مصطفى الهادي
لعلنا نستفيد من الرواية التالية في تكوين بعض الاجابة على السؤال حول الشمر بن ذي الجوشن .وهل أن جريمته البشعة التي ساهم فيها بقتل خير من تبقى على وجه الأرض من هل الكساء ، وهل ان لذلك دوافع نفسية تتعلق بنسب الرجل . أم أن جريمته تكمن خلف جبنٍ طاغ يعاني منه الشمر كما نستشف ذلك من مشادته مع الفارس أبي الجنوب في واقعة كربلاء . سأل رجل في الحج عبد الله بن عمر بن الخطاب عن دم بعوضة قتلها وهو محرم ؟ أهو حرام ؟ فسأله عبد الله من اي البلدان هو فقال من العراق . فصاح عبد الله بن عمر بن الخطاب :أنظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوضة، وقد قتلوا إبن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)! وسمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (إنهما رَيحانتّي من الدنيا) يعني الحسن والحسين (عليهما السلام).فإذا كان كذلك فلماذا لم تنصره يا ابن عمر ؟؟ الشمر هو ابن الجوشن بن الاعور بن الضباب بن كلابكان يذكر بالالقاب بن ذو الجوشن ومن هو ذو الجوشن / اختلف الناس فيه . وابن الاعور من هو الاعور اختلف الناس فيه ايضا . بن الضباب ويُقال له الضبابي كانت سيرته غامضة وذكره سيء وكان الناس يعرفونه بأقبح الاسماء حيث كان يُعرف بأنه (( ابن البوال على عقبيه )) كما في رواية زهير بن القين التالية . عندما خاطب زهير اهل الكوفة ووعضهم ناداه الشمر : لقد اضجرتنا بخطابك يا ابن القين . فقال له زهير : يا ابن البوال على عقبيه ما إياك اخاطب انما أنت بهيمة والله ما اظنك تحكم من كتاب الله آيتين فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم . فاالشمر لم يكن يحسن من كتاب الله آيتين ؟؟!!وفي قول علي عليه السلام دلالة لا تخفى على كل عاقل عندما يقول عليه السلام : لا نقبل قول أعرابي بوال على عقبيه؟أو قول عمر بن الخطاب : يا كليب لن احاسبك فلا معنى لحساب أعرابي رجل بوال على عقبيهفكانت هذه الكلمة سُبة لكل من تقال له ملازمة له يُعيرونه بها للدلالة على ضعة اصل الرجل والشمر بن ذي الجوشن ليس كما يُشاع عنه من شجاعة كاذبة بل كان الرجل في جُبن فاضح وخسة ونذالة تدفعهُ للجرأة على الشرفاء في حالة ضعفهم وليس في حال قوتهم .فعندما كان شمر بن ذي الجوشن يحرض الجيش على قتل الحسين فمر بأبي الجنوب وهو شاك في السلاح فقال له : أقدم على الحسين وقاتله قال : وما يمنعك أن تقدم عليه أنت يا شمر ؟ فقال شمر له : ألي تقول ذا ؟ قال : وأنت لي تقول ذا ؟ فاستبا فقال له أبو الجنوب : وكان شجاعا : والله لهممت أن أخضخض السنان في عينك قال : فانصرف الشمر عنه وقال : والله لان قدرت على أن أضرك لأضرنك . وهذا هو قول الجبناء الذين يتحاشون لقاء الابطال وجها لوجه . والشمر كلمة اصلها : شامير ، أو سامر ، تُقلب فتصبح شمر وهي من أسماء اليهود ولربما يُشير ذلك إلى اصل الشمر اليهودي لأن الخطاب أيضا موجه له تحت إسم : يا ابن اليهودية . وكان إسم الشمر من أسماء اليهود المعروفة والمؤرخون يعرفون ذلك فلا يفوتهم الاشارة إلى ذلك وقد ذكر ذلك في بعض الروايات كما في الرواية التالية : فانطلق علي عليه السّلام إلى رجل من اليهود يقال له جار بن الشمر اليهودي. فقال له علي عليه السّلام: أسلفني ثلاثة أصوع من شعير وأعطني جزةً من الصوف تغزلها لك بنت محمدوحتى من كتب في هذا العصر يعرف ذلك ، كما قال أحد الكتاب : فإن شمر العصر هو "موشي ديان"، وإن الشمر الذي كان قبل 1300 عام مات وأتخم موتاً، فتعرفوا الى شمر هذا العصر.ولربما نعرف هدف السائل عن كفر الشمر فإنه في النهاية يُريد ان يقول بأن الشمر كان من شيعة علي كما يُشاع عنه هنا وهناك . واقول له بأن ذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة لأن أهل البيت لم يعرفوا امثال هذه النماذج , وحتى لو عرفوها فهذا ليس من العجائب وخصوصا وان الرسول علّم بعض اصحابه اسماء المنافقين في المدينة وكانوا من أصحابه / فمثلا كان زهير بن القين وهو من افضل اصحاب الحسين عليه السلام كان عثمانيا يبغض الامام الحسين عليه السلام . كـان زهـيـر رجلاً شريفاً في قومه ، نازلاً فيهم بالكوفة ، شجاعاً، له في المغازي مواقف مشهورة ومـواطـن مـشـهـودة . وكـان اولاً عـثـمانيّاً، فحجّ سنة ستين في اهله . ثمّ عاد فوافق الحسين (ع) في الطريق .روى ابـو مخنف عن بعض الفزاريين قال : كنّا مع زهير بن القين حين اقبلنا من مكّة نساير الحسين (ع) فـلم يـكـن شـي ء ابـغـض إ ليـنـا مـن ان نـسـايـره فـي مـنـزل ، فـإ ذا سـار الحـسـيـن (ع) تـخـلّف زهـيـر، وإ ذا نـزل الحـسـيـن تـقـدّم زهـيـر،، فهداه اللّه ، وانتقل زهير علويا وقاتل بين يدي الحسين حتى قُتل رضي الله عنه . فليس من العجب ان ينقلب من كان مع علي إلى بغضه . اما الشمر بن ذي الجوشن فكان بعيداً عن أهل البيت عليهم السلام ولم تكن له مخالطة معهم والغريب أننا لا نعرف المدرسة التي درس فيها الشمر بحيث زقته هذا الحقد العجيب على آل البيت عليهم السلام .فالتاريخ لم يذكر لنا ان الشمر كان له أي اختلاط بآل البيت عليهم السلام . ان الحسين (عليه السلام) عندما قال له الشمر أبشر بالنار يا حسين سأله من أنت فقال أنا شمر وهذا دليل على عدم معرفة الحسين المسبقة بالشمر. بينما نرى الحسين يخاطب من يعرفهم مثل يا حجار ويا شبث ويا أنس وغيرهم . والشمر أيضا كان يعلم ذلك ولذلك عندما رحل إلى يزيد حاملا الرؤوس كما تنقل الرواية الشمر بن ذي الجوشن الضبابي ـ لعنه الله ـ كان يعلم ذلك أيضاً لان حينما رجع الى يزيد ( لعنه الله ) وهو حاملاً رأس الحسين عليه السلام طلب الجائزة وقال مفتخراً : املأ ركابي فضة أو ذهبـاً * قتلت خـير الـناس أما وأباً أنـي قـتلت الـسيد المهذبا * وخيـرهم جداً وأعلا نـسباً طعنته بـالرمح حـتى انقـلبا * ضربته بالسيف ضرباً عجباً (1)ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج 2 : 424 .فمن يعترف بأنه قتل خير الناس أما وأبا وخيرهم جدا وأعلا نسبا ، يقتله طمعا في حطام الدنيا ماذا يُقال له؟ . فإما يكون الشمر فعلا من النكرات الجبناء وقد اتضح ذلك من افعاله واقواله كما مر بك . أو أن مسألة إبهام نسب الشمر ووضع علامات عليه من ناحية اسم الأب والعشيرة وغيرها ، إنما حدث من قبل عشيرته إن كان له عشيرة أو ممن يقربون له، دفعا لذلك العار الذي سوف يصاحبهم أبد الدهر فيما لو كان اسم الشمر واسم أبيه وعشيرته وقومه معلوما . ويمكننا معرفة صحة ذلك إذا علمنا ان المجتمع المحيط بالشمر لا يرحم من يرتكب خطأ حيث سيكون ذلك سبة عليه مدى الدهر ومن هنا رأينا أن المجتمع يعيره بأنه ابن البوال على عقبيه ، أو كما نرى في حالة معاوية ابن ابي سفيان الذي يُعيره الناس بأنه أبن هند آكلة الأكباد . أو فلانا ابن مقطّعت البضور ، لماذا لأن أمه كانت تمارس ختان النساء فلصقت تلك النعوت بهم وأصبح ذلك تاريخا يُعرف به الرجال . فمن كل ذلك لربما نعرف أن الإبهام الحاصل في نسب هذا المجرم خوفا من أن ترمى عشيرته بأنهم ((قتلة أولاد الأنبياء)) .
https://telegram.me/buratha