بقلم:محمد التميمي
اقصر واسهل وايسر الطرق نحو الديكتاتورية والاستبداد هو استحواذ فئة او شريحة او حزب او شخص معين على السلطات المختلفة بهذا الشكل او ذاك، والفرق بين الاستبداد والديمقراطية يبدو في بعض الاحيان صغيرا لكنه كبير جدا، والمسافة بين الاثنين هي الاخرى تبدو في بعض الاحيان صغيرة لكنها في واقع الامر كبيرة جدا، وهذه المسافة اذا كان صغيرة يمكن جعلها كبيرة، واذا كانت كبيرة يمكن جعلها صغيرة، وهذا يتوقف على ما بأيديهم زمام الامور ومقاليدها.في العراق من الصعب جدا القول ان مساحات الديكتاتورية والاستبداد اختفت وتلاشت مع سقوط نظام البعث الصدامي قبل حوالي ثمانية اعوام، ومن الصعب بمكان القول ان المنهج الديمقراطي الحقيقي وليس الشكلي هو الحاكم وهو الفيصل رغم الممارسات الانتخابية على مستويات متعددة ورغم حرية التعبير عن الرأي في وسائل الاعلام ومن على المنابر السياسية والثقافية والفكرية.وقد لاتكون هناك قيمة حقيقية وكبيرة للديمقراطية عند عامة الجمهور اذا كانت النخبة السياسية الحاكمة تتصرف بطريقة تفرغ الديمقراطية بأشكالها المختلفة من جوهرها ومضمونها وتجعلها مجرد شعارات استهلاكية ليس الا.ولانبالغ اذا قلنا ان الوضع في العراق هكذا يبدو للمتابع والمراقب عن كثب. بحيث يبدو واضحا ان التوازن والفصل بين السلطات الثلاث -التنفيذية والتشريعية والقضائية-قليل جدا ، ان لم يكن معدوما ومفقودا لحساب السلطة التنفذية، التي نراها تتمدد بأستمرار على السلطات الاخرى وتستحوذ على بعض من صلاحياتها ومهامها.والاستفسار الذي تقدم به مكتب رئيس الوزراء مؤخرا الى المحكمة الاتحادية عن تبعية بعض الهيئات المستقلة كهيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والبنك المركزي العراقي، وجواب المحكمة بأنها تتبع للسلطة التنفيذية وليس السلطة التشريعية الرقابية، امر في غاية الخطورة، ويمثل خطوات واضحة لتكريس منهج الاستبداد وتجاوز الاخرين من قبل السلطة التنفيذية، وهو يذكر باللاستفسار الذي تقدم به مكتب رئيس الوزراء ايضا حول تفسير الكتلة النيابية الاكبر، والذي ادخل البلاد في ازمة كبيرة ومعقدة كادت ان تقلب الامور رأسا على عقب.كيف يمكن للمفوضية العليا للانتخابات وهي التي يجب ان تتمتع بالاستقلالية ان تتبع للسلطة التنفيذية، ونفس الشيء ينطبق على هيئة النزاهة، وعلى البنك المركزي وعلى هيئات اخرى؟.واليوم هذه الهيئات ولانعلم ماذا سيحصل غدا، وماذا ستقرر المحكمة الاتحادية ان يوضع في جيب الحكومة؟.
https://telegram.me/buratha