العداء بعد الاطاحة بذلك النظام المقبور لم يتغير من حيث الجوهر والمضمون، بل ان اشكاله واساليبه هي التي تبدلت فقط.واعداء الامام الحسين عليه السلام واعداء اتباعه ومريديه وانصاره ومحبيه هم ذاتهم في كل عصر وزمان، حتى وان تغيرت اسمائهم وهوياتهم واشكالهم وعناوينهم.ان رسالة التضحية والفداء التي اطلقها الامام الحسين عليه السلام مع اهل بيته واصحابه المخلصين قبل اربعة عشر قرنا، نلمس صداها واثرها كبيرا-بل هائلا-في نفوس وقلوب ووجدان عشرات الملايين من الناس، من اتباع اهل البيت عليهم السلام ومن غيرهم، ومن المسلمين ومن اتباع الديانات الاخرى، ومن العرب وابناء القوميات الاخرى في مشارق الارض ومغاربها.رسالة التضحية والفداء الحسيني كانت رسالة الحياة لا رسالة الموت، والحسين عليه السلام بتضحيته العظيمة اراد ان يعلم الاجيال معنى الحرية والعزة والكرامة وقيمتها التي تستحق بذل النفوس الزكية والارواح الطاهرة والدماء النقية من اجلها.
https://telegram.me/buratha