علي الطربوش
تونس تلك الدولة التي نادرا ما نسمع عنها خبراً على النشرة السياسية اليومية التي تتلوها القنوات والإذاعات والصحف وغيرها من وسائل الإعلام كون الظاهر أن الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية مستقرة فيها وعلى خير ما يرام ! وفجأة وبين ليلة وضحاها تتحول هذه البلاد " الهادئة " إلى حمم بركانية تتساقط على رؤوس حاكميها.وهذا أن دل على شيء إنما يدل على الأوجاع التي هي محشوة في دواخل المواطنين في بلدان العالم العربي والإسلامي والتي اقل ما يقال عنها بـ"المزمنة" كون حكام هذه الدول اعتادوا السرقة والتعذيب والإجرام والترهيب لمواطنيهم والتنكيل بهم أيما تنكيل إذا نطق منهم بحرف واحد على خلاف ما يشتهون ، وللأسف تعودنا نحن العرب والمسلمين أن تسقط حكوماتنا بالانقلابات العسكرية أو التدخلات الخارجية أما أن يثور الشعب ويغير سلطة فهذا غريب عن مشاريعنا وبعيد المنال عنا وهو ما لم يحدث إلا في إيران وهي حالة فريدة قل ما تتكرر مثلها كمثل مذنب "هالي" الذي لايطل علينا إلا حينا من الدهر ، وكما انه من الأمور الغريبة أن تحدث هذه الظاهرة في بلداننا العربية ونخصصها بالذكر " العربية " ! نعم لقد فرحنا لسقوط رأسا من الرؤوس السيئة التي تحكم بلاد العرب ونتمنى المزيد والمزيد حتى أخر جرذ منهم .فالعراق وبعد غزوه من قبل القوات الأمريكية شهد عمليات نهب لدوائر وممتلكات الدولة التي تداعت وقد سلط الإعلام العربي الضوء بشكل كبير على هذه الظاهرة بغية إظهار المواطن العراقي عبارة عن " لص " يتحين الفرصة ليلتهم نصيبه من السطو وما إلى ذلك ، وقد بذلوا جهودا حثيثة لهذا المبتغى ، أما في تونس الخضراء فقد تكررت حالة السلب والنهب لمحال تجارية وممتلكات عامة إلا أن الغريب في الأمر أن البوق العربي لم يزمر لهذه الحالة على غرار ما فعله في العراق ربما سابقا كان يتبادر في أذهاننا أن الإعلام بتركيزه ذاك كان يروم الحصول على أخبار أكثر إثارة و جاذبية لا غير إلا أن أحداث تونس قد أماطت اللثام بشكل نهائي عن الوجه الطائفي القبيح لإعلام بلاد العرب فطائفيتهم المقيتة تتلمسها بكل مفصل من مفاصل جسدهم النتن فهم فشلوا بكل شيء في السياسة فاشلين بامتياز في الاقتصاد حدث بلا حرج والقائمة تطول دون نهاية.أن ما حدث في تونس من تظاهرات ومسيرات احتجاج سلمية أمر سعيد للغاية ليس لكون البلد عربيا ، كلا ، فالعروبة قومية حالها كحال بقية القوميات الأخرى إذ دحض الرسول محمد " صلى الله عليه واله وسلم " مسألة تفضيل العرب عن غيرهم بحجة أن القرآن نزل باللغة العربية حيث قال " لا فرق بين عربيا أو أعجميا إلا بالتقوى " .فالعرب من حكام ومسؤولين وحتى إعلام رسمي هم مسيرون برغبات خارجية وتحركهم أيادي متقوين بها ، فثورة الياسمين ربما هي بمثابة تحذير للعصابات التي تحكم بلاد العرب وتسيطر على مقدرات وثروات شعوبهم الجائعة فالبداية كانت بصدام العرب " اخو هدلة " حيث كانت نهايته في حفرة وليلتحق بعده معاوية ولد سيدي حاكم موريتانيا فتونس الخضراء وبن علي الذي كان يقتسم السلطة مع زوجته وصولا إلى......؟
https://telegram.me/buratha