عادل الجبوري
تتميز اجواء ومناخات المناسبات الدينية في العراق لاسيما ذكرى واقعة الطف الاليمة عما سواها في بلدان اسلامية وغير اسلامية اخرى، لاكثر من سبب، من بينها ان ارض هذا البلد شهدت وقائع واحداث الثورة الحسينية بكل تفاصيلها وجزئياتها، ومن بينها انها لي احتضنت مراقد عدد من الائمة الاطهار، وفي مقدمتهم الامام علي بنم ابي طالب عليه السلام في مدينة النجف الاشرف، والامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام في مدينة كربلاء، والامامين موسى بن جعفر الكاظم وحفيده الامام محمد بن علي الجواد في مدينة الكاظمية المقدسة، والامامين علي بن محمد الهادي وولده الحسن بن علي العسكري في مدينة سامراء، اضافة الى عدد كبير من مراقد ومقامات الاولياء والصحابة الابرار، كأصحاب الامام الحسين الذين استشهدوا بين يديه في واقعة الطف، وابرزهم حبيب بن مظاهر الاسدي والحر بن يزيد الرياحي في كربلاء، ومسلم بن عقيل في الكوفة، واولاده في قضاء المسيب بمحافظة بابل، وكذلك فأن الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي هم من اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام، فضلا عن ان هناك حالة من التعايش والوئام بين مختلف المكونات سادت على مر التأريخ، جعلت ابناء المذاهب والديانات الاخرى في هذا البلد يتفاعلون ويشاركون سنويا في مراسيم احياء ذكرى عاشوراء.واذا لم تكن مجمل معالم وملامح والوان صورة الحزن والولاء الكربلائي لهذا العام قد اختلفت عن صور الاعوام السابقة، فأنه من المفيد والمهم ان نشير الى المسائل التالية:-شهدت مدينة كربلاء المقدسة توافد اكثر من اربعة ملايين زائر من مختلف مدن ومناطق بحسب الاحصاءات والتقديرات الرسمية لمجلس المحافظة والعتبتين الحسينية والعباسية، وجهات حكومية اخرى، وهذا رقم كبير اذا ماقورن بمساحة المدينة وامكانياتها وظروفها.-شهدت اعداد الزوار الاجانب الوافدين من خارج العراق تزايدا في زيارة عاشوراء الاخيرة، اذ تشير المصادر الرسمية الى ان عددهم تجاوز المائتي الف زائر من دول الخليج وايران وباكستان والهند وسوريا ولبنان واوربا واميركا واستراليا.-نجحت الاجهزة الامنية والاستخباراتية والعسكرية العراقية في تأمين الحماية للزائرين، ولم تحدث خروقات امنية كبيرة، سوى عمليات ارهابية صغيرة ومتفرقة في بعض مناطق بغداد وديالى تسببت بأستشهاد وجرح عدد قليل من الزوار.وفي هذا السياق اشار قادة عسكريون وامنيون من بينهم الفريق الركن عثمان الغانمي قائد عمليات منطقة الفرات الاوسط، واللواء قاسم عطا الناطق باسم قيادة عمليات بغداد وقادة اخرين الى ان الاجهزة الامنية نجحت في احباط مخططات ارهابية خطيرة التي لو اتيح للارهابيين تنفيذها واستخدامها لوقعت كوارث كبرى، وكذلك وضع اليد على كميات كبيرة من المتفجرات والاعتدة واعتقال ارهابيين ينتمون الى تنظيم مايسمى بطيور الجنة التابع لتنظيم القاعدة، التي لو اتيح للارهابيين تنفيذها واستخدامها لوقعت كوارث كبرى.-للمرة الاولى في مناسبة حاشدة وكبيرة مثل زيارة العاشر من محرم الحرام لاتستعين القوات العراقية بالقوات الاميركية في تأمين الحماية للزائرين، وهذه المرة كان التخطيط والتنفيذ عراقيا بحتا، حتى الغطاء الجوي كان عراقيا.وربما يعد امرا ذا دلالة ان تقترن عدم مشاركة القوات الاميركية هذه المرة مع عدم وقوع عمليات ارهابية كبيرة مثل التي كانت تحدث في اعوام سابقة وتودي بحياة اعداد كبيرة من الزائرين.-لم تشهد مراسيم الزيارة العاشورائية حالات وفاة بين الزائرين وفق ما اعلن رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة كربلاء حسين شدهان، لاسيما خلال ركضة طويرج التي انطلقت كما هو معتاد من منطقة قنطرة السلام التي تبعد مسافة ثلاثة كيلومترات عن مركز محافظة كربلاء ، وبمشاركة حشود غفيرة من الناس، لتمر من باب طويريج، وتصل الى مرقد الامام العباس عليه السلام، ومن ثم الى مرقد الامام الحسين عليه السلام لتنتهي عند المخيم الحسيني حيث جرت مراسيم حرق الخيام وسط اجواء حزن عميق. -والى جانب توافد ملايين الزوار على مدينة كربلاء فأن اعدادا كبيرة غصت بهم المراقد والاضرحة المقدسة في النجف والكاظمية وسامراء وبابل، فضلا عن المواكب والهيئات التي تجاوز عددها العشرين الف.-لم يغب الصوت الحسيني بمظاهره المختلفة في المناطق ذات الاغلبية السنية، والمناطق الكردية والمناطق التي تقطنها اقليات دينية كالمسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين.فهذه المناطق شهدت مراسيم عزاء لاتقل في ابعادها ومضامينها عن مراسيم العزاء في المناطق ذات الاغلبية الشيعية.
https://telegram.me/buratha