قلم : سامي جواد كاظم
مواقف وبطولات في التاريخ الاسلامي تستحق وقفات ودراسات لدراسة ماهيتها ومنابعها واصلها وكيف تكونت حتى يمكننا تربية نفوسنا على ما تربت اصحاب النفوس العظيمة التي خدمت الاسلام وقد تكون بل انا اجزم ان كل ما يتعلق بالنهضة الحسينية المقدسة فيها مواقف تدمع العين لابطالها اذا ما استوعبناها وتصورناها بدقة وانا اقرأ كل ما يتعلق بهذه النهضة المباركة شد انتباهي وسالت دموعي واستصغرت نفسي ورجوت ربي ان يزيد ايماني ويوطن نفسي على ما وطن نفوس السائرين على درب الحسين عليه السلام .بطلنا وقدوتنا الشهيد السعيد الصنديد عبد الله بن عفيف الازدي وحكايته تقول :أن ابن زياد صعد المنبر في الكوفة فحمد الله وأثنى عليه (وهذه عبارات النفاق السياسي في ذلك العصر والتي اصبحت مالوفة اليوم) ، وقال في بعض كلامه: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر (أمير المؤمنين) وأشياعه، وقتل الكذاب ابن الكذاب فما زاد على هذا الكلام شيئاً كل الجالسين صامتون ولكن مزق صمتهم وجبنهم عبد الله بن عفيف الأزدي وكان من خيار الشيعة وزهادها، وكان يلازم المسجد الأعظم، فيصلي فيه إلى الليل، فقام وقال: يا ابن مرجانة إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك، ومن استعملك وأبوه، يا عدو الله أتقتلون أبناء النبيين، وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المؤمنين؟فغضب ابن زياد ثم قال: من هذا المتكلم ؟ فقال: أنا المتكلم يا عدو الله تقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنهم الرجس، وتزعم أنك على دين الإسلام ؟ وا غوثاه أين أولاد المهاجرين والأنصار لا ينتقمون من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين ؟ قال: فازداد غضب ابن زياد حتى انتفخت أوداجه وقال: علي به، فبادر إليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه، فقامت الأشراف من الأزد من بني عمه فخلصوه من أيدي الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به إلى منزله فقال ابن زياد: اذهبوا إلى هذا الأعمى أعمى الأزد، أعمى الله قلبهكما أعمى عينه، فائتوني به، فانطلقوا فلما بلغ ذلك الأزد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم قال: وبلغ ذلك إلى ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم إلى محمد بن الأشعث ( محمد ابن الاشعث ابوه الاشعث عدو الامام علي (ع) وامه اخت الخليفة الاول واخته جعدة قاتلة الامام الحسن (ع) ) وأمرهم بقتال القوم ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ووصلوا إلى دار عبد الله بن عفيف، فكسروا الباب واقتحموا عليه فصاحت ابنته: أتاك القوم من حيث تحذر، فقال: لا عليك ناوليني سيفي فناولته إياه ، وجعلت ابنته تقول: يا أبت ليتني كنت رجلاً أخاصم بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة، قال: وجعل القوم يدورون عليه من كل جهة وهو يذب عن نفسه، فلم يقدر عليه أحد وكلما جاؤوا من جهة قالت: يا أبه قد جاؤوك من جهة كذا حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به، فقالت بنته: واذلاه، يحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به، فجعل يدير سيفه ويقول:أقسم لو يفسح لي عن بصري ضاق عليكم موردي ومصدري فما زالوا به حتى أخذوه، ثم حمل فادخل على ابن زياد فلما رآه قال: الحمد لله الذي أخزاك، فقال له عبد الله بن عفيف: يا عدو الله ! وبماذا أخزاني الله ؟...فقال ابن زياد: والله لا سألتك عن شئ أو تذوق الموت فقال عبد الله بن عفيف: الحمد لله رب العالمين أما إني قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة قبل أن تلدك أمك وسألت الله أن يجعل ذلك على يدي ألعن خلقه وأبغضهم إليه، فلما كف بصري يئست من الشهادة، والآن الحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها، وعرفني الإجابة منه في قديم دعائي فقال ابن زياد: اضربوا عنقه ! فضربت عنقه وصلب في السبخة.دروس عظيمة تتجلى من هذه الرواية منها هل تعلمون ان بصر الشهيد عبد الله كيف فقده ؟ فقدَ احد عينيه في معركة الجمل وفقد الثانية في معركة صفين وهذا لم يزحزح ايمانه وحبه للعترة الطاهرة وللاسف عكس هذه الصورة كثيرا ما نراها اليوم .ودرس اخر هو دعائه بالشهادة والشهادة ليست ضرورية في المعركة وبين يدي المعصوم فان ما اقدم عليه ابن عفيف يعد من احلى واجلى صور الشهادة وقد افادنا بان استجابة الدعاء لها موجباتها ووقتها وقد لا تستجاب لمصلحة لنا او لحكمة الهية .
https://telegram.me/buratha