وليد المشرفاوي
يقف المرء منبهرا متسائلا عن السر وراء الصلابة والصمود المعهود من سيرة السيدة زينب الكبرى(عليها السلام) ؟فماذا كانت تمتلك من أسباب مكنتها من هزيمة الظالم يزيد بن معاوية ومن قبله عبيد الله بن زياد , وهي المرأة المجردة من كافة الوسائل المادية ؟ حيث ليس لها أسلحة أو جيش كما يملكه هؤلاء الأوغاد.لقد ورثت تلك الفاضلة جرأة جدها وشجاعة أبيها وحكمة أمها وكرم أخيها السبط الحسن المجتبى وسيف أبي الأحرار الحسين الشهيد الذي سله بوجه المنحرفين , إذن لا يوجد سر لصلابة تلك الطاهرة سليلة النبوة والإمامة , فان زينب بنت علي (عليه السلام) ما كان باستطاعتها أبدا أن تقف أمام الطاغية يزيد متحدية إياه بكل جرأة وشجاعة قائلة له:(فكد كيدك واسع سعيك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا) ما كانت لتستطيع كل ذلك لو لم تكن قد مهدت لقولتها هذه روحا مفعمة بالتقوى وجوارح ما امتدت إلى الدنس أبدا , وفي موقف كان يهابه الرجال الشجعان لقد تمكنت السيدة زينب من اعتقال الطغاة الأمويين الذين ظنوا أنهم اعتقلوها بقيودهم وتفاخرهم وغرورهم ..ففي الوقت الذي كانت فيه تعاني المرض والإنهاك والأذى وقفت هذه السيدة العظيمة كالطود الشامخ أمام يزيد قائلة له:يزيد ! إني لاستصغر قدرك ,أي أنها كانت في مستوى تستصغر وتستحقر وتستهزئ بهذا الطاغية وملكه الواسع وجبروته الشاسع وحاشيته الفاسدة , كانت عقيلة الهاشميين زينب(ع) على علم مسبق ومعرفة روحانية تامة بان الدنيا مزرعة الآخرة ؟ وكانت على مطلق الدراية أيضا بان الأنبياء والأئمة والأولياء الصالحين لم يأتوا إلى هذه الدنيا إلا ليقولوا للناس بان هذه الدنيا ليست هي المستقر أو المقام , وإنما هناك ثمة دار آخرة ينبغي أن يحسبوا لها حسابها الأول , وهي دار الجزاء والخلود .لقد اتخذت السيدة زينب (ع) هذه الفكرة عقيدة أساسية وسياسية في مسيرتها الخالدة , فهي حينما اقبل عليها اللعين أمير المتآمرين عبيد الله بن زياد مصرحا بالكفر قائلا :الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم واكذب أحدوثتكم ..فأجابته بالقول الصادع:الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه (صلى الله عليه واله وسلم) وطهرنا من الرجس تطهيرا؟ إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله . ثم إن السيدة زينب(ع) كانت ملازمة لامها الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) طيلة حياتها مستلهمة منها أنبل الصفات وأروعها , فضلا عن أنها كانت تشاركها حزنها على فقد الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)؟ كما إن الأمر الذي يدل على مقامها الرفيع ووعيها الواسع هو إنها هي التي روت للتاريخ الخطاب العظيم الذي خطبته الزهراء(عليها السلام) دفاعا عن حق أهل البيت ضد مصادريه وظلت زينب مراقبة للأحداث المفجعة التي مرت على أمها وأبيها وأخويها فتزيدها صلابة وصمودا وصبرا؟ ثم أنها كانت على التزام ثابت ودائم بوصايا أمها وأبيها لها بضرورة التخلق بأخلاق القران؟ فكانت نعم المرأة المجاهدة الصابرة التي انتظرت طيلة حياتها المقدسة أن تؤدي المهمة العظيمة الملقاة على عاتقها , ألا وهي صياغة ونشر مظلومية وحركة الإمام الحسين (ع) الثورية .
https://telegram.me/buratha