قلم : سامي جواد كاظم
يجد القلم نفسه مرغما للكتابة عن الحسين عليه السلام اذا ما لاح له حدث او حديث له علاقة بقضيته والمنصف هو من يتجرد من عواطفه ويدع العنان لقلمه ان يترجم ما يملي عليه عقله بعيدا عن غرائز نفسه ، والقضية الحسينية نالت من الاهتمام ما لايعد حصره او عده سواء ممن والوا او عادوا القضية ، وقد نُظر وكُتب عن القضية من عدة زوايا ومن مختلف الاتجاهات وبشتى الدراسات ولو قمنا بالمقارنة بين قضية الحسين عليه السلام ومختلف قضايا العالم سنقف امام حقيقة واحدة جلية لا غيرها تعطي الحق لكل من يحي الشعائر الحسينية او يكتب عن عظمة الحسين وقضيته .نعم للحسين عليه السلام قضية تخص الانسانية والدين ولو كانت نهضته رغبة او نزوة فانها حالما تنعدم مقومات تحقيقها فان المرء يكون امام رايين اما التراجع لانها رغبة وانتفت مقوماتها واما المضي قدما وهنا تكون النفس قد قادت صاحبها للتهلكة وتنطوي ذكراها بمرور الايام وقد لا تعدو سنة فيصبح طي النسيان ، وهذا لم يحصل مع ما نهض من اجله الحسين عليه السلام بدليل احياء ذكراه منذ الاستشهاد وحتى الان وسيبقى طالما ان هنالك حياة ، ولو كانت هنالك ثغرة بسيطة جدا في قضية الحسين فوالله لم يتعرض ولا حاقد للشعائر الحسينية او لكل من يسير على درب الحسين ( ع) ولكن لان قضية الحسين قضية ايمانية متجددة مترسخة في عقول الاحرار الشرفاء فانها ستبقى الميزان الحقيقي للتفريق بين الظالم والمظلوم وبين الحر والعبد للدنيا وبين الكرامة والذلة .النفس جبلت على تمجيد ما تراه قضية عامة ، العالم كله يحتفل بالعيد الوطني لدولهم والروؤساء يتبادلون التهاني فيما بينهم اذا حلت الذكرى الوطنية لبلدانهم ، ماقصة هذه الذكرى الوطنية ؟ انها انتصار قضيتهم وتحررهم من الاستعمار او تاسيس دولتهم ولانها قضية تهم الشعب نجدهم يحتفلون بالعيد الوطني ونحن نحي القضية الحسينية في عاشوراء باعتبارها قضية اسلامية تخص البشر جمعاء .كل دول العالم او اغلبها فيها نصب للجندي المجهول لماذا هذا النصب هل لان هنالك جندي سقط في المعركة لا تعرف هويته ؟ كلا لان هنالك جندي سقط لا تعرف هويته سقط من اجل قضية تهم بلده وتعظيما واكراما له جعل هذا النصب وما يرافقه من مراسيم احتفال خاص به اذا ما زاره مسؤول .المارثون هذه الرياضة التي اصبحت متعارفة في كل دول العالم واصبحت لها قوانينها ومؤسساتها التي ترعاها لماذا لاجل جندي قطع اكثر من اربعين كيلو متر ومات فقط ؟ كلا بل لان هذا الجندي جاء بخبر انتصار قضيتهم فاقيم له هذا المارثون الرياضي .الحسين عليه السلام يستحق دراسة مادية ومعنوية وانه استطاع ان يثبت قضية الاسلام بدمه وعياله واصحابه ولو كانت هنالك ثغرة في قضيته كما ذكرت اعلاه لتربصت بها الاقلام المسمومة للتنكيل ولو كانت فيها ثغرة لاستخدمها جلاوزة يزيد في تبرئة ساحته والنيل من الحسين الا انه تملص منها ورماها بعنق ابن زياد لعلمه بهول ما اقترفه من جريمة .يقول احد الضباط الانكليز في فترة الاحتلال البريطاني للعراق انه كان يتجول في الطريق بين الحلة وكربلاء وشاهد رجلين وامراة من الهند يسيرون على اقدامهم فاقترب منهم وسالهم الى اين يذهبون فقالوا له الى كربلاء ، ومن اين جئتم ؟ ، من الهند سيرا على الاقدام ، وكم من الوقت استغرقتم ؟ احد عشر شهرا ، يقول الضابط واثار الاعياء والتعب بادية عليهم فسرت معهم ونحن على مشارف كربلاء فاذا لاحت من بعيد المنائر الذهبية للحسين فاذا النشاط يدب بهم وكانهم الساعة انطلقوا في المسير واختفى التعب والاحياء ووجوههم تهللت برؤيتهم للمنائر ، هذه العلاقة الروحية التي تجعل المحب ينسى ماهو به ، وكم من مغموم يدخل حرم الحسين يكشف غمه بالرغم من ان سبب الغم لم يزول ولكن الاطمئنان الروحي بكل ما له علاقة بالحسين عليه السلام ياخذ مجراه اذا ما كانت العلاقة سليمة والنية صافية ، واما الكرامات والمعاجز التي تتحقق لمحبي الحسين عليه السلام فلا يمكن حصرها لاسيما وان البعض منها حدث خارج النطاق العلمي للعقل البشري .اشاهد عوائل على طول السنة هي متعففة وتستحق المعونات وتتدبر معيشتها بصعوبة ولكن في ايام عاشوراء اجدهم نصبوا موائد الطعام حسب استطاعتهم يطعمون غيرهم ولا اكذب ان قلت يطعمون ممن هم ايسر حالا منهم ان الذي جعلهم يقدمون على هذا هو حب الحسين (ع) ، طيب ماهو ثمن الحب ولماذا الحسين (ع) ؟ لولم يكن له اثر روحي ومادي على النفوس المغرمة بالحسين (ع) لما تجدد ولائهم وتمسكهم بالحسين عليه السلام وهذا واقع وليس من نسج الخيال .
https://telegram.me/buratha