المقالات

ثورة تونس خارطة طريق الجياع

767 18:21:00 2011-01-20

فراس الغضبان الحمداني

 ما حدث في تونس لم يكن حدثا عاديا ومألوفا رغم انه كان متوقعا لان البراكين الخامدة لابد لها إن تتغير ذات يوم وان الجماهير تصبر على الظلم وتكظم غضبها لكنها حين تثور ترمي بالحكام الطغاة ورموز السلطات الأخرى في سلة المهملات ومزبلة التاريخ .

الخطير في الأمر إن حكامنا لا يتعظون فهم يأكلون ويشربون ويغتصبون ويظلمون ويقتلون ويختلسون ويجمعون المليارات ويكذبون كل الحقائق وكل ما تردده وسائل الإعلام بشان وجود جياع ومظلومين ومعتقلين أبرياء بسبب إبداء الرأي واستنكار القادة والترف والبذخ غير المعقول فهم دائما يفسرون هذه الوقائع بأنها إشاعات مغرضة وأجندات معادية تحركها قوى خارجية .

ومازال الحكام العرب يتصدرون قائمة كل الحكام المستبدين في العالم باحتقارهم لشعوبهم واستحواذهم الكامل للثروات والسلطة وهم أكثر حكام العالم غباء في التعامل مع الجماهير لان خوفهم يدفعهم بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وخنق أصواتهم وتهميش دورهم وإلغاء كيانهم ويفسرون قيام الشباب العاطلين عن العمل والذين لا يجدون قوت يومهم وعيالهم ويحرقون أنفسهم في الساحات العامة يعتقدون هؤلاء الحكام الطغاة أنها حوادث فردية لا يقدم عليها إلا المجانين وان كل المتظاهرين هم عملاء ولصوص وحاقدين .

إن هذه العنجهية التي كان يبديها حاكم تونس وغيره من الحكام العرب والملوك والرؤساء والأمراء سرعان ما تنهار بمجرد إن تصل صيحات المتظاهرين قرب الأسوار الخارجية لقصورهم الرئاسية حيث لا يجدون أمامهم إلا الهرب خارج الحدود سالمين غانمين بعد أن حولوا المليارات في أرصدتهم واشتروا العقارات والفلل والمزارع تحسبا لانهيارهم المخزي .

لقد كانت الانتفاضة التونسية إشارة البدء لاقتراب يوم القيامة على الحكام المستبدين فالجماهير تتحرك في شوارع الأردن وفي مصر المعز والسودان والجزائر وسوريا والمغرب وفلسطين واليمن ولبنان ولا نستبعد حتى دول الخليج وقبلها أيضا ليبيا القذافي الذي فسر الانتفاضة بعنجهيته ومخبوليته المعروفة حين اعتقدها غير الضرورية وكان بالإمكان الانتظار ثلاث سنوات وكأنه يتحدث عن لسان حاله وليس عن ابن علي المخلوع .

وفي العراق ظهرت طبقة من الأثرياء ( الديمقراطيين ) يمثلها أعضاء البرلمان والقيادات في الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة وتقابلها طبقة تظم ملايين البشر من العاطلين عن العمل والمهجرين والأرامل والأيتام واغلب هؤلاء يعيشون تحت خط الفقر وتحت رحمة الإرهاب مع انعدام شبه كامل للكهرباء والحد الأدنى من الخدمات وهم يعلمون جيدا إن العراق يسبح في بحيرة من الذهب الأسود ولم يحصل الفقراء منها على قوت يومهم بينما الحكام والحاشية يقبضون ويسرقون المليارات ويشيدون قصورا وناطحات سحاب في الخليج وفي مدن الضباب وعبر المحيطات .

وهذه الملايين من الفقراء التي تمتلك السلاح ولكنها تكظم غيضها وهي تتعرض كل يوم إلى عمليات تحريض من قبل أجندات إقليمية ودولية ومن وسائل إعلام وفضائيات وهم يصفون ويلوحون الحكام والحاشية والوزراء والمتنفذين والسماسرة والمزورين والبرلمانيين يعيشون حياة الأمراء غير مبالين في الفقراء إلا يفكر هؤلاء الحكام إن تنفجر في أي لحظة براكين وزلازل لا يمكن حينها إن تقارن بما حدث في تونس لأننا نعرف حجم التطرف والشخصنة العراقية وحجم المعانات المسكوت عنها لحد الآن والحر تكفيه الإشارة .

ما حدث في تونس هو بمثابة خارطة الطريق لكل الجياع في العالم هو درس بليغ ورسالة إلى كل الحكام والساسة بمختلف مناصبهم ودرجاتهم إن يأخذوه في نظر الاعتبار وعليهم إن يعجلوا بإصلاحات حقيقية بتوفير الخدمات اللائقة والسكن المريح وتوفير فرص العمل والاهتمام بالفقراء ورفع مستواهم المعيشي وتشغيل الشباب العاطلين وعدم التضييق على حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان وحرياته الخاصة قبل إن تتحول بحيرات النفط إلى نيران مستعرة لا تشابها إلا نيران جهنم وفي حينها سوف يحترق الأخضر واليابس وسوف تشتعل المنطقة برمتها وحينها سوف لا يجد حكامنا طائرات للهرب خارج البلاد ولن يجدوا حاكما في الشرق أو الغرب سيقبل استضافتهم وهم هاربين من شعوبهم وغضبة جماهيرهم إلا من كان منهم في الهوى سوى .

ولعل من المستغرب في الظاهرة العراقية أنها لا تأخذ بنظر الاعتبار الدروس المستخلصة من التجارب ، وكل ما يقال عن الرئيس التونسي فهو لا يصل بمستوى تعنت وغرور صدام حسين فالأول ترك البلاد خوفا على نفسه وأسرته أولا وأيضا لكي لا يدخل البلاد ببحر من الدماء ولكن صدام كما لاحظنا كان مصر على تخريب كل العراق حتى لو كان ذلك مقابل رأسه وهذا ما حدث فعلا .

وربما إن العناد هو ظاهرة عراقية ونحن لمسنا إن الحكام الجدد بكل مستوياتهم يصرون على البقاء في مناصبهم ولا يكترثون للآخرين ونرى وزيرا مصريا يستقيل اثر حادث تصادم بين قطارين ووزير كويتي يستقيل أيضا لوفاة مواطن اثر تعذيب في مركز للشرطة ونحن نرصد كوارث بشرية تحدث في كل العراق ولا يهتز لها ضمير كبار المسؤولين أو صغارهم ومهما كانت النتائج وشهدنا حوادث زهقت فيها أكثر من ألف ضحية مثل واقعة جسر ألائمة وتفجيرات أخرى دامية حصدت المئات فلم نسمع إن وزيرا أو ضابطا كبيرا تقدم باعتذار للشعب وأعلن استقالته .

إن هذا التشخيص هو الذي جعل البعض يتندرون على مليون عراقي عاطلين عن العمل لأنهم لو نزلوا إلى الشوارع وأقاموا طقوسا للحرق الجماعي وتفحمت مليون جثة على أمل تحريك ضمائر القادة وعلى الطريقة التونسية فانه لم ولن يحصل ذلك بل ولا يبالغ من يقول بان الحكام في العراق لو استيقظوا ذات صباح ووجدوا إن كل العراقيين انتحروا استنكارا لفشل برلمانهم وحكومتهم فإنهم سيجتمعون في البرلمان ويقررون على الفور استيراد شعب آخر من الهند والباكستان أو أفغانستان لكي يواصلوا ممارسة سلطاتهم وملذاتهم .

وفي الختام لا بد إن اذكر هذا البيت للشاعر أبو القاسم الشابي الذي حان وقته الآن :

إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بد إن يستجيب القدر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
امير العراقي
2011-01-24
كم انتم بخلاء على شعبكم ياحكومة العراق --العراق ارض اغلبها صحراويه فارغه واغلب الشعب يعيش بالايجار وبالعراء كم انتم بخلاء- العراق من اكبر بلدان العالم بالثروات والخيرات وشعب العراق اغلبه فقراء كم انتم بخلاء ياحكومه العراق - خزينة العراق مليئه بالمليارات وغنيه والشعب لاكهرباء ولاماء نقي كم انتم بخلاء -كل هذه المئات المليارات من الدولارات والخدمات شبه معدومه في العراق كم انتم بخلاء -تفكرون بانفسكم وحاشيتكم وتقصرون على شعبكم كم انتم بخلاء ياحكومه- بلد غني وشعب فقير كم انتم بخلاء ياحكومة العراق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك