شهدت السنوات الماضية تهديدات واعتصامات واضرابات للمعلمين استجابة لتعليمات نقابتهم الموقرة والتي لم تتعرض للحل والمنع كما تعرضت نقابات النفط والكهرباء !مطالب النقابة والمعلمين تلخصت برفع الرواتب والتسكين عن الدرجات الوظيفية وماشابه ......مع انه لامر غريب اذ ان من المعلوم ان رئيس الوزراء ووزير التربية(في الحكومة السابقة) ونقباء المعلمين-غالبا- ينتمون لحزب واحد ...... !المتضرر الوحيد من كل هذا كان الطالب العراقي بصورة مباشرة والعراق بصورة غير مباشرة .....فالطالب ضاعت عليه دروس كثيرة مع وجود عطل ومناسبات واحداث ادت الى التعطيل الاجباري بصورة عامة او في بعض المحافظات ....وهذا انعكس سلبا بالتالي على مستوى الطلبة ودفع باجيال شبه متعلمة الى الكليات والمعاهد وخرج معلمين (نص ردان) زادوا الطين بلة !وللحقيقة فان مستوى معاهد المعلمين انحدر بشكل كبير في حقبة التسعينات تحت وطأة الحصار الظالم وتفشى الفساد في المؤسسة التعليمية حتى نخرها كما تنخر الارضة الخشب .....نعم ان هذا ينطبق على مؤسسات تعليمية كثيرة الا ان معاهد المعلمين نالت حصة الاسد منها فخرجت معلمين شبه اميين اعرف منهم من لايتمكن من ان يحصل على درجة عشرة من عشرة بالاملاء واخشى اتهامي بالمبالغة ان قلت انه قد لايحصل حتى على خمسة من عشرة وهذه كارثة كبرى تسبب بتفشي جرثومتها في الاساس نظام البعث المقبور حيث وقفت شخصيا على طلبة لايحضرون خلال العام الدراسي الا اياما معدودات من خلال التنسيق مع الرفيق مدير المعهد في التسعينات واذا اراد هؤلاء الحصول على درجات مميزة وليس مجرد النجاح فان (لفة وبارد) للمعلم المعني كانت كفيلة باتمام هذه المهمة في زمن كان فيه المعلم يحن الى قرص الشعير المطعم بــــــ(الفصم)!كانت النقابة انذاك معطلة حيث كانت الدولة مجيرة لصالح الديكتاتور لكن ماعذر النقابة بعيد سقوط صنم الفردوس وهي تثبت امكاناتها وصلاحياتها من خلال تنفيذ الاعتصامات والاضرابات ؟؟المعلم من جهة - في حالات كثيرة ان لم نقل الغالب- اعتاد على التغيب بلا رادع كما اعتاد على الجلوس في الادارة وعدم دخول الصف او الدخول لدقائق معدودة يكلف فيها التلاميذ بكتابة درس ما كواجب بيتي بلا قراء او شرح رغم ان الدرس قد يكون علوم او تاريخ ورغم ان هذا لايعد تدريسا لاسيما لطلبة مراحل الابتدائية المتقدمة حتى تدنت مستويات الطلبة الى الحضيض مما دفع بالكثير من اولياء الامور الى نقل ابنائهم الى مدارس اهلية !كما ان العديد من المدارس تعاني من الدوام الثنائي والثلاثي او نقص الرحلات فترى الطلبة يفترشون الارض وهذا ماشاهدته بام عيني في مركز مدينة الناصرية وليس في قرى نائية او مدارس الاهوار رغم انه لايقبل حصوله في اية مدرسة ونحن ندشن السنة تلو الاخرى موازنات (انفجارية)!وزارة التربية لم تفلح الا في اعادة طبع المناهج سنويا في مطابع عمان وغيرها بلا مبرر ....فالمنهج لايمكن ان يغير كل سنة...فضلا عن ان التغيير الحاصل لايشمل الا حجم الكتاب وبعض الصور ليس الا وهذا هدر للمال العام !هل كانت تخصيصات الوزارة قليلة وغير كافية ؟؟؟ لا قطعا....فقد كشف سابقا ان الوزارة لم تصرف الا 3% من ميزانيتها في احدى الاعوام ويبدو ان هذا كان ديدن الوزارة طيلة السنوات الاربع المنصرمة وهذا مااكده وزير التربية الجديد حيث قال( أن نسبة ما تم انفاقه من الميزانيات المالية للوزارة خلال السنوات الماضية لم تتجاوز ثلاثا في المئة، فيما اشار الى خفض ميزانيتها للعام 2011 بنسبة كبيرة)!http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=113487
لم تقم ببناء المدارس بهذه المبالغ الطائلة رغم النقص الكبير في عدد المدارس ورغم ان هذا يوفر فرص عمل كثيرة جدا لعدد كبير من المعلمين والعمال والحراس !كما ان الوزارة لم تقم بسد النقص في المستلزمات المدرسية كالرحلات والسبورات للمدارس الموجودة....وهذا مايستلزم مسائلة الوزير السابق وغيره من المسؤولين المعنيين في الوزارة !وهذا ما اكد عليه معتمد المرجعية الدينية العليا سماحة السيد احمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة من الصحن الحسيني المطهر مؤخرا.. "فالمسؤول الذي يرجع من مخصصاته التي هو طلبها هذا مسؤول فاشل كما إن هدر المال العام ووضعه بيد المفسدين جريمة، فإن حرمان الناس من المال العام أيضا جريمة، لماذا نفكر دائماً بالجانب السلبي؟! يعني الان عندما يأتي ويقول المسؤول الفلاني أنا أرجعت إلى الميزانية هذا المقدار، عندما نأتي إلى هيئة النزاهة تثبت وتقول انه لم يثبت عليه حالة من الفساد مثلا ً، هذه المسألة بالعكس كم شخص حرم من هذا المال لو صرف في مكانه فهذا دلالة على إن المسؤول خائف ومهتز الشخصية وضعيف وعملية الرفض عنده من أسهل الأشياء، فكلما يقدم له مخصصات يقول لا حتى يرجع هذا المبلغ في النهاية ليثبت على أنه نزيه ولكن بالعكس يجب أن يحاسب مثل هكذا مسؤول ويقال له لماذا أرجعت المبلغ إلى الميزانية فهذا يدل على عدم قدرة وليس دليل على الحفاظ على المال العام، فالحفاظ على المال العام أن يصرف في موضعه وان إرجاع المال خطأ مثلما سرقة المال خطأ، هناك الكثير من المشاريع والأمور تحتاج إلى مال وإذا كان المال محبوس لمزاجية شخص قطعاً لا تتطور الأمور".ويجب ان يدافع عن هذا المسؤول ويقال انه نزيه لذا اشار خطيب الجمعة الى خطورة هذا الفهم وقال ان هناك (حالة من التقييم الخاطئ وهي أن المسؤول الذي لا يصرف المخصصات الممنوحة له معنى ذلك انه حريص على المال العام وهذه فكرة خاطئة جداً بل هي خطرة،)!http://www.imamhussain.org/file1555.html
واذا كانت الامور تسير في قطاع التربية بهذا الحال بواسطة 3% من موازنتها فلنا ان نتصور ونقول بضرس قاطع ان كل مشاكل الوزارة والتعليم في العراق كان يمكن ان تحل لو ان الوزارة كانت بايد كفوءة ونزيهة ومقتدرة ناهيك عن حل الكثير من مشاكل البطالة المتفاقمة في العراق !لكن المصيبة الاكبر كانت صمت النقابة عن كل هذا واطباق فمها عنه وعدم فتحه الا للمطالبة بالزيادة والدرجات الوظيفية فلا هي توجهت للوزارة لمناقشتها او تهديدها للكف عن حالة تدوير الموازنة...ولاهي توجهت للكادر التربوي لتقويم وضعه وانحراف مساره الخطير فتحولت بسلوكها الى شقي يريد استخدام نفوذه على اتباعه (المعلمين) للمطالبة باجور لايستحقها معظم المعلمين الذين تشهد نسب النجاح المتردية الى ترديهم وتردي نقابتهم!والغريب ان تقوم الحكومة سنويا بتخصيص هذه الموازنة لوزارة التربية ودون مسائلتها عن اسباب عدم انفاقها اولا ثم دون انقاصها(طيلة اربع سنوات) اذا كانت الوزارة مستغنية عنها او عاجزة عن انفاقها في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتقليص موازنة الوقف الشيعي بنسبة عجيبة بلغت 69% رغم نسب ونوع الانجاز من قبل الوقف ...وهذا مااثار حفيظة المرجعية والوقف الشيعي مؤخرا وتم التاكيد عليه في اكثر من خطبة جمعة لمعتمدي المرجعية من الصحن الحسيني المطهر واخرها ماورد في ذات الخطبة المشار اليها اعلاه اذ قال سماحة السيد الصافي " إن الدعاية والماكنة الإعلامية في الخارج لا زالت تقول إن العراق مشحون بالانفجارات، والزائر الأجنبي عندما يأتي إلى العراق يتفاجئ ويقول إن الأوضاع جيدة وليست بحجم الأخبار التي تصلنا هناك .. عليه يجب أن تكون هناك عوامل جذب تساعد على قدوم الزائرين .. والأوضاع بفضل الله بدأت في التحسن شيئاً فشيئاً، ومن غير المعقول إن نسبة تنفيذ ميزانية الوقف الشيعي في سنة 2008 هي 102% وفي عام 2009 (111% ) وفي عام 2010 (100%) ، بينما نسبة الانجاز في بعض الوزارات قد لا تتعدى 22% والباقي يرجع، والتخفيض لابد أن يخضع للموضوعية أما أن تخفض بنسبة 69% فهذا شيء يثير الكثير من التساؤلات"!وهذا مانوهت عن ايضا في مقال سابق قارنت فيه بين دعم الحكومة الاسرائيلية لطلبة العلوم الدينية هناك وبين مايحصل هنا كما ورد على الرابط http://www.sotaliraq.com/articlesiraq.php?id=80730
هشام حيدرالناصرية
http://husham.maktoobblog.com/
https://telegram.me/buratha