ماجد محمد
في هـذا العصـر .. وفي هـذا الوقـت العصيـب بالـذات ! حيث سـادت قيـّم الجاهليـة الباليـة وأستوطنـت أخـلاق وصفـات بني أميـة في نفـوس الحكـّام والسلاطـين ، فتحولـوا لا الى أباطـرة يعيشـون في قصـور تفصلهـم عن عامـة النـاس ! ولا الى قياصـرة يتجنبـون البشـر ورؤيتهـم ! بـل تجاوزوهـا ليحـيوا في مناطـق محصنـة آمنـة ! خضراء واسعـة لا تصل إليهـا مآسـي الرعيـة وهمومهـا ! ناسـين ربهـم .... ناسـين أنفسهـم ..... ناسـين وعودهـم التي قطعوهـا وعقيـدة حملوهـا وأمانـة نكـثوا بهـا ! متنعمـين بخـيرات هي ليسـت لهـم ! وسلطـان لا يـدوم لأحـد ! ..... في هـذا الوقـت بالـذات بـرزت العمامـة السـوداء ... عمامـة رسـول الله في أحلـى صورهـا وأبهـى حُللهـا وأسمـى وقارهـا وتواضعهـا وهي تعلـو ساميـة تـُقبــّل أخـت قـدم مبتـورة لواحـد من المسلمـين ... بـل لواحـد من المؤمـنين الصادقـين ! ممن آمن بحـق بالله وبرسولـه وآل بيتـه الأطهـار المطهريـن ! وسـار بالأخـتين تاركـا الدنيـا خلفـه الى قـبر سبـط الرسـول وريحانتـه أبـي عبـدالله الحسـين وقـبر أخيـه العبـاس الكريـم حتى النفـس الأخـير سـلام الله عليهمـا وسلـم ، كـان يعلـم أن ضبـاع اللـؤم المستبيـت والحقـد الناصبـي المقيـت ينتظرونـه في الزوايـا المظلمـة المطلـة على الـدرب المظـئ فمشـى هادئـا هـدوء النفـس المطمئنـة وهو يحمـل لـواء الولايـة ، راضيـا بما قـد يصيبـه من فعـل ٍبائـس ٍلئيـم ، فكل دم يُسـال في حـب الحسـين هو دم ٌطاهـر ٌمقـدس ، وصدق الله وعـده " قـَد ْكـَان َلـَكُـمْ آيَـة ٌفِي فِـئتيْن ِإلـْتـَقـَتـَا فـِئـَة ٌتـُقاتـِلُ فِي سَبيـل ُالله وأُخـْرَى كـَافـِرَة ٌيَرَوْنـَهـُم مِّثـْلـَيـْهـِم ْرَأْي َالعَـيْن ِوالله يُؤَيـِّد ُبِنـَصْرِه ِمَن يَشـَاء إن َّفِي ذلك َلـَعـِبْرَة ًلـِّأ ُوِلي الأَبْصَار ِ" صدق الله العظيـم ( آل عمران آية 13 ) .عمـار ... لقـد توقفـت القيـّم العاليـة عنـدك ، وفاضـت حتى نكسـت تـُقبـّل أرجـل زوار إبن بنـت خـير البشـر ! إبن بنـت محمـد صلوات الله عليـه وعلى آلـه وسلـم ! إبـن سيـدة نسـاء العالمـين البتـول الطاهـرة فاطمـة ، إبـن علـي ربيـب الرسـول ووصيـه وأخـاه يـوم آخـى بين المهاجرين والأنصار ، فأي زيـارة تـلك التي تربـص بأصحابهـا خـوارج القـرن الجديـد ؟! كنـت تعـرف ياعمـار إنـك ما نكسـت رأسـك ! بـل رفعتـه الى السمـاء وعليـه عمامـة جـدك التي يرهبهـا الأعـداء ! لا والله ما نكسـته وفعــلك عصـي ٌعلى سـلاطين اليـوم ورثـة الحكـم الجائـر والكرسـي الملعـون ! ما نكستـه وعيونـي قـد دمعـت من فعـلك هـذا ! وأنـا الذي لا تبكيني إلا دمعـة لله ولجـدك الحسـين ! ما نكستـه إلا تكـبرا إيمانيـا ً وتواضعـا نبويـا علويــا لا يفهمـه إلا من قـرأ محمـدا وفهـم عليـا وعـرف حسينــا ! فشكـرا ياعمـار مرتين ! مـرة لأنـك خـير من يمثـل العمامـة السـوداء في أيامنـا السـود هـذه ! ومـرة لأنـك لجمـت جميـع من يبكـي الحسـين نفاقـا وريــاءا .
https://telegram.me/buratha