جاسم الصافي
وصل الصراع حد القلق على العملية السياسية في تلك الأشهر العجاف ، والحمد لله أن تشكلت الحكومة بعد أن دخلت في موسوعة ( غينس ) لكنها وضعت ( بيضة ام محين ): قوتان متجبرتان ، وحكومتان متناطحتان في كل شيء ، أحداهما قومية ودينها البعث وأخرى اسلاموية ودينها (الرفس)! ولعل الأولى استطاعت أن توحد دعم الخارج لها، من دون أن تملك مقومات وحدتها الذاتية التي صنعت ورممت وجملت من دول الجوار ، بينما الأخرى لم تحمد نعمة الأغلبية التي تمتلكها، فتفرعنت أغلبيتها وتتمسكن بقيتها ، وأخيرا دجنت هاتان القوتان (القومية والاسلاموية ) في إسطبل قوة ثالثة اصغر منهما ، وحصدت الأخيرة من هذا التناحر مكاسب أوصلتها حد التخمة ولم تحلم بها أي اقليه في العالم ، فكانت هي الرب والبقية طوع آمرها يسجدون لسلطانها، وهذا ما ألغى مفهوم الديـمقراطية ، وصار الحكم للأقلية ولم يبقى للأغلبية من شيء سوى حبر بنفسجي كفرهم بنعمة الله وفسقتهم في عيون إخوانهم وصدق من قال ضاع الحابل بالنابل اذ يذكرنا هذا بما حدث للسيدة فاطمة بنت الحسين (ع ) حين قالت : دخلت علينا العامة ، الفسطاط وفي رجلي خلخالين من الذهب ، فجعل رجل يفض الخلخالين من رجلي وهو يبكي . فقلت : ما يبكيك يا عدو الله ؟ قال : كيف لا ابكي وأنا اسلب ابنة رسول الله فقلت : فلا تسلبني . فقال : أخاف أن يجيء غيري فيأخذه . هكذا هي السياسة اليوم لا تعرف لها منطق او أخلاق، لدرجة أن صارت الحزبية دكتاتورية والوزارة عشائرية والحكومة طبقية ، ونمت عوازل ومفاهيم فئوية زادة ( الطين بله ) وأضافت الى الانقسام الطائفي انقسام اجتماعي ( طبقي ) ينمو بسرعة البرق ، لهذا أقول لمن يتصور انه يفهم الوضع السياسي في العراق بأنه واهم، الغزل (أتلخبط ) وصارت لعبة سياسينا لا أن يجدوا حلا لكل معضلة بل أن يجدوا معضلة لكل حل! ولهذا ما عادة تنفعنا الا تنجيمات العرافين التي تحسن قراءة مغالطات ومفارقات المشهد السياسي الجديد، وهذا ما تؤكده فضائياتنا التي تزدحم بالدجالين لدرجة أن يقف اغلب الشعب مبهور أمام ثقافة الغيبيات والتباشير بمذهب الانتظار ليوم مثل يوم التونسيين .
https://telegram.me/buratha