عباس المرياني
في عام 1991 وبساعات قلائل تحطم وبسرعة البرق جبروت الطاغية صدام حسين في محافظات العراق الجنوبية والشمالية ولم تبقى بمأمن من غضبة المنتفضين إلا المحافظات البيضاء كما سميت وان أصابها بعض شرر الانتفاضة الشعبانية المباركة.في ذلك التاريخ وعندما عادت القطعات ألعسكريه العراقية من الكويت تجر أذيال الهزيمة والانكسار على يد جيوش التحالف الذي قادته أمريكا وبدعم كامل من الدول العربية والإسلامية لإجبار صدام على الانسحاب من الكويت بعد ان عجزت كل الوسائل والطرق في أقناعه على الانسحاب دون قيد او شرط بينما كان يصر البعث وصدام في وقتها على اعتبار الكويت المحافظة التاسعة عشر.هذا الحال المزري للعراق والبطولات الكارتونية للقائد الضرورة أشاع بين أوساط المواطنين في جميع المحافظات الرغبة في التخلص من العار الذي ألحقه صدام وأتباعه بالشعب العراقي وقواته المسلحة الباسلة فخرج أبناء العراق في انتفاضة عارمة تهاوت لها رموز البعث وتساقطت بسرعة فاقت سرعة الضوء كل البطولات المزيفة والعنتريات الفارغة للرفاق الأشاوس ولم يصمد الحرس الجمهوري والجيش الشعبي أمام غضبة الجماهير ونساء بيت أبو العيطه.... غير ان التحالف الدولي رأى ان الظروف غير مهيأة لتبديل الحكم بالعراق وبهذه الطريقة التي تجعل العراق بلدا مستقلا بعيدا عن الابتزاز ويكون قوة إستراتيجيه واقتصادية وعقائدية مرعبة إلى جانب إيران خاصة من قبل دول الخليج التي كان صدام يسومها سوء العذاب فرضيت بالذل والعار مرة أخرى على ان تتعاون الإطراف الدولية من جديد مع صدام على قمع الانتفاضة الشعبانية في الجنوب واعادة الوضع على ما هو عليه اما الشمال فكانت أمريكا خير معين وكفيل وبقي اهل الجنوب نهبا لصدام وأمريكا ودول الخليج.وعادة وفي مثل هكذا مواقف فان الجبان والذليل عندما يشعر بقوت غيره مسخره له يقوم بأبشع الأعمال واخسها ضد أعداءه وهذا ما كان من صدام والبعث المجرم ووقف له أبناء الانتفاضة الشعبانية بكل حزم واقتدار وأذاقوا من وقف معه مر العلقم .لكن عدم تكافؤ الفرص والعدة والعدد ووقوف دول التحالف والسماح لصدام باستخدام الطائرات في وقت كان قرار الأمم المتحدة يحضر طيرانها مكنه من أن يملأ الأرض بالمقابر الجماعية وأبيحت المحافظات المقدسة واستخدمت الغازات السامة والأسلحة بعيدة المدى.وترتب على هذا الوضع ان يستشعر المنتفضين خطورة وضعهم فقرروا الرحيل من العراق باتجاه دول الجوار وكانت السعودية واحدة من هذه المقاصد ليس لكرم أهلها وطيب مرابعها انما لوجود القوات الدولية التي سهلت من مهمة خروج الثوار ليس حبا بهم حتى تستقر الأمور لصدام ويعود إلى الحكم مرة أخرى.فخرج الآلاف من الشباب العراقي المجاهد البطل عبر حفر الباطن واستقر بهم المقام في منطقة صحراوية مهجورة يقال لها رفحا ورفض القسم الأكبر منهم السفر الى دول أوربا وكندا واستراليا وفضلوا البقاء عند الحدود مع العراق يستنشقون عبيره ويتتبعون إخباره.وقد جرت بينهم وبين القوات السعودية معارك ومواجهات متعددة أدت الى استشهاد عدد منهم .ولم يكن المعسكر يضم الرجال فقط بل كان فيه الرجال والنساء والأطفال ومن المؤكد ان كل الذين كانوا في رفحاء هم ممن يحمل فكرا ثوريا ضد البعث لكنهم لم ينتموا الى أي جهة سياسية سوى انتمائهم الى العراق وشعبه وترابه.وبعد سقوط صنم البعث في عام 2003 عاد أبناء رفحا الى ديارهم وكانوا يعتقدون ان العراق بيتهم الكبير وأنهم سيجدون فيه الحضن الدافئ والاب الرحيم يعوضهم عن سنوات الحرمان والتعب التي زادت على الاربعة عشر سنة لكن شيئا من هذا لم يحدث وبقية هذه الشريحة خارج نطاق الحسابات والتوازنات والصفقات السياسية وهم الاحق من الجميع بان يمنحهم العراق السكن والوظيفة والاستقرار.أبناء رفحا لا يطالبون بان يكونوا مفضلين على العراقيين لكنهم يطالبون بمساواتهم مع الآخرين وإذا لم يكن كذلك فادمجوهم مع الصحوات وان كانت المقارنة ظالمة والفرق كبير كالفرق بين السماء والأرض
https://telegram.me/buratha